الأرجح انها مجرد مصادفة ان يترافق اعلان اعتزال الممثلة الأميركية "جين فوندا"، بطلة أشرطة "أيروبيك" ونموذجها الأبرز، مع تصاعد أصوات في عالم الرياضة وطبّها تنعى "أيروبيك" وتبشر بنهايتها كأسلوب لاكتساب الرشاقة واللياقة! ولربما بدا صوت كين هاتشينز متطرفاً في دعوته الى "حركة البطء الفائق" في الرياضة، وفي رفعه شعار "موت أيروبيك". لكن شططه يلقى بعض التأييد في أوساط الطب الرياضي، كما في الأبحاث الأخيرة التي أجراها البروفسور واين ويستكوت، مدير مركز اللياقة البدنية في ولاية ماساشوستس، التي أيدت ان التمارين الرياضية البطيئة تؤدي الى خفض حقيقي وعميق في الوزن، مع تجدد العضلات. ويصف د. فيليب ألكساندر تمارين البطء على النحو التالي: "أحمل وزناً متوسطاً، ثم أثنِ اليد ببطء بحيث تستغرق الحركة الواحدة 14 ثانية... كرر الثني البطيء عشر مرات... قاوم الرغبة في إنهاء التمرين... كرّر التمارين السابقة مع أطراف الجسم المختلفة اليد، الكتف، الأرجل، البطن... الخ وبحيث لا تزيد مدة جلسة التمرين على عشرين دقيقة. ويشير دعاة البطء الى أن الاكتفاء بجلسة واحدة اسبوعياً، يؤدي الى تقلص كمية الشحوم ذلك ان حاجة العضلات الى "الصمود" يؤدي الى تفكيك الشحوم السمر في عمق العضلة وبإبدالها عضلاً صافياً، مع فقدان تسعة آلاف وحدة حرارية كالوري كل أسبوع! ويرى غلاة البطء أن تمارينهم وحدها تكفي لتلبية الحاجة الى خفض الشحوم والتخلص من الوزن الزائد، بينما يعتبر آخرون تمارين البطء رديفاً للرياضة اليومية العادية. والواضح ان تمارين البطء تستفيد من مدرسة "شد العضلات" Stretching، وهي تنويع غربي حديث على المدرسة القديمة لرياضة "يوغا" الهندية، حيث مزيج العقل الجسد وتكاملهما. وثمة مفارقة في افتتاح القرن الحادي والعشرين على التطلع صوب حكمة العقل، وعلى عكس المفكر الايطالي ايتالو كالفينو الذي رأى في السرعة أحد ستة مفاهيم ابداعية لهذا القرن، وبالتوافق مع الانطباع الذي تُولّده رواية التشيخي ميلان كونديرا: "البطء"!! وتكمن المفارقة الأقوى في بروز نبرة البطء في التعامل مع الجسد، في أميركا المعلوماتية التي جعلت من السرعة مركز تفكير تقنياتها، أم لعلها متوافقة مع مظاهر أخرى مثل انهيار سوق "نازداك" وتصاعد أصوات نعي الاقتصاد الجديد؟