بيروت - "الحياة" يباشر مسرح مونو بدءاً من مساء غد تقديم مسرحية "ثعلب الشمال" للكاتبة الفرنسية نويل رونود. أما الاخراج فمن نبيل الأظن المخرج اللبناني الفرنسي المقيم في باريس. ترجم النص الى العربية عبده وازن ثم لبننه نبيل الأظن بمشاركة الممثلين في المسرحية ومنهم: رندة الأسمر، نقولا دانيال، تقلا شمعون، رضوان حمزة، يوسف حداد، ميراي بانوسيان. وفي ملخص المسرحية أن وداد الشخصية الرئيسية عانت الكثير بعدما تركها رياض، كي تتمكن وحدها من اعالة ابنها حكمت ومن تنشئته. الآن، وبعد عشرين عاماً، لا تتركه لحظة، غامرةً اياه بحبها الأمومي. لكن حكمت، ذلك الابن الذي بلا أب لن يتوقف عن البحث عن هويته، هائماً تحت السماء، عاشقاً. في "عالم" آخر تكتشف مدام منكوز، في الاربعين من عمرها، أن حياتها ليست إلا سراباً... اجتماعياً. وتكتشف أيضاً أن زوجها، رجل الأعمال الثري، لم يعد يرغب فيها وكذلك عشيقها، المثقف الانتهازي، فالاثنان يفضلان عليها السحر الفطري للخادمة. وبين هذين العالمين الصغيرين، يطل أنجيلو، الرجل غير الجميل، ملاك الشر، النصف شيطان والنصف مهرج، مترصداً ضحاياه، جاهزاً لأن يقفز عليها. وكتب الأظن ملاحظات على إخراجه المسرحية قائلاً: "اخترت مسرحية "ثعلب الشمال" كي تكون مسرحيتي الأولى باللغة العربية اللبنانية في لبنان. وثمة سببان أو ثلاثة لهذا الاختيار. أولاً لأن النص ينتمي الى الكتابة الدرامية الفرنسية الراهنة. وتبعاً لمواكبتي تلك الحركة الدراماتورجية منذ سنوات في فرنسا، كان من الطبيعي أن آتي بنص منها الى بلادي الأم. ثم لأن النص هو "ثعلب الشمال" ولأن المؤلفة هي بالتحديد نويل رونود. فبعد ان واكبت الكاتبة رونود أعمال كبار الكتاب الدراماتورجين في النصف الثاني من القرن العشرين، شرعت نصاً تلو آخر، في دفع حدود المسرح الى آفاق جديدة. وفي "ثعلب الشمال" جعلت المسرح ينفجر من الداخل من غير أن توحي بأنها تفعل ذلك قصداً. ثمة ما يجب تبيانه: كيف تتسلى مثلاً بدمج الأنواع: كوميديا البولفار، الدراما البرجوازية، القدر المأسوي والمونودراما الشعرية أو العبثية حتى الميلودراما، وكأنها تريد أن تسائل أكثر قدرة المسرح على التعبير عن العالم اليوم. وثمة ما يجب تبيانه أيضاً: كيف أنها "تمزج" كل ذلك في لغة رائعة، اليفة وغريبة في الوقت نفسه وفيها تبدو السخرية هي الملكة دوماً. كما لو أن الدراما يجب أن توضع على مسافة ما من اجل ان يُنظر اليها مواجهة. ولعل هذه الدراما، التي ولدت في خضم أزمة البحث عن الهوية من ناحية وانفجار الموئل العائلي من ناحية أخرى، ليست فرنسية فقط أو غربية، ولكنها تمثل أيضاً قضية حقيقية من قضايا المجتمع اللبناني اليوم. وتبعاً لذلك أيضاً، فان من الممكن أن تُقرَّب هذه المسرحية في أقصى حدّ من الجمهور، عبر لبننتها، ولكن من غير أن تفقد "هويتها". أما المؤلفة نويل رونود التي تزور حالياً لبنان في مناسبة افتتاح المسرحية فهي من أبرز الوجوه الجديدة في حركة الدراماتورجيا الفرنسية. تكتب اعمالها المسرحية انطلاقاً من متابعتها مهمات الأخراج والتمثيل في بعض المحترفات. ولذلك ترتقي نصوصها المسرحية بفن الكتابة الدرامية الى مصاف الدراماتورجيا المعاصرة المنطلقة من وعي حركية المسرح وجمالياته وتقنياته.