أجرى الرئيس حسني مبارك أمس محادثات في عمّان مع الملك عبدالله الثاني، تناولت نتائج جولة وزير الخارجية الأميركي كولن باول في المنطقة. لكن الهدف الرئيسي للاجتماع هو البحث في قضايا القمة العربية التي سيستضيفها الأردن في 27 آذار مارس المقبل، وتداخل بحث موضوع القمة وهمومها المتعلقة بالعراق، وإمكان المصالحة العربية، مع المواضيع التي طرحها بول، وفي مقدمها خطة جديدة مقترحة لتعديل العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق. وبعد عودة مبارك إلى القاهرة من عمّان أكدت مصادر سياسية ل"الحياة" أن محادثات الزعيمين المصري والأردني أسفرت عن اتفاق تام على البنود الرئيسية في أجندة القمة العربية الدورية الأولى. وكشفت عن اتفاقهما بعد مشاورات مع عواصم عربية على أن تتصدر عملية السلام أعمال القمة بالإضافة إلى المصالحة العربية، بما في ذلك الملف العراقي برمته، بينما يحل التعاون الاقتصادي العربي ثالثاً في أولويات القمة. وقالت المصادر إنه اتفق على أن يتضمن جدول أعمال القمة مواضيع يحددها اجتماع وزراء الخارجية، وانها لن تكون مثل قمة القاهرة التي خُصصت لبحث تدهور الأوضاع في الاراضي الفلسطينية والتصعيد الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. وأوضحت أن الدعوة إلى القمة ستوجه الى كل العواصم العربية بما فيها بغداد، التي شاركت في القمة الأخيرة بوفد رأسه نائب رئيس مجلس قيادة الثورة السيد عزة ابراهيم. وأكدت اتفاقاً مصرياً - أردنياً على مزيد من التنسيق مع هذه العواصم لضمان قمة ناجحة قدر الامكان. وأشارت إلى أن محادثات مبارك والملك عبدالله الثاني أمس تناولت التطورات الاخيرة في المنطقة، ونتائج جولة وزير الخارجية الأميركي كولن باول، مؤكدة أن الزعيمين أجريا تقويماً للموقف الأميركي من قضايا المنطقة في ضوء هذه الجولة، وبحثا في امكان تطويره، خصوصاً ما يتعلق بالتأكيد على ضرورة رفع المعاناة عن الشعبين الفلسطيني والعراقي. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية عن وزير الخارجية الأردني عبدالإله الخطيب ان القمة العربية ستركز على 3 محاور رئيسية: "القضية الفلسطينية وعملية السلام ومفاوضات الحل النهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين والوضع الاقتصادي من خلال مواءمة التشريعات الاقتصادية بحيث تكون متماثلة في الدول العربية" لتسهيل انتقال رؤوس الأموال بينها. وأشار إلى ضرورة "توحيد البنى التحتية في الدول العربية وربطها مع بعضها كالطرق وشبكة المواصلات وأنابيب النفط والغاز". وأكد أن المحور الثالث سيتناول "العمل العربي المشترك ويحتاج إلى أداة سياسية من القادة العرب". وأكد وزير الخارجية الأردني في تصريحات إلى الصحافيين، أن المحادثات المصرية - الأردنية ركزت على التحضيرات الهادفة إلى انجاح القمة العربية التي "ستشكل بداية مرحلة جديدة من العمل العربي، وتوجهاً وتصميماً على توحيد المواقف". وشدد على أن الأردن ومصر يعتبران ان "الموضوع الفلسطيني يشكل الأولوية الأولى للأمة العربية، بما في ذلك الوضع في الأراضي الفلسطينية ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، وضرورة وضع حد لأعمال العنف". وتابع ان مبارك وعبدالله بحثا في "موضوع العراق ورفع الحصار عنه". أما وزير الخارجية المصري عمرو موسى الذي شارك في محادثات عمّان، فأشار إلى أن "التفكير الحالي في الرفع الجزئي للعقوبات عن العراق مرده أن دولاً كثيرة بدأت تنادي بوضع حد للوضع المأسوي الذي سبب معاناة الشعب العراقي، إضافة إلى أن العقوبات استمرت عشر سنين". وعما إذا كانت مشاركة العراق واردة في قمة عمّان، قال موسى إن "هذه المشاركة ليست واردة فقط بل واجبة". وزاد ان "هناك موقفاً عربياً واضحاً حيال الأوضاع في الأراضي المحتلة وعملية السلام، وهما في وضع حرج جداً يجب انهاؤه". وشدد على "ضرورة العودة إلى المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها". إلى ذلك، نقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول أردني أن "الاجراءات الكفيلة بتخفيف العقوبات على العراق، وضرورة إقامة حوار مباشر بين بغدادوالأممالمتحدة، كانت في صلب المحادثات" بين مبارك والملك عبدالله. وأشار إلى أن هذه العقوبات أوجدت "وضعاً يعد سابقة على مستوى العالم، يتمثل في أن نظام حكم يتحكم بمقدار السعرات الحرارية التي يتناولها كل مواطن، من خلال توزيع الطعام والأدوية عن طريق الحصص، وهذا الوضع يمكّن النظام من أن يقوى". وأكد أن "هذا المنطق سمعه الوزير باول من قادة المنطقة الذين أوضحوا أن العقوبات سمحت للعراق بأن يفرض على المنطقة استراتيجية تمكنه من الالتفاف على العقوبات، بالتالي إضعاف النظم الخاصة بتطبيق قرارات الأممالمتحدة". ونبه المسؤول الأردني إلى أن قادة المنطقة أكدوا "الاستعداد لاحترام قرارات الأممالمتحدة الخاصة بالعراق، وأن المنطقة لا يمكن أن تفرض على شعوبها قبول الاملاءات الأميركية". ورأى أن تعهد دمشق وضع أنبوب النفط السوري - العراقي تحت مراقبة الأممالمتحدة "مثّل أول بادرة على رغبة العرب في التعاون مع المنظمة الدولية في هذا الإطار". وذكّر بأن الملك عبدالله "كان واضحاً جداً خلال لقائه باول، إذ شدد على ضرورة رفع العقوبات عن العراق، وعلى أن تعالج قضية التسلح العراقي في إطار حوار بين بغدادوالأممالمتحدة". وخلص إلى أن "ما يهم الدول العربية المعتدلة هو تجنب ضربات جوية للعراق أو اتخاذ مواقف مستحيلة تجاهه قد تؤدي إلى تصلب في المواقف وانقسامات خلال قمة عمّان". وأوضح أن "الأردن ومصر اللذين يقيمان علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل، سيكونان في موقف حرج إذا فرضت هذه المواقف المتشددة نفسها خلال القمة".