سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تحدث عن فشل سياسة كلينتون في الاحتواء والعزل واعتبر ان المبادرات الاقليمية ليست واعدة . المشروع الاميركي لحل مسألة جنوب السودان : خطة دولية لاقامة نظامين في دولة واحدة
باتت القضية السودانية على ابواب مرحلة جديدة ترشحها للانتقال الى مستوى الحل الدولي، بعد مطالبة فريق عمل شكله مركز الدراسات الاستراتيجية الاميركي ضم 27 من رجال الفكر والسياسة الاميركيين المهتمين بملف السودان، الادارة الاميركية الجديدة بتناول القضية بصورة جديدة وقيادة تحالف دولي يتولى طرح مبادرة جديدة. وقدم الفريق الى الادارة مشروع مبادرة تدرسه حاليا يركز على حل مشكلة الجنوب بصيغة "نظامين للجنوب والشمال في دولة واحدة". اكتسب جهد فريق العمل الاميركي الذي موله مركز الدراسات الاستراتيجية الاميركي لاجراء تقويم للمشكلة السودانية وسبل معالجتها اهمية خاصة لانه جاء في وقت تستعد فيه الادارة الاميركية الجديدة لمراجعة سياستها الخارجية في مناطق عدة، ولكون التغيير السياسي في واشنطن يتيح مجالا لتفكير جديد بعد فشل سياسة العزل والاحتواء التي انتهجتها ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون في تحقيق اي اختراق على صعيد العلاقات الثنائية او المشكلة السودانية. واستغرق عمل الفريق ثمانية اشهر وشارك في اعداده الى جانب الاعضاء ال 27 نحو 50 من الخبراء والمختصين واستمزج آراء القوى السياسية والدينية والقوى الأخرى الفاعلة في السودان. واشترك في رئاسة الفريق مدير برنامج افريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية الاميركي ستيفن موريس وعضو معهد بروكينغز فرانسيس دينغ، وهو سياسي سوداني جنوبي بارز استقر في الولاياتالمتحدة منذ اكثر من عشر سنوات. وبين المشاركين في وضع التقرير ممثلون لوزارة الخارجية ومجلس الامن القومي الاميركي ومجلسي النواب والشيوخ ومجلس الاستخبارات الوطني ولجنة الحريات الدينية وعدد من المنظمات الاميركية مثل مركز كارتر وورلد فيشن ووكالة المعونة الاميركية. ورأى فريق العمل الاميركي ان "المشكلة المركزية التي يتوقف عليها كل امر آخر في السودان هي الحرب التي تدور رحاها منذ العام 1983 في الجنوب". واعتبر ان "الفرصة مواتية الآن لادارة الرئيس جورج بوش الجديدة للانضمام بهمة الى جهود دولية قوية تقودها دول اوروبية مهتمة تعقد العزم على انهاء هذه الحرب". واضاف ان "الادارة الجديدة في موقع يؤهلها لاعتماد نظرة جديدة الى الموضوع السوداني وتجاوز سياسة الاحتواء والعزل التي نفذتها ادارة كلينتون وحققت نجاحا ضئيلا في انهاء الحرب او تعديل مواقف الخرطوم". وقررت المجموعة ان السودان "مهم بصورة كبيرة للمصالح الاميركية على الصعد الانسانية والامنية. وواشنطن لا تستطيع تجاهل ظروف السودان المأساوية التي تنحدر جذورها من هذه الحرب". ولاحظ المشروع الاميركي ان تزايد انتاج السودان من النفط خلال العامين الماضيين "قلب الميزان العسكري لمصلحة الحكومة السودانية، لكن الفترة ذاتها شهدت انقساما حادا في الحكم". وعلق على مواقف الدول المجاورة للسودان ومحيطه الاقليمي من الازمة داخله ووصفها بانها "مضطربة". وقال:"اصبح واضحا ان المبادرات الاقليمية المتنافسة لحل المشكلة السودانية ليست واعدة ابدا. وفي ظل هذه الحال، تملك الولاياتالمتحدة ميزة مهمة لانها الوحيدة بين عدد من الدول التي تستطيع الدخول في حوار جديد مع الخرطوم، وهي ايضا مصدر الدعم الانساني والديبلوماسي الرئيسي لفصائل المعارضة الجنوبية". وقدمت المذكرة التي اصدرتها مجموعة العمل توصيات محددة اقترحت على الادارة الاميركية ان تعتمدها في سياستها في الفترة المقبلة. وجاءت التوصيات على النحو الآتي: اولا - تركيز السياسة الاميركية على موضوع واحد غالب هو انهاء حرب الجنوب. ثانيا - الانضمام بفاعلية الى بريطانيا والنروج وجيران السودان لاقامة مجموعة ضغط دولية والاستعداد لادارة حوار مستمر ومتقدم بين الخرطوم والمعارضة الجنوبية بهدف انهاء الحرب، كوسيلة مركزية لضمان حقوق الانسان والاستقرار وتحسين الحكم الديموقراطي والامن الاقليمي. وستمون هذه المبادرة ضرورية للتحرك ابعد من المبادرات الاقليمية الجامدة. ثالثا - بناء المبادرة غير الاقليمية الجديدة على اتفاق مسبق بين الحكومة السودانية والمعارضة الجنوبية على اعلان المبادئ الذي اصدرته مبادرة دول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا - ايغاد كأساس للمفاوضات. رابعا - السعي الى لتوصل الى اتفاق على اقامة ترتيبات انتقالية تقوم على صيغة "سودان واحد ونظامان" وهي صيغة تحافظ على وحدة السودان مع اقليمين يحكمان نفسيهما ديموقراطيا في الشمال والجنوب. خامسا - تطوير خطة تحفيز وضغط دولية تحرك جانبي الصراع في اتجاه المشاركة في مفاوضات السلام بنيات طيبة. سادسا - حشد التأييد لاطلاق خطة دولية على مستوى عال لدعم جنوب يحكم نفسه، ويشمل ذلك التزامات جماعية وفردية كبيرة من الدول لتوفير الموارد الكافية لتحقيق ذلك. سابعا - اعطاء اولوية في التفاوض لخطوات بناء الثقة بين الطرفين وتشمل وقف النار وسحب القوات والحد من نشاط المليشيات، وتحسين اوضاع حقوق الانسان وتسهيل وصول المساعدات الانسانية، واقامة آلية لقسمة العائدات، وترسيم حدود الشمال والجنوب، وتعريف السلطات المركزية والاقليمية، وتقديم ضمانات دولية. ثامنا - اعادة السفارة الاميركية للعمل في الخرطوم بطاقم كامل، ويشمل ذلك تعيين سفير اميركي فيها. تاسعا - السعي الى تحقيق نجاح المفاوضات بين اميركا والسودان في ما يتعلق بمسألة الارهاب يوجد في السودان حاليا فريق امني اميركي يعمل منذ سنة تقريبا في مجال التحقيق في صحة الاتهامات الاميركية للسودان بدعم الارهاب. وناقش التقرير الذي صدر في 14 صفحة ملفات عدة اهمها وضع السودان في سلم الاولويات الاميركي، وتأثيرات انتاج النفط السوداني على الخارطة السياسية للبلاد، وتقويم سياسة كلينتون ازاء السودان، وفرص الادارة الحالية في اقرار سياسة جديدة، والفرص الضئيلة لنجاح المبادرات الاقليمية لحل المشكلة السودانية، وفكرة "دولة واحدة ونظامان" ومدى صلاحيتها، وسبل استخدام العصا والجزرة مع الاطراف في التفاوض. "دولة واحدة ونظامان"! وسعى الفريق الى توضيح جدوى اقتراحه وصلاحيته للسودان، مؤكدا ان الخطة تصلح كترتيبات للفترة الانتقالية على اساس ان يجرى بعدها استفتاء على تقرير المصير للجنوب. ودعا التقرير التحالف الدولي الذي اقترحه بقيادة الولاياتالمتحدةوبريطانيا والنروج الى "البناء على ما حققته مبادرة ايغاد"، خصوصا اعلان المبادئ الذي قبله الطرفان اساسا للتفاوض. لكن الفريق لام الخرطوم على عدم السير بجدية في التفاوض وفقا لذلك الاعلان والتلكؤ في قبوله. ورأى ان صيغة "سودان واحد ونظامان" تعطي الوحدة ميزة كبيرة "اذا طبقت بنية حسنة وضمانات دولية. وتمكن هذه الصيغة شعبي الشمال والجنوب من اقامة نظاميهما السياسيان وفقا لاولياتهما وتمنع حكومتي الشطرين من التعدي على سلطات بعضهما بعضا". واضاف ان توقيت اجراء الاستفتاء "يمكن ان يحسب بطريقة تعطي تجربة هذه الصيغة وقتا كافيا حتى وضوح نتائجها وامكان تقويمها". ودعا التقرير ايضا الى "النظر في شكاوى المهمشين في السودان خصوصا في منطقتي جبال النوبة غربا وتلال الانقسنا شرقا، من اجل استمتاع البلاد بسلام دائم". العصا والجزرة واقترح التقرير استخدام التحالف الدولي اساليب التحفيز والعقاب مع الخرطوم والمتمردين الجنوبيين. و رأى ان من الضروري توضيح ان وقف الحرب سيمكن الخرطوم من انفاق عائداتها التي تصرفها حاليا على خدمة مواطنيها، وان هذا هو الطريق الوحيد امامها لتحقيق شرعية دولية كاملة والدخول في علاقات مفيدة مع المنظمات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ونادي باريس، وتوسيع مجال استكشاف النفط واستخراجه ورفع الضغط المستمر عن الدول التي تساهم مع الخرطوم في استخراجه كندا والصين وماليزيا والنمسا وفرنسا وقطر والسويد. ودعا تحديدا الى رفض واشنطن التطبيع مع الحكومة السودانية اذا رفضت الاخيرة الفكرة واستخدام تأثيرها في المنظمات الدولية ولدى الدول ضد الخرطوم، ودعم اجراءات تمثل عقوبة للحكومة السودانية وعقبة امام تطوير قطاعها النفطي في المستقبل. اما في شأن المعارضة الشمالية والجنوبية، فان "من الضروري توضيح ان من الممكن تحقيق مكاسب اكثر لجهة المصالح السياسية والاقتصادية. ان المعارضة في وضع يمكنها من تصعيد الضغط الدولي حاليا، وكذلك فان التسوية الانتقالية ذات الضمانات الدولية الكثيرة ممكنة التحقيق حاليا وان بامكان التحالف حشد دعم دولي عيني وديبلوماسي لاقامة كيان جنوبي قادر على القيام بمهماته". ودعا الى توضيح انه في حال رفضت المعارضة الجنوبية التفاوض مفضلة تحقيق مكاسب عسكرية فان "الدعم السياسي الخارجي الذي تحصل عليه سيصبح معرضا للخطر". المبادرات الاقليمية ورأي التقرير ان المبادرات الاقليمية تحمل املا ضئيلا في انهاء الحرب، واعتبر ان مبادرة إيغاد حققت مكاسب اهمها اعلان المبادئ الذي يخير بين دولة علمانية ومنح تقرير المصير للجنوب، لكنه اوضح انه "لا يمكن الاعتماد على هذه المبادرة في اقناع الاطراف بالدخول في مفاوضات جدية". ووصف المبادرة المصرية - الليبية بانها طرحت اصلا كبديل لمبادرة "ايغاد"، خصوصا في شأن موضوع تقرير المصير لان البلدين يعارضانه. وافاد انها تركز على مصالحة شمالية وقال انها حققت القليل حتى الآن، لكن المطلوب وساطة حيوية اكثر من اقليمية اذا اريد تحقيق السلام.