بدأت أمس في المحكمة الفيديرالية في مانهاتن محاكمة أربعة رجال متهمين بالتورط في "مؤامرة عالمية" لقتل الأميركيين وتفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في شرق افريقيا عام 1998. ويواجه اثنان من المتهمين عقوبة الإعدام في حال ادانتهما، فيما يواجه الآخران عقوبة السجن المؤبد. افتتح الادعاء الجلسة الصباحية للمحكمة، التي عُقدت وسط اجراءات أمنية كثيفة، بتلخيص "الأدلة" التي تملكها الحكومة الأميركية ضد الأربعة، وهم: محمد داوود العوهلي، محمد الصادق عودة، وديع الحاج، وخلفان خميس محمد. وشرح ممثل الادعاء بول بتلر لهيئة المحلفين المؤلفة من 12 شخصاً، كيف بدأت "المؤامرة" لقتل الأميركيين وكيف تورط فيها المتهمون الأربعة. وتحدث عن تنظيم "القاعدة" الذي يقوده اسامة بن لادن وعن علاقة المتهمين به. كذلك تحدث عن التحضير لتفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في كينيا وتنزانيا في آب اغسطس 1998، وعن دور المتهمين محمود العوهلي سعودي وخلفان محمد ومحمد عودة فلسطيني. وأشار إلى مثول وديع الحاج أمام محاكم أميركية في 1997 وسؤاله عن علاقته بابن لادن وتنظيم "القاعدة" وبعض قادة هذا التنظيم، مؤكداً أن وديع الحاج "كذب" أمام المحكمة في شأن علاقته بالتنظيم. وأشار إلى ان وديع الحاج كان يعرف ب"المؤامرة لقتل الأميركيين" وتورط فيها من خلال عمله سكرتيراً لأسامة بن لادن في السودان. وفي جلسة بعد الظهر، تحدث محامي الحاج داعياً هيئة المحلفين إلى عدم الخلط بين "العمل الارهابي وعدالة القضاء الأميركي" وبعدما دان عملية تفجير سفارتي أميركا في نيروبي ودار السلام، قال إنه سيقدم أدلة خلال المحاكمة تؤكد أن وديع الحاج لم يتورط في أي عمل عنف ضد الأميركيين، ولم يتورط في "المؤامرة" مع أسامة بن لادن و"لم يقبل ولن يقبل أن يتورط في قتل نساء وأطفال" في أي مكان في العالم. وتابع انه "لا يدافع عن ابن لادن. ولا أقول إنه لا يُشكل خطراً على الولاياتالمتحدة ... أنا هنا للدفاع عن وديع الحاج". وقال ان موكله عمل بالفعل سكرتيراً لابن لادن في السودان ويعرف العديد من المتهمين في قضية المؤامرة لقتل الأميركيين. وشرح أن الحاج ولد في لبنان في 1960 لعائلة مسيحية وسافر مع والده إلى الكويت حيث أشهر إسلامه. لكنه لم يُعلن ذلك سوى بعد سفره إلى الولاياتالمتحدة للدراسة. وأضاف ان وديع سافر إلى أفغانستان بعد حصول الغزو السوفياتي وعمل في مؤسسة اغاثة، لكنه لم يشارك في أي قتال. وأضاف انه تعرف هناك الى العديد من قادة المجاهدين وبينهم قادة يعملون مع ابن لادن. وأشار إلى أنه تعرف أيضاً الى فتاة أميركية أشهرت إسلامها فتزوجا وعادا إلى الولاياتالمتحدة. وقال ان وديع الحاج بقي ملتزماً الدفاع عن قضايا المسلمين في العالم، لكنه لم يشارك في أي عنف ضد الأميركيين. وأكد مجدداً أن وديع لم يشارك في أي عمل ضد مواطني الولاياتالمتحدة، وأنه سيثبت ذلك في المحكمة. وأقامت سلطات الأمن الأميركية حواجز مسلحة أمام قاعة المحكمة الفيديرالية، وبينها حاجز قادر على صد شاحنة ملغومة بأكثر من طنين من المتفجرات. وكلفت اجراءات الأمن حتى الآن أكثر من مليون ونصف مليون دولار. وحضر جلسة المحكمة أمس عدد كبير من الإعلاميين وذوي الضحايا الذين قتلوا في تفجير السفارتين. وتجاوز عدد ضحايا التفجيرين 224 قتيلاً بينهم 12 أميركياً. ورفع بعض ذوي الضحايا دعاوى على وزارة الخارجية الأميركية بسبب "تقصيرها" في حماية السفارتين على رغم معرفتها بإمكان تعرضهما لهجمات. من جهة اخرى نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن قريبين من المحاكمة ان الشاهد الأول الذي ستقدمه الحكومة الأميركية أمام هيئة المحلفين السرية قد يكون مساعداً سابقاً لأسامة بن لادن، وتحول إلى التعاون مع السلطات الأميركية ويُعرف فقط بلقب "CS-1" من دون الكشف عن هويته. ويأمل الادعاء بأن تشكل شهادة "CS-1" أساساً للاتهامات الموجهة ضد ابن لادن، وكان مفترضاً ان يقدم الشاهد السري عرضاً ليومين حول مختلف النشاطات المزعومة التي يقال إن ابن لادن ومنظمة "القاعدة" وراءها، بما فيها الهجوم على القوات الأميركية في الصومال عام 1993 وتفجير السفارتين في كينيا وتنزانيا. وإلى الشاهد السري يعول الادعاء أيضاً على شهادة مساعد آخر لابن لادن هو علي محمد الذي سبق وعمل في الاستخبارات المصرية وخدم في الجيش الأميركي، وتزعم الحكومة الأميركية أنه عمل لحساب ابن لادن في أوائل التسعينات. وكان علي محمد اعترف الخريف الماضي بأنه تورط في التخطيط لنسف السفارتين سوياً مع ابن لادن. وحسب صحيفة "نيويورك تايمز" يُعتقد أن الشاهد السري "CS-1" هو سيدي طيب، وهو رجل أعمال كان متزوجاً من إحدى قريبات ابن لادن، لكن الصحيفة استبعدت في الوقت نفسه أن يكون الشاهد السري "CS-1" هو الطيب، لأن الحكومة سمحت بأن يرد اسمه في السجل العلني.