"إيجازاً للمدى الذي بلغه الطرفان ]الفلسطيني والاسرائيلي[ مع انتهاء محادثات طابا، سرّب لي رسميّ معني بمفاوضات السلام نسخة عن محاضر اللقاء الذي عقده الرئيس كلينتون في 23 كانون الأول ديسمبر مع مفاوضي الطرفين. والنص يرسم الأساس، الذي لا يزال مطلوباً كشف النقاب عنه، في المجالات الاربعة الاساسية للمناقشات: الأرض، الأمن، القدس واللاجئين. في مسألة الأرض، نصح السيد كلينتون بالتالي: "اعتقد ان الحل ينبغي ان يدور حول ال95 في المئة، بين 94 و96 في المئة من اراضي الضفة الغربية". الفلسطينيون أحرزوا هذا في طابا. في ما خص المستوطنات، وافق الاسرائيليون على تجميعها حول القدس وتل ابيب وعلى دمج 80 في المئة من المستوطنين في اسرائيل. بالنسبة الى الأمن، قال كلينتون ان "المفتاح يكمن في حضور دولي يمكن سحبه فقط بموافقة الطرفين". الجانبان وافقا على القبول بقوات دولية، مع ثلاث "محطات انذار مبكر" اسرائيلية في الضفة الغربية. وعن القدس، تبنى الطرفان مقاربة السيد كلينتون الذي نصح بأن "المبدأ العام هو ان تكون المناطق العربية فلسطينية والمناطق اليهودية اسرائيلية. وهذا ما يصحّ في المدينة القديمة أيضاً". الطرفان وافقا على ان تصبح القدس عاصمة لاسرائيل وفلسطين على السواء. كما قدما صياغة أوليّة توفّر، بحسب كلمات السيد كلينتون، "السيادة الفلسطينية على الحرم الشريف والسيادة الاسرائيلية على الحائط الغربي". وفقط حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين عجز الطرفان عن التوصل الى اتفاق...". هذا ما كتبه ديفيد اغناتيوس في "واشنطن بوست" و"هيرالد تريبيون" يوم الاثنين الماضي. وهو، فضلاً عن معلومات وتسريبات أخرى، ما يفسّر الموقف الحكيم لبعض المفاوضين الفلسطينيين الذين ارادوا التوصّل الى اتفاق مع باراك وطيّ ورقة العودة... المستحيلة. مصدر الحكمة في هذا الموقف توازن القوى. ولكنْ أيضاً أن البديل ارييل شارون هو من يمكن تلخيص مواقفه بالتالي: على الفلسطينيين نسيان كل "التنازلات" التي قدمها باراك. تقديم 42 في المئة فقط من اراضي الضفة الغربية مقارنةً بال95 في المئة الباراكية. كل المستوطنات في الضفة الغربية ستبقى، والمائتا الف فلسطيني ممن يعيشون في القدسالشرقية سيبقون خاضعين للسيادة الاسرائيلية. الاتفاق مع سورية ليس في الوارد تبعاً لتعهد شارون عدم الانسحاب من الجولان. اما اذا عطفنا تاريخه الى مواقفه، امكننا اضافة هذا البند: ان احتمال اهاجة الوضع اللبناني ل"إخراج السوريين" ليس مستبعداً كلياً. ورمزياً يمكن القول ان معركة الأمس كانت بين الذي دخل الى لبنان والذي خرج منه. فاذا جاز القول ان الخيار بينهما صعب تبعاً لمرارة الاشهر الاخيرة، بقي انه سهل وبسيط تبعاً لأية مقارنة سياسية. وهذا، على اية حال، ما فات أوانه. فنجاح شارون، اذا ما صحّت التوقعات جميعاً، سيجعلنا نعوّل على مصاعبه الحكومية وعلى تدخل جورج بوش لانقاذنا. وهذا اقرب الى ركاب قارب بدأ يغرق، فقرروا احراقه علّ طائرة تعبر في السماء فتشاهد النار ثم تهبط لانقاذ القارب واهله. علّ وعسى...