بالمشاركة مع "وكالة الفضاء والطيران" الأميركية ناسا، تراقب الوكالة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي" National Oceanic & Atmospheric Agency واختصاراً NOAA أو "نووا"، الأرض بتمعن وتفرد لها مشروعاً ضخماً يحمل اسمها. انطلق هذا الجهد المشترك قبل نحو ثلاثة عقود، تراكمت خلالها أهرامات ضخمة من المعلومات العلمية عن الكوكب وجسده وأنفاسه ومياهه وحيواته. ويشتمل "مشروع الأرض" Earth Project أقماراً اصطناعية، وتتصل مع موقع "ناووا" على الانترنت، لتضع معلوماتها امام أعين الاختصاصيين والبحاثة والمهتمين بشأن البيئة على امتداد الأرض. ليس الأمر هيناً، وتطلب العمل على توصيل هذا السيل من المعلومات إنشاء "بيئة" معلوماتية وصلت كلفتها الى بليون دولار. وخلال العقدين المنصرمين، صاغت "ناووا" قاعدة بيانات بيئية متطورة وذائعة الشهرة هو "نظام المعلومات عن مراقبة الأرض Earth Observing System & Data Info System واختصاراً EOSDIS أو "أيو سديس". وهو يُعد أضخم تجمع مفرد للمعلومات. ويقدّر ما تختزنه "أيو سديس" من معلومات بما يزيد عن خمسمئة "تيرابايت" Terabyte - وهي وحدة قياس جديدة للمعلومات ولدت في خضم المشروع نفسه. وتساوي تيرابايت الف جيغابايت Gigabyte، وهذه تعادل الف ميغابايت والمجموع مليون ميغابايت أي تريليون بايت. وعلى سبيل المقارنة، فإن الموسوعة البريطانية تضم 32 كتاباً، في نسختها الورقية التي وُدِّعت قبل سنتين، وتشمل 65 الف مقال و44 مليون كلمة، وبمقياس المعلومات يقدر حجمها بنحو 300 ميغابايت. وتدور أقمار مشروع الأرض في مدارات متقابلة لبث ما يرواح بين 2و4 تيرابايت يومياً أي الموسوعة البريطانية كاملة، كل ما بين 13 ثانية و26. ويرى جوردن كنوبيل ان "مشروع الأرض"، كشأن كل مشاريع "ناووا"، ربما أفضى الى تغيير نظرة البشر الى الكوكب الأزرق. ويُعد كنوبيل من انصار القول بالربط بين نشاط بني الانسان في الاجتماع والاقتصاد، والتغيّر المستمر في البيئة، وهو ما لا يتوافر اجماع علماء "ناووا" عليه. وللعمل مع الكم الضخم من معلومات "أيو سديس"، ابتكر معلوماتيو "اناووا" صفحة ممتدة رقمية Digital Spreat Sheet من نوع جديد هي "الصفحة الممتدة للصور التفاعلية" أو Interactive Image Spread Sheat واختصاراً IISS، وهي جموع متراصة وطويلة من الخانات والأعمدة التي تملأها النصوص والرسوم والأصوات وتتولى الصور تكثيف حضورها والربط بينها، ويقدر "طول" الصفحة التفاعلية الواحدة بنحو عشرة كيلومترات. وغني عن القول إن "أبو سديس" يمثل تحدياً مذهلاً لعلم المعلوماتية نفسه، خصوصاً محركات البحث، وأنه من المجالات المفضلة لوضع تصورات الذكاء الاصطناعي Actificial Intelligence على المحك. وتحتاج هذه الأمور الى بحث مستقل. اللسان الأميركي في نص البيئة يمثل "مشروع الأرض" نموذجاً من نشاط "ناووا" التي دخلت عقدها الثالث مع مطلع القرن الحادي والعشرين، والتي أنشئت في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون بدمج "مكتب الصيد البحري" و"هيئة رصد الشواطئ" و"خدمات المعلومات البيئية" و"مركز الأقمار الاصطناعية" ومجموعة من مكتبات البحث، اضافة الى هيئات حكومية، وخاصة عدة. ويتوافق عيد ميلاد "ناووا" الثلاثون مع ذكرى أربعين عاماً على مشروع "تايروس" للأقمار الاصطناعية المتخصصة بأبحاث البيئة. ويختار موقع "ناووا"، الذي أنشئ في مطلع التسعينات ان ينسب نفسه وأصوله الى العام 1807، حين أسس الرئيس الأميركي جيفري جيفرسون هيئة خفر السواحل الأميركية، ويتابع "تاريخه" الافتراضي سرد تشكل الهيئات الحكومية، ثم الخاصة، التي ركزت على ارتباط مصالح الصيد البحري مع الارصاد الجوية وتوقعاتها. ومع تمدد المصالح الأميركية الى العالم، صار ضرورياً رصد كل المحيطات والبحار وما تحتويه من كائنات وثروات، وكذلك مراقبة مناخ الأرض وتقلباته. وأدت الحرب الباردة دورها في رفع اهتمام الحكومة الأميركية بمشاريع البيئة وتمويلها. وعلى سبيل المثال، تُعد المعلومات عن المحيطات أساسية في "لوجيستيك" الغواصات النووية وحاملات الطائرات. وبعد انتهاء الحرب الباردة، صار "ناووا" منافحاً عن وجهة النظر الأميركية الرسمية التي تقوم على توهين الربط بين البيئة والنشاط الإنساني، وخصوصاً أثر الصناعة وغازاتها في ظاهرة "البيت الزجاج" وارتفاع حرارة الأرض. العنوان على الانترنت: http://www.naoa.gov [email protected]