ادى اقحام الديبلوماسية الإسرائيلية اعتراضها على ترشيح سورية إلى مقعد في مجلس الأمن الى اجماع آسيوي على تبني ترشيح سورية لتحل محل بنغلادش. وباتت المسألة محل تجاذب منذ الآن حتى موعد الانتخابات التي ستجري في تشرين الثاني نوفمبر وتدخل فيها اعتبارات تتعلق بملفي النزاع العربي - الإسرائيلي والعراق. وتبنت المجموعة الآسيوية والمجموعة العربية في الأممالمتحدة قبل أشهر ترشيح سورية لمقعد في المجلس للسنتين 2002 - 2004 من دون أي اعتراض، الأمر الذي كان تقليدياً صمام الامان لضمان المقعد للدولة المرشحة من جانب مجموعاتها الاقليمية. لكن الترشيح الافريقي لكل من ليبيا ثم السودان كان واجه المعارضة الأميركية القوية، ما أدى بليبيا إلى "مقايضة" توقيت ترشيحها مع مصر، وأدى بالسودان إلى خسارة المعركة على المقعد. وحسب المصادر، فإن التحرك لمعارضة سورية الآن هو إسرائيلي محض لا تتجاوب معه الولاياتالمتحدة جدياً، لكن الترابط بين المواقف السورية من المطالب الأميركية في شأن العراق سيلعب دوراً في المواقف الأميركية الترشيح، حسب التوقعات. ويذكر ان وزير الخارجية الأميركي كولن باول شدد على بعد الملف العراقي اثناء محادثاته في دمشق قبل أسابيع في إطار العمل على ضبط العلاقات النفطية بين العراق وجيرته لوضعها تحت الرقابة الدولية. وانبوب النفط العراقي - السوري يدخل في هذه الخانة. وفي واشنطن كر مصدر مأذون له في وزارة الخارجية الاميركية، امس، ان الولاياتالمتحدة تنظر الى سورية "كعضو فاعل ومحترم في الاممالمتحدة وان الولاياتالمتحدة ستنظر بعناية الى عضوية سورية في مجلس الامن الخريف المقبل". واضاف ان من السابق لأوانه ان تعلن الولاياتالمتحدة منذ الآن عن كيفية تصويتها في الخريف وهو امر تقليدي. واضاف المصدر ان تصرفات سورية واحترامها قرارات مجلس الامن خصوصاً في موضوع تصدير النفط العراقي من خلال خط الانابيب الذي يمر عبر اراضيها ووضعه تحت سقف الاممالمتحدة سيساعد على دعم عضويتها في مجلس الامن. ومنذ عودة باول من منطقة الشرق الاوسط ولقائه مع الرئيس السوري حافظ الاسد وتصريحاته عن دعم سورية تعديل العقوبات على العراق لتخفيف معاناة الشعب العراقي، بدأ بعض الاوساط القريبة من جماعات الضغط الاسرائيلية جهوداً بعيدة عن الاضواء في الكونغرس لحشد معارضة ضد دخول سورية الى مجلس الامن على اساس ان سورية غير مؤهلة لأن تكون في مجلس الامن بسبب عدم حيادها ازاء موضوعات تتعلق بالصراع العربي - الاسرائيلي ولبنان. وتسعى إسرائيل للضغط على الولاياتالمتحدة لمعارضة ترشيح سورية إلى مجلس الأمن بحجة ان سورية في "حال نزاع" رسمية مع دولة عضوة في الأممالمتحدة، وأنها لا تزال على قائمة "الارهاب" الأميركية. ولم يتبين اذا كان التحرك الإسرائيلي يصرّ على صد سورية من الوصول إلى مجلس الأمن، أو ان كانت في إطار الضغوط السياسية على دمشق. وكانت الديبلوماسية السورية في الاممالمتحدة بدأت حملة "اللوبي" التقليدية بثقة دعم المجموعة الآسيوية والمجموعة العربية لترشيحها بلا منافسة. لكن اقحام اسرائيل اعتراضها يغير في الوضع ويفرض استراتيجية جديدة سيما بعد الإطاحة بتقليد ضمان المقعد طالما دعمت المرشح له مجموعته الاقليمية. ومعروف ان تفاهم "جنتلمان" يقوم منذ عقود يضع دولة عربية في مجلس الأمن، آسيوية أو افريقية. هذا التفاهم ترسخ في المجموعتين الآسيوية والافريقية، وليس قانوناً في مجلس الأمن وضمن ميثاق الاممالمتحدة. وكانت صحيفة "هآرتس" نقلت عن السفير الاسرائيلية لدى الاممالمتحدة، يهودا لانكري قوله ان ترشيح سورية يتعارض مع البند 23 من ميثاق الاممالمتحدة الذي ينص على ان دخول بلد ما الى مجلس الأمن الدولي يجب ان يسهم في تحقيق "السلام الدولي والأمن". واكد رعنان غيسين الناطق باسم رئيس الوزراء ارييل شارون، المعارضة الاسرائيلية بقوله الى وكالة "فرانس برس" امس "سيكون امراً مستغرباً ان تدخل سورية، التي توفر الملجج لمنظمات ارهابية، الى مجلس الأمن الدولي المدعو الى العمل على تحقيق السلام والأمن"