صدرت حديثاً الطبعة الثانية من كتاب "الإسلام والدور المنتظر" عن دار نشر "فصلت" في حلب لعدد من الباحثين والمفكرين العرب، بعد ان لاقت الطبعة الأولى استحساناً ورواجاً فنفدت من المكتبات. والكتاب يتضمن أبحاث المنتدى الثقافي الأول لمنتدى الفكر والثقافة "ديترويت" في الولاياتالمتحدة الأميركية. والمنتدى يمثل مشروعاً ثقافياً اجتماعياً تنويرياً يحاول ان يلتقي ويتعاون مع باقي المؤسسات الثقافية والاجتماعية النهضوية في اطار تجميع المواهب والطاقات نحو عقل جمعي مؤسسي. وينشط المنتدى في مجال العمل الحضاري كي تصب الطاقات قواها في محرق واحد، يبعث الروح مجدداً في جسد الحضارة الإنسانية، وتحت مظلة فكرية تستوعب وتهضم جلّ الثقافات والحضارات المتنوعة، ساعياً ليكون جسراً ثقافياً يربط أطراف القرية الكونية بعضها ببعض كي لا ينقطع أبناؤها عن التواصل والتفاعل البنّاء. ويتمثل طرح المنتدى بالأصالة والمعاصرة والانفتاح، لتوفير مناخ التعبير عن الرأي وتقبل الآخر والتأكيد على حق الاختلاف الفكري ومسافاته، ولتقديم خطاب يؤمن بحاجة العقل الى التحرير والتغيير. يتبع المنتدى تجربة رائدة مستقاة من الغرب وموظّفة بطريقة مثمرة ومنتجة. انها تجربة "المحاضرات الهاتفية"، يلقي المحاضر بحثه وهو في وطنه، فيصغي اليه رواد المنتدى ومداخلات هادفة، والإسلام هو المحور الناظم لجميع هذه المحاضرات. واليكم بعض موضوعات المحاضرات المهمة بإيجاز كما أعدها محمد أديب ياسرجي ومحمد أمير ناشر النعم: محاضرة فهمي جدعان: الإسلام وأوروبا تُبرز هذه المحاضرة الصورة المتبادلة للإسلام وأوروبا في مستويات: الأصل، والصورة في التجربة التاريخية، والصورة في المخيال، والصورة الزمنية المشخصة، مما بعث الى انسحاب "الثقة" بين الإسلام وأوروبا. ثم تعرض المحاضرة العقبات التي تحول دون بناء الثقة التاريخية والدينية والإيديولوجية والقيمية، وتنتهي ببناء الاستراتيجيات التي يمكن انقاذها من أجل تجسير الثقة مع الغرب بدلاً من الصراع معه. أسامة القاضي: أثر الفكر الغربي على الفكر الإسلامي تقدم المحاضرة استعراضاً تاريخياً لعلاقة التفاعل الثقافي المتبادل بين الشرق والغرب، وانفعال الشرق بالتصورات والرؤى التي قدمها الغرب عن الشرق... ويرى "القاضي" ان محاولة محاكاة الغرب تركت أبلغ الأثر في تشكيل الفكر في الحاضنة الإسلامية. وتمت عمليات التغريب عبر: الاستشراق، البعثات، الصحافة، الترجمة. ويتناول هذه القنوات تفصيلياً منذ نشوئها وحتى اليوم. محمد عمارة: التجديد في الفكر الإسلامي يرى "عمارة" ان التجديد الإسلامي منزلة بين منزلتين: الحداثة الغربية والجمود والتقليد... ويتناول علاقة التجديد بعالمية الشريعة الإسلامية، وعلاقة التجديد بالسلفية، التجديد في الواقع الإسلامي الحديث والمعاصر، وتبلور تيار التجديد وسطاً بين تياري الجمود والتقليد والتبعية والتغريب. محمود عكام: نحن والغرب يقوم التفعيل في رأي عكام على فهم الغرب ومعرفة مقاصده، وفهم الإسلام فهماً كاملاً من قبل دعاته. في هذه المحاضرة، يثير "عكام" أسئلة لا بدّ منها للتعرّف على الضمير الغربي: أين العقيدة فيك؟ أين العبادة لديك؟ أين أثر الآخرة في دنياك؟ أين التوازن في الحضارة عندك؟... أسئلة تلامس ثوابت الإنسان، لا سيّما ان الغرب تعوّد أو عودناه أن يبادرنا بالمساءلة والمراقبة والمعاقبة، ولم يتعود طرح الأسئلة. أحمد الدجاني: رؤية لمستقبل الحضارة الإسلامية في عالمنا المعاصر يبدأ الدجاني بثبت المصطلحات وشرحها قبل بدء البحث: الحضارة، العمران، رؤية المستقبل، الحضارة العربية الإسلامية. ثم يتحدث عن الواقع الحضاري في عالمنا وتحدياته، إذ تخالطه أزمات عدة: أزمة قيم، أزمة روحية، أزمة سياسية... وهذه الأزمات تولد منها خطر يتهدد بيئة الإنسان، وخطر طغيان بعض بني البشر على بعضهم الآخر، وخطر غربة الإنسان. ويرى الباحث انه من خلال هذا الواقع تبلورت أهداف عالمية مستلهمة مما نزل به الوحي الإلهي، أهداف تتعلق بالرأفة بالطبيعة، وبضرورة ان يسود العدل الاجتماعي، وبضرورة أن يتعارف البشر لكي يتعاونوا على البرّ والتقوى لا على الإثم والعدوان. حسن حنفي: ما هو اليسار الإسلامي؟ يبدأ حنفي بإيراد الاعتراضات التي ترد على عنوان "اليسار الإسلامي" من قبل العلمانيين والدينيين، والأجوبة عليها، ثم يبين ان الهدف المرجو من هذه التسمية هو جذب العلمانيين من جديد الى الإسلام، فاليسار الإسلامي يهدف الى حشد أكبر عدد من المثقفين، وهو في الوقت ذاته المنبر الشعبي لجميع الناس. ويتابع "حنفي" رسم الصورة، فاليسار الإسلامي خطٌ ثالثٌ بين الخطاب الإسلامي التقليدي، وبين الخطاب العلماني، فهو يجمع بين تحقيق مطالب الإسلام، وتحقيق مطالب العصر. وفي نهاية المحاضرة يحدد "حنفي" الموضوعات التي ينشدها اليسار الإسلامي على مستوى الثقافة والحضارة، وهي: اعادة بناء التراث، وأخذ موقف من الغرب، والتنظير المباشر للواقع. أنس الزرقا: دور الاقتصاد الإسلامي حاولت المحاضرة ان تجيب عن الأسئلة التالية: الاقتصاد عصب الحياة فهل تصدق هذه المقولة عند الاقتصادي المسلم؟ هل من المجدي قيام الاقتصاديين المسلمين بوضع حلول جزئية لتتعايش مع هياكل تنظيمية غير إسلامية، أم الأفضل انتظار دولة الطموح؟ ما هي أهم القضايا التي شغلت الاقتصاديين المسلمين نظرياً خلال العشرين سنة الفائتة؟ وكيف يقوّمون الدور الذي أدوه؟ هل يعترف الإسلام بمبدأ العرض والطلب وسيلة أساسية من وسائل تحديد الأسعار؟ ولماذا لا نأخذ الفائدة الربوية من المصرف وندفعها كضريبة؟ هل هذا مقبول شرعاً؟ رفعت العوضي: مساهمة الإسلام الاقتصادي في النظام العالمي تتلخص هذه المحاضرة في ثلاث قضايا: الأولى: ربط الاقتصاد بالاخلاق. والثانية: تحديد الأولويات الاقتصادية باعتماد مقاصد الشريعة من الضروريات والحاجيات والتحسينات. والثالثة: اعادة التوزيع وهو موضوع يتغافل عنه ما يسمى النظام العالمي الجديد. ويطرح العوضي منهج اعادة التوزيع من خلال مؤسسة الزكاة، مؤسسة الوقف، نظام الملكية في الإسلام.