اطلعت على مقال داود الشريان في زاويته "أضعف الإيمان" تحت عنوان تغيير المناهج وحق العودة، العدد 13812، في 12/10/1421 ه. والذي علّق فيه الكاتب على حديث وزير المعارف لصحيفة الجزيرة في صفحة "واجهة ومواجهة". ومن خلال متابعاتي لمحاولات الشريان الكتابية أجدني في هذا الموقف تحديداً أحاوره بلغته نفسها التي استخدمها في المقال، إذ يلحظ المتابع لذلك المقال خلوه من الطرح العلمي، وتطاول الكاتب مستغلاً موقعه القيادي في الصحيفة الذي أتاح له التعبير عما يخالجه من آراء وانطباعات من دون حسيب أو رقيب، وتلفظ بكلمات لا تليق بكاتب نرجو نحن القراء نزاهته. وليس بالضرورة أن كل القرّاء لا يفهمون ما يقرأون، وما لم يفهمه الكاتب يعيه التربويون تماماً ويدركونه. ان رجال الاعلام يعلمون انه كما أن لكل صحيفة خطها الذي عرفت به، فإن لكل صفحة أو زاوية فيها مساراً محدداً تبعاً لهدف الصفحة وموضوعها. وصفحة "واجهة ومواجهة" التي استضافت الوزير تميل الى الاختصار، وتأخذ من الموضوعات بأطرافها، حتى تتيح المجال للقارئ أن يتواصل مع المسؤول، ويطلع على أكبر قدر ممكن من جوانب الموضوع من دون الدخول في التفصيلات المملة، وبالتالي من حق الصحافي أن يوجه للضيف أكبر قدر ممكن من الأسئلة، وهو ينتظر الاجابة المختصرة التي يميل اليها القرّاء بحسب خطة الصفحة. وهذا ما حدث عند سؤال الصحافي للوزير عن المناهج. فقد أشار وزير المعارف الى أن وزارته اعتمدت الوثائق الجديدة للمناهج التي شارك في اعدادها نخبة من الأكاديميين والمشرفين التربويين والمشرفين على المناهج. ولم يطلب منه الصحافي الحديث بشكل أشمل عن هذه الوثائق. وبالتالي لا يتوقع القرّاء أكثر مما قيل، مع علم التربويين القريبين من رسالتهم أن وثيقة المنهج تعني: أهدافه، وخططه، ومراحل تنفيذه، وموضوعاته، وتوقعات الانجاز. وقس على ذلك. فلو قدر لأحد المسؤولين في "الحياة" - على سبيل المثال - ان يسأل عما في الصحيفة من موضوعات، وعن خططها المستقبلية، فحتما لن يستطيع أن يلم بكل ما في هذا الجهاز الضخم من عاملين وفروع وخطط وتصورات في دقائق قصيرة. ومن دلائل الطرح المزاجية انتقال الكاتب بين موضوعات كثيرة من دون هدف محدد. فتراه يصف وثائق المناهج بالغموض، ويشبهها بغموض المفاوضات الفلسطينية، وهو لم يطلع عليها أساساً، بل أصدر حكمه بمجرد الإخبار عنها. ثم ينتقد في آخر المقالة توجه الوزير الى العمل التطوعي، حتى انه عاد ليقحم أموراً أخرى هي أبعد ما تكون عن الطرح العلمي، والحوار النقي الهادف الذي يقدم فكرة أو معلومة واضحة، أو حتى رؤية يمكن الاستدلال عليها. أعلم ان ما كتبته شبيه بما طرحه الكاتب. ولكني آمل أن تجد هذه الكلمات مكاناً للنشر عبر "الحياة"، وألا تفقد في ظروف "غامضة" شبيهة بغموض "تقرير المصير". عند ذلك سوف نطالب ب"حق العودة" الى النزاهة في الطرح الصحافي والنقل الأمين الصادق. محمد بن نوح - الرياض