يعيش الفنان أحمد زكي، هذه الأيام، فرحة الانتهاء من آخر انجازاته السينمائية: "أيام السادات"، الذي وصفه عدد من المهتمين في شؤون السينما بأنه فيلم "من الوزن الثقيل فنياً"... فهو عن الرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي جسد زكي شخصيته فيه، وكتبه أحمد بهجت وأخرجه محمد خان، أي أن العناصر الذين حققوه ذوو شأن، كل في مجاله. "الحياة" التقت أحمد زكي الذي يستعد هذه الأيام لإقامة عرض خاص لفيلمه الجديد، وقد قال عنه: "إنه سيكون عرضاً عظيماً... في المسرح الكبير في دار الأوبرا. وسأدعو إليه جميع ابناء زعماء مصر الرؤساء حسني مبارك والسادات وجمال عبد الناصر، وجميع السفراء والفنانين والمثقفين... وأتمنى أن تكون ليلة في حب مصر". ما الذي تأمل بأن يحققه "أيام السادات"؟ - لا أريد القول إن رد الفعل بدأ حتى قبل عرضه في دور السينما. فالصحافة العالمية اهتمت وهناك أكثر من صحافي أوروبي حضر إلى القاهرة لمقابلتي، وآخر هؤلاء صحافي من صحيفة "التلغراف" الهولندية. أنا أدعو من خلال هذا الفيلم الى التمسك بالسلام العادل والشامل، من خلال قصة زعيم كافح وجاهد وانتصر، ثم اتخذ من السلام طريقاً بعد الانتصار من أجل حياة أفضل بعيداً من الحروب وسفك الدماء. لن أطرح عليك السؤال الدائم الذي سيطرح عليك كثيراً... وهو لماذا السادات الآن؟ ولكن اسألك ما الذي اغراك للدنو من مثل هذه الشخصية من الناحية الفنية؟ - في شخصية الرئيس الراحل أنور السادات نقاط اغراء كثيرة فنياً، ومن الصعب أن يكون له شبيه مرة أخرى. فهو عرف في حياته كل أنواع الشقاء والرخاء: تشرد وهرب وناضل وكافح وانتصر و"عمل السلام" وقُتل. انها حياة مليئة وحافلة بالمواقف الدرامية. ثم ان في الشخصية نفسها عوامل جذب أخرى خاصة بي، ومنها انني أردت أن أقدم فيلماً عن السادات من أجل الأجيال التي لم تعاصر انجازاته. وبكل موضوعية فهذا تاريخ لا يقبل وجهات النظر وانما الطرح بكل موضوعية، خصوصاً أن هناك من لا يحب السادات ولا يكتب الا السلبي عنه، وهناك من يحبه ولا يكتب الا الايجابيات. ونحن في "أيام السادات" نقدم الايجابيات والسلبيات ما له وما عليه. ماذا تقول، منذ الآن، للذين يستعدون لتوجيه الانتقادات اليك، على خلفية سياسية لا على خلفية فنية؟ - أنا من حزب الخير والجمال وهو حزب الفن. هذا الحزب مع الجميع ومع الشرفاء من أبناء الوطن. فأنا قدمت فيلماً عن جمال عبدالناصر والآن اقدم آخر عن أنور السادات، وأنوي في المستقبل تقديم فيلم عن الرئيس مبارك صاحب الضربة الجوية التي فتحت باب نصر تشرين الأول اكتوبر 1973. وهذا يعني أنني واحد من الشعب لا أتحيز الى مرحلة على حساب أخرى، لأن هدف كل الزعماء كان سعادة المواطن البسيط والعمل على تخفيف الأعباء عنه. وأنا شخصياً قلت مئة مرة وأقول اليوم إنني ابن الثورة التي سعدت كثيراً لانتصاراتها، وتجرعت مرارة هزائمها، وعندما قدمت فيلماً عن عبدالناصر هاجمني البعض. والآن أتوقع أن أهاجَم بسبب السادات. ولا أعرف سبباً لهذا الهجوم. المهم انني أشعر انني أقدم "وحدة وطنية" من خلال أعمالي الفنية التي تهدف الى تخليد إنجازات الزعماء بعيداً من المهاترات والخلافات السياسية. شخصيات فنياً... من يسعدك أكثر، شخصيات الزعماء أم الشخصيات التي تمثلها في الأدوار الفنية العادية؟ - أنا قدمت كثيراً من الشخصيات. المحامي والضابط والتاجر والعسكري والطالب والأب. اقتربت من الحياة البسيطة للمواطن المصري، وأنا استمتع الآن بالاقتراب من الرموز وأصحاب القرار. وإذا كنت كفنان استمتع كثيراً عندما اقدم شخصية رجل مهموم بأسرته ومشكلات عمله، فما بالك حين ارصد حياة صاحب قرار ورئيس دولة، ماذا يدور في عقله؟ وماذا يحمل قلبه من هموم خاصة بالملايين من الشعب؟ وماذا عن سياسة الدولة الداخلية والخارجية؟ هناك من يخشى أن تقدم فيلماً لتمجيد الرئيس السادات فقط من دون الإشارة الى السلبيات؟ - يا أخي أنا قلت إنني أقدم فيلماً للأجيال وبكل موضوعية. فالفن عندي يعني مسؤولية وموضوعية وحياداً تاماً. ونحن في هذا الفيلم نقدم حياة الرئيس السادات مذ كان شاباً إلى أن أصبح رئيساً مروراً بكل القرارات التي اتخذها ايجابية أم سلبية، لأن الموضوعية تحتم علينا أن نطرح كل شيء. وأذكر عندما التقيت السيدة الفاضلة جيهان السادات، قلت لها إن الفيلم سيكون فيه ايجابيات وسلبيات. والحقيقة انني يومها فوجئت بردها عليَّ، اذ قالت: "اذا لم يكن كذلك، لا يكون فيلماً"، فعلاً رد السيدة جيهان أسعدني. حياة الرئيس السادات مليئة بالمواقف الإنسانية والتاريخية المهمة، على اي من الجوانب ركزت أكثر؟ - الفيلم اسمه "أيام السادات"، وهذا يعني أننا أخذنا أيام حياته، بحلوها ومرها، سواء كانت تتعلق بالجانب الإنساني أو بالقرارات المصيرية والتاريخية. سؤال تأخرت في طرحه. وهو كيف اقتربت من شخصية السادات نفسياً لا شكلاً؟ - عندما قررت القيام ببطولة الشريط كنت مبهوراً بأشياء كثيرة وعندي تساؤلات ايضاً، لذا احضرت كثيراً من الكتب "اللي مع واللي ضد السادات" والتقيت كثيراً من الذين اقتربوا من الرئىس الراحل. وبعدما وجدت الاجابات، "عملت" تاريخاً للشخصية، وبعد تلك المرحلة دخلت في مرحلة التجسيد كي أكون مقتنعاً بما أقدم اي انني عملت دراسة على الشخصية ثم دخلت المرحلة الشكلية التي فيها خفضت وزني، مع كل مرحلة من المراحل العمرية وأزلت مقدمة شعري. ماذا عن المشكلات التي تواجهك بعد انتهاء التصوير؟ - إسرائيل من أكبر المشكلات التي تقف عقبة في مواجهة الفيلم. كيف؟ - بتعنتها وقتلها الأبرياء في الأراضي العربية الفلسطينية وهذا انعكس تماماً على الفيلم. فعندما يحدث هجوم على الأشقاء العرب يتوقف الكلام على تسويق الفيلم في الخارج. وعندما تستأنف مفاوضات السلام أجد الترحيب بتوزيعه عربياً. علمت أنك ستهدي الفيلم الى الرئيس مبارك؟ - هذا صحيح، سأهدي "أيام السادات" إلى الرئيس مبارك، وقد كتبت على عناوين الفيلم جملة تقول: "لولا اهتمام الرئيس مبارك شخصياً بانتاج "أيام السادات" لما كان أُنجز". والحقيقة أن الرئيس مبارك كان دعمه كبيراً جداً حتى رأى الفيلم النور. وأخيراً، ماذا عن الرسالة التي تود قولها عبر "أيام السادات"؟ - أوجه من خلال الفيلم، وفي نهايته، رسالة سلام الى العالم كله تقول: "يا رجال الارض ونساءها شجعوا قياداتكم على النضال من اجل السلام. يا من فقد اباً او اخاً، يا كل ضحايا الحرب... اجعلوا الأمل انشودة عمل ونضال وارادة. انشروا السلام".