نظم مركز الدراسات العربي - الأوروبي مؤتمره الدولي التاسع، في بيروت، تحت عنوان "آفاق الاستثمارات العربية - الأوروبية وضماناتها" بالتعاون مع جامعة الدول العربية ومجلس الغرف التجارية السعودية وغرفة التجارة العربية - البريطانية وغرفة التجارة العربية - الفرنسية. انعقد المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام في فندق "ماريوت" برعاية رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود ممثلاً بالوزير عبدالرحيم مراد، وفي حضور النائب ياسين جابر ممثلاً رئيس المجلس النيابي والوزير أسعد دياب ممثلاً رئيس الحكومة، اضافة الى الهيئة العليا المنظمة للمؤتمر وعدد كبير من الشخصيات العربية والأجنبية. وافتتحه المدير التنفيذي للمركز الدكتور مهدي شحادة، ثم القى الدكتور صالح بكر الطيار رئيس مركز الدراسات العربي - الأوروبي كلمة قال فيها: "بمقدار ما يسعى العالم العربي التقرب من الاتحاد الأوروبي، يحاول الأخير اقتراح المشاريع التي لا تستجيب طموحاته، ونعني بذلك مشروع الشراكة الأوروبية - المتوسطية الذي يحوّل العرب جزراً اقتصادية مستقلة ومنفصلة بعضها عن بعض، ويدمج الاقتصاد الاسرائيلي باقتصاد المنطقة تحت شعار فصل الاقتصاد عن السياسة". وقال "اننا نتطلع الى أن تشكل دول الاتحاد الأوروبي يوماً ما الثنائية القطبية في مواجهة أميركا". وأشار الى ان نسبة مساهمة الصناعة العربية في الناتج المحلي بلغت30 في المئة، وان الدول العربية حققت تقدماً ملموساً في مجال الاتصالات، إذ أضيف 12 مليون خط ثابت وأربعة ملايين خط نقال و115 الف هاتف عمومي. وقال الأمين العام لمجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية اسامة محمد مكي الكردي ان "العرب أدركوا أهمية الارتباط الاستراتيجي بالاتحاد الأوروبي المتعاظم في امكاناته، مثلما أدرك الاتحاد اهمية عدم تجاهل مصير الدول العربية وأهمية دفع النمو والتنمية في اقتصاداتها". ورأى "ان انطلاقة ناجحة لتعاون أشمل تتطلب احداث تغيير في السياسة الأوروبية حيال العالم العربي يأخذ في الاعتبار الرهانات السياسية والاقتصادية التي يواجهها". ثم ألقى الأمير بندر بن سلمان مستشار ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، أشاد فيها بالمؤتمر "لأنه يمثل حلقة مهمة في سلسلة المؤتمرات التي تشهدها منطقتنا مواكباً التطورات التي تفرض نفسها على الساحة الدولية، الأمر الذي يؤدي الى التفاعل وتقارب وجهات النظر في ظل ظروف العولمة الراهنة". ورأى "ان للتغيرات العالمية أثراً مهماً في العلاقة بينها وبين الاستثمارات الأجنبية في الوطن العربي، ولعل أهمها الاتجاه العالمي الى استقطاب الاستثمارات الأجنبية واعادة هيكلة اقتصادها واتاحة الفرصة للقطاع الخاص للمساهمة في النشاطات الاقتصادية، وكذلك الاتجاه نحو العولمة لتحرير التجارة الدولية". وأضاف: "ان دولاً عربية عدة تجاوبت ومتطلبات الاستثمار، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية في ظل قيادتها الرشيدة وما تتمتع به من أمن واستقرار وتطور مستمر في مجال الاستثمار، ويظهر ذلك جلياً في انشاء المجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد وكذلك انشاء الهيئة العامة للاستثمار". وقال "إن هذا أدى الى وضع أنظمة لهذه الاستثمارات الأجنبية وحرية انتقال رؤوس الأموال وازالة كل القيود التي تعرقل الاستثمار، وسمح بتملك الأجانب وتسهيل اقامتهم"، مشيراً الى "ان كل ذلك يؤكد ما تبذله المملكة في هذا المجال". وتابع: "بغض النظر عن الاستثمارات المهمة التي وظفت، فإن المنطقة العربية تحتاج الى المزيد منها، لما تتمتع به على كل الصعد، وغير ذلك من ركائز الاستثمار". وقال: "ينبغي التركيز على نقل التقنية كجزء لا يتجزأ من عقود مشاريع الاستثمار لتوطينها والافادة منها مستقبلاً، وذلك لا يتم إلا من خلال تدريب الكوادر الوطنية لاكتساب المعرفة والخبرة". وأكد "ان الاستثمار بين الدول العربية والأوروبية يعطينا الحق في المطالبة بنقل التكنولوجيا وتوطينها والتدرب عليها ووضع الدراسات والأبحاث في هذا المجال، لأن الافادة مشتركة بيننا وبين المستثمر الآخر، وكما هو يرغب في أن يستثمر في بلادنا، يجب أن يقدم ولو القليل الى هذه البلاد". وقال الأمين العام المساعد لمجلس التعاون لدول الخليج العربية للشؤون الاقتصادية المهندس عجلان الكواري ان دول المجلس عملت على تحسين بيئتها الاقتصادية ما مكنها من جلب الاستثمارات الأجنبية والمستثمرين". ولاحظ "فائضاً مستمراً في الميزان التجاري لمصلحة الاتحاد الأوروبي وتضاؤلاً في مجال الاستثمار المتبادل". وأشار الى ارتفاع معدل الاستثمارات العالمية سنوياً من 15 في المئة في الثمانينات الى نحو 28 في المئة في التسعينات. ثم ألقى الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد كلمة أكد فيها "ان الاستثمار صار اليوم محور ديبلوماسية التنمية، وأن الجامعة تبنت برامج عدة من أجل دعم التكامل الاقتصادي العربي". واعتبر "ان المنطقة في حاجة ماسة الى الاستثمارات الأجنبية وان التنمية والاستقرار يساعدان على تحقيق السلام والأمن في أطرافه الشمالية، ويوفر منطقة ازدهار اقتصادي تعم آثارها الطرفين". وقال ممثل المفوضية الأوروبية في لبنان السفير ديمتري كوركولاس: "تعاونا مع لبنان في تكوين برامج تحديث ودعم للبنية التحتية والاصلاح الاداري"، مشيراً الى "أن هذا الاتفاق يجعل من لبنان بلداً استثمارياً". واعتبر رئيس غرفة الصناعة والتجارة في بيروت عدنان القصار "ان المؤتمر تحوّل ركيزة دولية أساسية لتأمين استمرار التعاون بين العرب وأوروبا". وأشار الى أن تجارتهم معها تكاد تقارب 30 في المئة تصديراً و40 في المئة استيراداً. وكانت الكلمة الأخيرة للرئيس لحود وألقاها الوزير مراد فرحب بعقد المؤتمر في لبنان وشدد على "وجوب تكامل الاقتصاد العربي على أن يكون توجهنا نحو علاقات اقتصادية عربية - أوروبية".