في محطته العربية الأولى بيروت، يجمع معرض "انتفاضة شعب فلسطين" الذي ينظمه اتحاد المصورين العرب أفلام فيديو و150 صورة فوتوغرافية من يوميات انتفاضة الأقصى، التقطها 19 مصوراً فلسطينياً. محمد الدرة، شهداء وجنازات، أطفال وشبان يرمون الحجارة، جامع الأقصى، حرق العلم الاسرائيلي، نساء يبكين وأخريات يقاومن ويصرخن، فوهة بندقية جندي اسرائيلي في وجه مصلٍّ، وطفل يواجه دبابة... هذه صور حفظناها، نراها يومياً، ونعيش أخبارها. لكنها في المعرض تتخذ أبعاداً جديدة ولأسباب متعددة، أولها حضور المصورين الفلسطينيين من المشاركين في المعرض عوض عوض ويوسف الشوملي. ومهما اعتدنا هذه الصور، أو حفظناها، ثمة تأثير خاص يبرز حين نشاهدها مجتمعة، لأننا من خلال هذه المجموعة نلمس حقيقة نعتقد اننا ندركها، هي حقيقة ان معاناة الشعب الفلسطيني ليست مجموعة لحظات منفصلة، بل هي سلسلة متصلة، وكذلك هي الانتفاضة. وعرض شرائط الفيديو يعيد الى الصور الفوتوغرافية حياتها، ويساعد في بناء القصص التي تربطها، وهي قصص تبدو من خلال توزيع الصور أشبه برسائل ثورية. فإلى جانب صورة الطفل في النعش، صورة لطفل فلسطيني آخر يرمي دبابة اسرائيلية بحجر. والى جانب العجوز المهدد بالبندقية، صور شبان يصرخون بغضب ومن دون خوف، في وجه جندي اسرائيلي يهددهم هو أيضاً ببندقيته. والى صور القتل والموت علم لبناني في فلسطين عليه "نعم للمقاومة، لا للاحتلال". يبقى السؤال عن أولئك الذين يسجلون لحظات الموت والمواجهة، وهم أيضاً فلسطينيون، وهم يبحثون كذلك عن سبل المشاركة، عبر ما تلتقطه عدساتهم. عوض عوض روى ل"الحياة" عن اليوم الذي صور فيه صديقه "صديق الطفولة عبدالكريم الجولاني" وهو يموت، قال: "صرخت، وبكيت وأنا أصوره، قتله مستوطن اسرائيلي، أطلق عليه النار بدم بارد"... وتابع: "يقولون انها أفضل صوري، لا أعرف، من الصعب عليّ أن أصف شعوري وأنا التقط صور الانتفاضة. فأنا واحد من هذا الشعب وما يواسيني انني أصور قضيتنا". شارك يوسف الشوملي في الانتفاضة الأولى وأصيب عام 1989 بطلق ناري، وسجن تسع مرات في المعتقلات الاسرائيلية. تأثر كثيراً عندما صور أحداث النفق، وكانت تلك امتحانه الأول. يقول: "تداخلت في مخيلتي الصور التي ألتقطها مع رفاقي ونحن نرمي الحجارة ونتلقى الطلقات النارية". لكنه اعتاد في ما بعد هذه الصور: "صارت صور الانتفاضة روتيناً يومياً نعيشه، لكنني أخاف كثيراً عندما أعود مساء الى بيتي، أخاف على ابنتي". وهل يتردد وهو يصور المصابين، هل يفكر في انقاذهم؟ يقول انه يطرح هذا السؤال دائماً على نفسه وهو يصور، لكن وظيفته نقل الصور الى العالم والتعريف بما يعيشه شعبه. ويتحدث عن الضغوط التي يعانيها المصور الفلسطيني، اذ يتعرض لإطلاق النار من الجنود الاسرائيليين. وقد أصيب 22 صحافياً خلال انتفاضة الأقصى، والمصور يضرب وتنتزع منه أفلامه احياناً، ويحرَم حرية التنقل بين المدن. وعلى رغم هذه المعاناة، فان صوراً كثيرة التقطت خلال الانتفاضة وبعضها في المعرض الذي بدأ من بيروت "لأن المقاومة في لبنان هزمت عام 2000 الاحتلال الاسرائيلي" كما قال عوض. وبعد لبنان يجول المعرض على عواصم عربية عدة. الصور المعروضة هي للمصورين: عوض عوض أف ب، ناصر شيوخي أ.ب، عطا عويسات جريدة القدس، حسام أبو علان أف ب، عبدالرحيم قوصيني رويترز، ناصر اشتية أ.ب، جعفر اشتية أف ب، نايف الهشملون رويترز، جمال العاروري جريدة الأيام، فايز نور الدين أف ب، خالد السعو، عمار جميل، يوسف الشوملي بي بي سي، جيمي موريس ميكيل بي بي سي، موسى الشاعر التلفزيون الياباني، مجدي بنورة الجزيرة، مازن دعنا رويترز، عماد سعيد أي بي تي أن، طارق الكيال التلفزيون الألماني.