يبدأ محامو الدفاع عن أربعة متهمين يحاكمون أمام محكمة مانهاتن الفيديرالية في نيويورك في قضية تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في شرق افريقيا سنة 1998، في استجواب شاهد الادعاء جمال أحمد الفضل المعروف باسم "أبو فضل السوداني" يوم الثلثاء المقبل. ويتوقع ان يسعى الدفاع الى اقناع هيئة المحلفين المؤلفة من 12 رجلاً وامرأة، بأن الشاهد السوداني يفتقد الصدقية خصوصاً بعد إقراره بسرقة أكثر من مئة ألف دولار من أموال تنظيم "القاعدة" بزعامة اسامة بن لادن. وقدم السوداني على مدى يومين، امام محكمة مانهاتن التي شهدت اجراءات أمن بالغة الشدة، شهادات تفصيلية عن تنظيم "القاعدة" وهرمية قيادته ولجانه والجماعات الاسلامية الجهادية المرتبطة به. كذلك تحدث عن سعي ابن لادن الى امتلاك أسلحة دمار شامل مادة يورانيوم. وترك "أبو بكر السوداني" تنظيم "القاعدة" في منتصف 1999 بعدما اشترط عليه ابن لادن إعادة كل الأموال التي سرقها. وانتقل من السودان، مقر "القاعدة" في تلك الفترة، الى دولة أخرى لم تحدد واتصل بالسفارة الأميركية فيها عارضاً خدماته على الاستخبارات الأميركية. وبعد استجوابه مطولاً أمام ضباط مكتب التحقيق الفيديرالي اف. بي. آي ووزارة العدل الأميركية، وافق "أبو بكر" على الاقرار بأنه "مذنب" بتهم ارهابية تتعلق بنشاطه في تنظيم "القاعدة". ووعده الأميركيون، في المقابل، بالطلب من القضاء عدم انزال عقوبة طويلة في حقه. وهو يواجه عقوبة بالسجن تصل الى 15 سنة، لكن ذلك مستبعد نظراً الى خدماته التي قدمها الى المحققين الأميركيين الذين قدموا له ولعائلته الموضوعة تحت "نظام حماية الشهود" مبلغ 20 ألف دولار ل"بدء حياة جديدة". وربط السوداني في شهادته أحد المتهمين في قضية السفارتين الأميركي اللبناني الأصل وديع الحاج "أبو عبدالله اللبناني" بتنظيم "القاعدة" وابن لادن. ولا ينفي محامو الحاج علاقة موكلهم بابن لادن، ويقولون انه عمل بالفعل سكرتيراً لابن لادن خلال وجود الأخير في السودان. لكنهم ينفون انه ضالع في "مؤامرة عالمية لقتل الأميركيين" يتزعمها ابن لادن. ويؤكدون انه رجل مسالم لم يؤذ أحداً" و"لا يقبل أبداً قتل النساء والأطفال". ويواجه الحاج عقوبة السجن مدى الحياة بسبب "كذبه" امام هيئة محلفين خاصة في 1997 بشأن علاقته بابن لادن وقادة تنظيم "القاعدة". ولم يشر "أبو بكر السوداني" المعروف ب"المصدر السري - 1" CS1، الى المتهمين الثلاثة الآخرين في قضية تفجير السفارتين: محمد الصادق عودة فلسطيني، ومحمد راشد داود الأولي سعودي ومحمد خلفان خميس تنزاني. ويواجه الأخيران عقوبة الاعدام في حال ادانتهما. والأولي متهم بالمشاركة في تفجير السفارة الأميركية في نيروبي في 7 آب اغسطس 1998، في حين يتهم خلفان خميس بالمشاركة في تفجير السفارة في دار السلام في اليوم ذاته. وفي حين أقر محامي الشاب التنزاني بضلوع موكله في الإعداد لنسف السفارة، امتنع محامي الشاب السعودي عن تقديم مرافعة توضح علاقة موكله في قضية التفجير في العاصمة الكينية. وأكد الشاهد السوداني، في المقابل، ان أحد المتهمين في قضية السفارتين وهو محمود ممدوح سليم أبو هاجر العراقي متورط بالفعل في "مؤامرة قتل الأميركيين". وسليم موقوف حالياً في نيويورك وكان يتوقع ان يحاكم مع الاربعة الآخرين امام محكمة مانهاتن. لكن الادعاء فصل قضيته عن الآخرين بعدما اتهمه بطعن أحد حراسه في السجن في عينه. وزعم "أبو بكر" ان "أبو هاجر العراقي" برر فتوى تبيح قتل المدنيين خلال تنفيذ "القاعدة" هجمات على منشآت أميركية. وزعم ايضاً انه تورط في جهود "القاعدة" لشراء أسلحة دمار شامل في السودان. ويعتمد الادعاء الأميركي الى حد كبير على معلومات السوداني في طلبه تسلّم ثلاثة رجال معتقلين في لندن بتهمة التورط في قضية "المؤامرة لقتل الأميركيين". والثلاثة هم السعودي خالد الفواز الذي كان يدير مكتب "هيئة النصيحة" في لندن، والمصريان عادل عبدالمجيد عبدالباري وابراهيم العيدروس المتهمان بعضوية "جماعة الجهاد" المصرية. وسعى محامو الثلاثة الى اقناع المحاكم البريطانية برفض تسليمهم الى الولاياتالمتحدة على أساس ان الاتهامات الموجهة اليهم خصوصاً الفواز تعتمد على معلومات شاهد سري سي. اس. 1. ويتوقع ان يحاول محامو الثلاثة الآن، بعد كشف هوية الشاهد السري، الى اقناع القضاء البريطاني بعدم قبول معلومات "أبو بكر السوداني" على أساس ان سارقاً لا يمكن الوثوق به. الى "أبو بكر السوداني"، لدى الادعاء الأميركي شاهدان آخران على الأقل من داخل تنظيم "القاعدة". وبات معروفاً ان أحدهما هو العريف السابق في الجيش الأميركي علي محمد علي أبو السعود الذي كان من مساعدي ابن لادن. وأبو السعود مسجون في الولاياتالمتحدة، وهو توصل الى اتفاق مع القضاء الأميركي على تقديم معلوماته عن "القاعدة" وابن لادن والإقرار بذنبه في تهم ارهابية في مقابل طلب الادعاء عقوبة مخففة له. وأبو السعود، وهو مصري الأصل، محكوم بالاعدام غيابياً في القاهرة في قضية "العائدون من البانيا". واضافة الى الشهود، يتوقع ان يبرز الادعاء في المحكمة وثائق مصادرة من اوكار سرية لتنظيم "القاعدة" وتسجيلات سرية لمكالمات هاتفية بين المتهمين وقادة في تنظيم ابن لادن. وتعرض الولاياتالمتحدة مكافأة مقدارها خمسة ملايين دولار لمن يساعد في اعتقال ابن لادن وتقديمه الى القضاء وادانته بتهمة تفجير السفارتين.