سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استبعدت مواجهته بقمة عربية عاجلة ... وعودة السفير المصري تتوقف على السلوك الاسرائيلي . القاهرة تتعامل مع شارون "رئيس الوزراء"... "إذا قدم شيئاً مفيداً لعملية السلام"
هل تهنئ القاهرة زعيم حزب ليكود مرشح اليمين الاسرائيلي ارييل شارون؟ وماذا سيكون موقف الشارع الفلسطيني منه اذا وصل الى مقعد رئيس الحكومة، وما هي خياراته لتشكيل حكومته؟ هذه بعض من الاسئلة الكثيرة التي تطرح نفسها مع اقتراب موعد الحسم في الانتخابات الإسرائيلية غدا الثلثاء، خصوصاً مع ارتفاع حظوظ فوز شارون. في مصر، واجه "المطبخ" السياسي عشرات من الاسئلة بشأن احتمال وصول باراك الى الحكم. وعلمت "الحياة" أن الرئيس المصري حسني مبارك عقد في الآونة الاخيرة اجتماعات عدة لم يعلن عنها، حضرها كبار المسؤولين في الدولة وعدد من مستشاريه، خصصت لدرس طريقة التعاطي مع مرحلة شارون وملف عملية السلام وتنقية الأجواء العربية وصولاً إلى موقف عربي موحد. وبدا ان القاهرة استعدت للتعامل مع فوز شارون كأمر واقع. وسألت "الحياة" مسؤولاً مصرياً كبيراً عن كيفية تعامل القيادة المصرية مع شارون في ظل التهديدات التي أطلقها اثناء حملته الانتخابية ضد مصر والفلسطينيين، فقال المسؤول أن مصر "تراقب ما يحدث في إسرائيل بدقة"، معتبراً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي المستقيل أيهود باراك "اثبت بالتجربة أنه أضعف من أن يحقق السلام"، وأن شارون "لا تنقصه القوة إذا أراد أن يسجل تقدماً في عملية السلام". وكشف أن القاهرة رفضت بعد مفاوضات طابا ترتيب لقاء بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وباراك "لإدراكنا أنه لن يسفر عن أي نتيجة ملموسة لتحقيق السلام سوى تقديم غطاء انتخابي لباراك". وتابع: "قلنا للإسرائيليين: إذا أردتم عقد مثل هذا اللقاء فابحثوا عن مكان آخر، مصر لن تدخل في هذه اللعبة". لكن المسؤول نفى بشدة أن تكون القاهرة بصدد الإقدام على "مبادرة معنوية" تجاه شارون، وقال: "إذا قدم شارون شيئاً مفيداً لعملية السلام فإن مصر ستكون مستعدة للتعامل معه، أما إذا اقتصر الأمر على تضييع الوقت فإن مصر غير مستعدة لأن تكون طرفاً في تعقيد الموقف". ولفت المسؤول المصري الى ان القاهرة حصلت على تحليلات من داخل إسرائيل تتوقع ألا يستمر شارون في موقع رئيس الوزراء أكثر من سنة "إذا تسببت مواقفه في إصابة عملية السلام بالشلل"، وأن "حكومته قد تتسبب في نشوب أزمة سياسية وعسكرية في الشرق الأوسط". ورأى أن "تاريخ شارون الأسود وسمعته السيئة سيكونان قيداً علىه، ما قد يدفعه إلى اتباع مواقف لتغيير ذلك الاعتقاد وإثبات عكسه"، مشيراً الى ان كل الحروب التي خاضها العرب ضد إسرائيل "كانت من خلال قادة حزب العمل، بينما وقعت اتفاقات السلام مع متشددين امثال مناحيم بيغن". وقال ان "شارون لن يكون أكثر تطرفاً". ورد المسؤول على تهديدات شارون لمصر بقوله: "نحن نتعامل مع تهديداته غير المسؤولة بهدوء وتعقل مع أخذها مأخذ الجد من دون التورط في الرد والدخول في مهاترات معه، فمصر تريد السلام العادل والشامل وفقاً للشرعية الدولية وتسعى الى الاستقرار في المنطقة". وأضاف: "على المواطن الإسرائيلي أن يدرك أن مصر ليست داعية حرب ولا تفكر في دفع الأمور في المنطقة الى طريق مجهول. وفي الوقت نفسه يجب أن يكون معلوماً أن مصر قادرة على ردع أي عدوان، وأنها عندما اختارت طريق السلام كان لديها إدراك بأن السلام لابد له من قوة تحميه. ومصر مستعدة لكسر كل ذراع تمتد نحوها بسوء". وبالنسبة الى تنقية الأجواء العربية قبيل انعقاد قمة عمان الشهر المقبل، قال المصدر ان "الرئيس مبارك من خلال جولاته واتصالاته العربية يريد للأمة العربية أن تكون جاهزة وبأقصى درجات الهدوء العصبي والنفسي. نحن نحتاج إلى أن يكون هناك صوت عربي واحد يدعو الإسرائيليين الى اليقين بأن السبيل الوحيد للأمن والاستقرار والتعايش رهن بإدراك قادة اسرائيل انهم لن يستطيعوا فرض شروطهم على العرب أو إجبار الفلسطينيين تحديداً على الاستسلام". وأكد ان "لا تفكير الآن" في عودة السفير المصري إلى اسرائيل وان "عودته تتوقف على ممارسات رئيس الوزراء الاسرائيلي المقبل". المحك في "تقدم جوهرى" نحو السلام ومن المعروف أن القاهرة كانت تميل الى بقاء باراك لكن سلوك الأخير مع الانتفاضة ومع المساعي السلمية بدد فرصاً ومساهمات أطراف عدة في إنقاذه. وحددت القاهرة، حسب مصادر سياسية، اسلوباً قاطعاً في التعامل مع شارون في حال نجاحه، وهي ستنتظر "لمعرفة سياسته على الأرض"، مميزة بين ما تعتبره "مناورات انتخابية" و"مواقف عملية". واكدت هذه المصادر أن مصر ستتعامل مع شارون "رئيس الوزراء المنتخب وليس الشخص" و"لن تغير سياستها تجاه إسرائيل" بما في ذلك "الامتناع عن إعادة السفير إلى تل أبيب إلا بعد تقدم جوهري في عملية السلام". وأكدت أن قضية السفير منفصلة عن "اسم" رئيس الحكومة المقبل. ولا تعتقد هذه المصادر في امكان حدوث هذا "التقدم الجوهري" خلال عهد شارون. وقالت المصادر ل"الحياة": "قد لا نفضل شارون بسبب تاريخه الطويل لكننا سنتعامل معه كما تعاملنا مع شامير ونتانياهو، وأبو عمار نفسه أعلن أنه سيتعامل معه". ونفت المصادر أن يكون في نية القاهرة عقد قمة عربية طارئة في حال فوز شارون، وأشارت إلى أن الملف سيبحث برمته في قمة عمان في آذار مارس المقبل. وفي اسرائيل توقع محللون امس ان يعمد شارون الى تشكيل حكومة "وحدة وطنية" او حكومة يمينة ضيقة لن يكتب لها البقاء طويلا. في غضون ذلك، ما زال رئيس الوزراء الاسرائيلي المستقيل ايهود باراك يعوّل على تحسين وضعه الانتخابي في ثلاثة اوساط هي المترددون من اليسار والمهاجرين الجدد والعرب الذين حاول استرضاءهم مجددا من خلال تحمله مسؤولية مقتل 13 منهم خلال تظاهرات التضامن مع انتفاضة الاقصى. اما بالنسبة الى الشارع الفلسطيني، فحسم امره ضد باراك وشارون، ودعا الى "يوم غضب" يتزامن مع عملية الاقتراع، كما أيد قرار الجماهير الفلسطينية في اسرائيل مقاطعة الانتخابات، وتوعد بتصعيد الانتفاضة. وفي هذا الاطار، أكد أمين سر حركة "فتح" مروان البرغوثي ان الاسرائيليين "سيندمون" على انتخاب شارون لانه لن يجلب الامن لهم. وتابع: "الانتفاضة مستمرة وستتصعد بعد الانتخابات ايا كان الحاكم. نحن لا يعنينا لا شارون ولا ايهود باراك ولا شمعون بيريز. يجب ان يصبح الاحتلال مشروعا خاسرا اقتصاديا وبشريا وسياسيا وإعلاميا". ورأى ان "شارون السفاح وقاتل الاطفال ورمز الارهاب الاسرائيلي الذي يمثل الوجه الحقيقي لاسرائيل هو الطلقة الاخيرة في جعبة الاسرائيليين ... فليستخدمونها وسيدركون ان عليهم ان يغادروا ارضنا مثلما فعلوا في لبنان. الانتفاضة ستقنع الاسرائيليين بعدم جدوى الاحتلال". وجاء التصعيد الاسرائيلي الاخير الذي تمثل بسقوط شهيد جديد ليل السبت - الاحد ومواصلة اطلاق النار على فلسطينيين، وهدم ستة منازل في غزة وتشريد 64 فلسطينيا من سكانها، وتشديد الخناق على المواطنين وتقييد تحركاتهم على الشوارع الرئيسة واغلاق الشوارع الترابية التي يستخدمها المواطنون للالتفاف على الحواجز العسكرية المقامة على مداخل المدن والقرى، ليزيل اي لبس او تردد لدى الفلسطينيين بامكان "الندم" على عهد باراك مقارنة بشارون الذي خبروه سابقا. وخرج الفلسطينيون في مسيرات تأييد لموقف الجماهير العربية داخل "الخط الاخضر" التي قررت مقاطعة الانتخابات رغم تصريحات مسؤولين في السلطة الفلسطينية المحت الى ضرورة التصويت لباراك "أهون الشرين".