في الايام الاربعة الاخيرة التي تسبق انتخابات رئاسة الحكومة في اسرائيل، لا يزال الارتباك سيد الموقف في شأن قرار رئيس الوزراء المستقيل ايهود باراك من عقد لقاء اخير مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في وقت هو احوج ما يكون فيه لمعجزة تضمن له الفوز على منافسه اليميني القوي ارييل شارون. وفي انتظار قرار باراك النهائي بشأن عقد اللقاء الاخير بينه وعرفات عشية الانتخابات على منصب رئاسة الحكومة في اسرائيل، أكد وزير التخطيط والتعاون الدولي في السلطة الفلسطينية نبيل شعث ان الجهود الدولية التي يقودها رئيس الوزراء السويدي غوران بيرسون وممثل المجموعة الاوروبية للعلاقات الخارجية والامن خافيير سولانا والامين العام للامم المتحدة كوفي أنان لعقد اللقاء في ستوكهولم الاحد المقبل لم تسفر عن نتائج، مضيفا ان "الوقت ينفد". وقال شعث الذي يقوم بجولة اوروبية في حديث خاص مع "الحياة": "لا اتفاق بعد على المكان او الزمان او جدول الاعمال". وأعلن استعداد الجانب الفلسطيني الخروج ب"بيان مشترك" من لقاء القمة المأمول عقده في القاهرة او ستوكهولم في حضور اوروبي ملموس "اذا كان هذا البيان يثبت النقاط التي وافق عليها الاسرائيليون في مفاوضات طابا لالزام اسرائيل به في المستقبل". واوضح: "وافق الاسرائيليون على اعادة 96 في المئة من الضفة الغربية لنا، وشارون اعلن في حملته الانتخابية ان سقف مشروعه لا يتجاوز اعادة 42 في المئة من الارض فقط. واذا تمكنا من تثبيت ذلك في بيان مشترك فهذا مفيد لنا". واكد شعث في الوقت ذاته الرفض الفلسطيني المطلق للاعلان عن "اتفاق مبادئ او اتفاق جزئي او ما شابه ذلك" في ختام القمة المنتظرة. وزاد ان الفلسطينيين ما زالوا ينتظرون معرفة "جدول اعمال هذا اللقاء وهل سيكون هدفه التقاط الصور ام انه سيتناول الجوهر". وقال ان الاسرائيليين "لا يعرفون ما يريدون وهم يعيشون في تخبط لم تشهد له اسرائيل مثيلا"، موضحا ان ثلاثة معسكرات في المؤسسة الاسرائيلية تتقاذف باراك في ما بينها بآرائها المختلفة. المعسكر الاول يقوده شلومو بن عامي وامنون شاحاك ويوسي بيلين وهو ما يعرف بطاقم السلام وهؤلاء مع التوقيع على اتفاق اذا اكان ذلك ممكنا قبل الانتخابات لانه سيحقق له الفوز. اما المعسكر الثاني ويقوده حاييم رامون وابراهام بورغ فينصح باراك بعدم التوقيع على اي اتفاق سلام لان ذلك سيجعل باراك يبدو في نظر الجمهور الاسرائيلي بمثابة من "يبيع تنازلات" اسرائيلية، وهذا لن يمكنه من الفوز في الانتخابات. اما المعسكر الثالث فيمثله قادة الجيش الاسرائيلي برئاسة رئيس هيئة اركانه شاؤول موفاز الذي لا يهمه سوى قمع الانتفاضة الفلسطينية. شرط باراك وشهدت الساعات الاربع والعشرون الماضية تحركات واتصالات ديبلوماسية لتحديد جدول اعمال القمة التي اشترط باراك عقدها بالاتفاق على نتائجها مسبقا. وفي الوقت الذي استقبل فيه عرفات المبعوث الاوروبي الخاص للشرق الاوسط ميغيل انخيل موارتينوس في غزة، اجرى وزير الخارجية الاسرائيلية شلومو بن عامي مكالمة هاتفية مع خافيير سولانا ناقشا فيها الحديث "هوية المشاركين ومضمون القمة". ونقل عن بن عامي قوله: "انا لا اؤيد استمرار المفاوضات مع الفلسطينيين واعتقد انه يجب الانتظار ما بعد الانتخابات ولكن ثمة ضرورة لاستقرار الوضع وايجاد وضع امني وسياسي سليم يقدر الامكان وكل ما يساعد في ذلك جيد". ونقلت مصادر صحافية اسرائيلية عن مصدر سياسي رفيع المستوى ان باراك يتحدث عن "بيان طابا زائد" يتضمن التزام الطرفين اقتراحات كلينتون كاساس للمفاوضات. وبعث باراك بوزيره امنون شاحاك الى غزة مساء الاربعاء لبحث افاق اللقاء مع عرفات مع التركيز على "الجانب الامني" كما اشارت مصادر اسرائيلية. وتزامن اللقاء مع اعلان باراك في مهرجان انتخابي جرى في المساء ذاته ان الحملة الانتخابية ستبدأ "بانطلاقة جديدة في منتصف ليلة الخميس" بعد انتهاء الموعد النهائي المحدد لانسحابه من السباق الانتخابي "عندما يعلم الجمهور مرة والى الابد ان المرشحين الوحيدين في السباق هما ايهود باراك وارييل شارون". وقال باراك لمؤيديه: "بعد ساعات سنبدأ اقصر انتخابات في اسرائيل ولكنها الاكثر مصيرية". ويعول باراك الذي يتقدم عليه منافسه في المعركة الانتخابية باكثر من عشرين نقطة، على اصوات الاسرائيليين الذين منحوا شمعون بيريز الوزير في حكومته الحالية الذي لم يرشح نفسه للانتخابات اصلا 46 في المئة من اصواتهم مقابل 48 في المئة لشارون، ويأمل ان يدركوا اخيرا ان بيريز لن يرشح نفسه وان يعطوه بالتالي اصواتهم. وحمل باراك بشدة على بيريز من دون ان يذكر اسمه والقى عليه بالمسؤولية عن "تمزق" حزب العمل الذي يترأسه. وقال: "هذا هو اوان وقف الاقتتال الداخلي والنميمة وكل شيء مزقنا. هذا هو الوقت لوقف الالاعيب داخل حزبنا والتوحد ضد منافسنا ارييل شارون".