بيروت - "الحياة" - لم تمر اتفاقات أهل الحكم على معالجة الأزمة الاقتصادية وخفض الانفاق في ادارات الدولة لتقليص العجز، والتي لقيت ارتياحاً في الأوساط كافة، من دون ثُغر. فتسريب المعلومات عن نتائج خلوة رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري الأحد الماضي، عما اتفقا عليه لقي اعتراضاً على نقطتين فيها: الأولى اعتراض وزير الداخلية الياس المر على فكرة الاستغناء عن تطويع الفي دركي في قوى الأمن الداخلي و450 عنصراً في الأمن العام، عبر نقل جنود من الجيش اللبناني الى هذين الجهازين الأمنيين توفيراً للمصاريف، والثانية اعتبار أوساط رئيس الجمهورية اميل لحود ان طرح فكرة لبنان دائرة انتخابية واحدة سابق لأوانه، واعلان عدد من الوزراء الموالين للرئاسة الموقف نفسه في تصريحات علنية. وجاءت هذه المواقف على رغم ان التسريبات عن خلوة بري - الحريري كانت اشارت الى ان لحود اطلع على فكرة الدائرة الواحدة هذه. لكن التباين حيال هاتين النقطتين لا يلغي، بحسب المصادر المتعددة، استمرار اتفاق الرؤساء الثلاثة على الإجراءات المتعلقة بالوضع الاقتصادي، بل يطرح مجدداً مسألة استباق الرؤساء ترويكا اجتماعات المؤسسات الدستورية مجلسي الوزراء والنواب باتفاقهم على أمور معينة، ما يثير حفظية الوزراء الحرصاء على صلاحياتهم. بحث رئيس الجمهورية اميل لحود مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري بعد ظهر أمس، في الاجراءات التي شرعت الدولة اللبنانية في اتخاذها لمعالجة الوضع الاقتصادي، وفي ردود الفعل عليها. وأولم لحود لهما لمناسبة عيد الأضحى وبحثوا في "الأوضاع الداخلية والوضع الاقليمي". واذ تكتمت مصادر رئيس الجمهورية على ما دار خلال اللقاء الذي دام زهاء ساعتين، أشارت مصادر مراقبة الى ان لا بد من ان يكون الرؤساء الثلاثة تطرقوا الى التباين الحاصل في شأن اعتماد الدائرة الواحدة للانتخابات على أساس النسبية والترشح في القضاء، والى الحرص على تجنب ظهورهم انهم يتفقون على خطوات في شكل يعيد الى الأذهان ترويكا الحكم. الا ان مصادر الحريري قالت إن الأجواء "ممتازة"، وان الأخير سيرافق لحود الى القمة العربية أواخر الشهر في عمان. وفي انتظار تسرب مزيد من المعلومات عما دار في اللقاء خصوصاً ان مصادر بري والحريري لاذت هي أيضاً بالصمت، فإن ردود الفعل على ما اتفق عليه الرؤساء، سواء الايجابية أو الاعتراضية، استمرت أمس. وعكست المواقف المعترضة على الدائرة الانتخابية ما نشرته "الحياة" في عدد أمس نقلاً عن مصدر مقرب من لحود بأن توقيت الفكرة سابق لأوانه. وقال نائب رئيس الحكومة عصام فارس ان "من السابق لأوانه طرح قانون الانتخاب الجديد، ولا بد من تأجيله ريثما نتمكن من رفع المعاناة عن اللبنانيين، من خلال معالجة المشكلة الاقتصادية الاجتماعية، لأن الأولوية يجب ان تعطى للملف المعيشي والاجتماعي الذي يشكل تحدياً للجميع، للخروج من الجو الضاغط الذي نحن فيه". وقال ل"الحياة" ان "قانون الانتخاب يجب ان يناقش في هدوء والا يسلق كما في السابق". ورأى ان "لدينا الوقت الكافي لمناقشة القانون واعطاء الفرصة لمشاركة شعبية وسياسية أوسع لابداء الرأي فيه، لكن هذا لا يمنع أي مسؤول من ابداء وجهة نظره في القانون، وفي النهاية يعود الى مجلس الوزراء وضع المشروع، واحالته على المجلس النيابي لمناقشته وادخال ما يقترحه من تعديلات". واعتبر وزير الاتصالات جان لوي قرداحي ان من المبكر الخوض في قانون الانتخاب، داعياً في حديث تلفزيوني الى الالتفات الى الأزمة المعيشية والاقتصادية. وقال انه يحبذ اعتماد الدائرة الفردية واذا تعذر ذلك، الدائرة المصغرة، رافضاً اعتماد الدائرة الواحدة. وكان وزير الداخلية الياس المر قال انه لن يمشي بأي مشروع لا يحظى بموافقة شعبية واسعة، حتى لو اتفق عليه الرؤساء، معتبراً ان ما تسرب عن الاستغناء عن التطويع في قوى الأمن كلام صحف وانه سيواصل تنفيذ قرار مجلس الوزراء في هذا الصدد. وصدرت انتقادات من قوى مسيحية فاعلة، فانتقد "حزب الوطنيين الأحرار" عودة لقاءات أهل السلطة "الثنائية والثلاثية على خلفية تثبيت مواقعهم وتحت عنوان التصدي للأزمات التي اسهم خيارهم في تفاقمها". واعتبر ان الحلول الاقتصادية "تستحيل في ظل غياب الثقة من جراء الهيمنة السورية وتدخلاتها التي مسخت المؤسسات". وأشار الى "تداخل المصالح الخاصة الذي أخذ منحى مافيوياً بالتهريب والمضاربة غير المشروعة مع المنتوجات اللبنانية". ورأى ان "أي اتفاق نتيجة لقاءات تحتكر تمثيل المؤسسات فوقي ومصيره الفشل". وعارض الدائرة الانتخابية الواحدة وأسف الحزب لتصريحات أهل الحكم، مشيراً الى ما أعلنه الرئيس لحود من دون ان يسميه بأن استعداء لبنان محيطه العربي أثبت عدم جدواه. وسأل البيان: "هل الدفاع عن لبنان وثوابته يعد خروجاً على المحيط العربي ورهاناً على أعدائه؟ وهل تغييب القرار اللبناني برهان ولاء للوطن؟". كذلك أعلنت الرابطة المارونية رفضها الدائرة الانتخابية الواحدة في قانون الانتخاب، معتبرة انه توجه يتجاهل في طرحه الفوقي شركاء أساسيين في الوطن. وأضافت: "لا يعود الى أصحاب الطرح، بتوافق منفرد، تعيين ممثلينا في المجلس النيابي". وانتقدت القرارات الاستنسابية بتحويل متعاملين في وزارة الاعلام الى مجلس الخدمة المدنية ودافعت عن الاعلاميين. وطالبت الدولة بتطهير شركة طيران الشرق الأوسط من المحسوبيات واعتماد الكفاية قبل اتخاذ أي تدبير في حق الفائض من الموظفين. وامتدحت زيارة البطريرك الماروني نصرالله صفير لأميركا ونقله القضية اللبنانية بكل ابعادها. ودعت المسؤولين عن الدولة "الى كبح مشاريعهم الخاصة المتناحرة أو المتقاطعة". الى ذلك، اطلع الوزير السابق فؤاد بطرسالحريري على أجواء لقائه الرئيس السوري بشار الأسد. واكتفى بالقول انه اتفق مع الحريري على "معاودة الاجتماع"، مؤكداً "ان الكلام في هذا الوقت لا يفيد".