وجه الرئيس محمد خاتمي انتقادات لمتطرفين محافظين واصلاحيين، لقيامهم بأعمال "تهدد مستقبل الجمهورية الاسلامية" في ايران، كما انتقد الولاياتالمتحدة لدورها في الانقلاب على حكومة محمد مصدق عام 1953. وحمل على النظام الشاهنشاهي السابق، في وقت واصل معارضو النظام الاسلامي تحركهم ضده. وأُفيد عن تجمع طالبي فرقته الشرطة في وسط طهران، وعن اعتقال عدد من المشاركين، بعد يوم على الصدامات مع أولئك المعارضين. شهد كل المدن الايرانية تظاهرات ضخمة قدرت المصادر الرسمية عدد المشاركين فيها ببضعة ملايين، احياء للذكرى الثانية والعشرين لانتصار الثورة الاسلامية، وسط حضور مكثف للشبان، عكس واحداً من الاستحقاقات الداخلية المهمة، المتمثل في نقل تجربة الثورة الى الجيل الجديد. وفي أجواء احتفالية كان أبرزها في طهران، تقاطرت جموع المشاركين من كل مناطق العاصمة الى "ساحة الحرية"، وتلونت سماء المدينة بفرق المظليين، قبل ان يعلن خاتمي مواقف تضمنت رسائل في اتجاهات مختلفة، داخلية وخارجية. وشدد على "الثوابت الثورية في الاستقلال والحرية والتقدم، تحت مظلة النظام الجمهوري الاسلامي". وشن حملة عنيفة على النظام الشاهنشاهي الذي أطاحته الثورة عام 1979، ووصفه بأنه نظام "ديكتاتوري مستبد جعل ايران رهينة في أيدي الدول الاجنبية". وجاءت مواقف خاتمي بعد يوم على تنظيم معارضي النظام الاسلامي ودعاة الملكية تجمعاً احتجاجياً في حديقة ملت شمال طهران. وشارك كبار قادة التيارين المحافظ والاصلاحي في تظاهرات ذكرى الثورة، وعلى رأسهم رئيسا السلطتين التشريعية والقضائية مهدي كروبي وهاشمي شاهرودي، اضافة الى خاتمي الذي سار بين المتظاهرين تاركاً طائرته المروحية التي أوصلته الى مكان الاحتفال. وتميز خطاب الرئيس الايراني بمزيج من التفاؤل والقلق، اذ تحدث عن "الاستمرار في نهج ترسيخ الحكم الشعبي الديني في ايران كي يصبح أمثولة" مؤكداً ان "ايران تواصل خروجها من الركود الاقتصادي وتمضي نحو التقدم والازدهار". لكنه حذر من اخطار تهدد الثورة، منتقداً قوى اصلاحية ومحافظة، ورأى خاتمي ان "الحملة على التدين والتشكيك بالثورة ومكتسباتها، ومحاولة ابعاد الدين عن الحياة العامة والتعرض لشخصية الامام الخميني هي أخطار تهدد الجمهورية الاسلامية"، في اشارة انتقاد لبعض القوى الاصلاحية. أما انتقاده المحافظين فتمثل في التحذير من "مصادرة الثورة لمصلحة فريق دون آخر"، و"الدعوة الى الدين بصورة سيئة، ومحاولة تصويره بأنه نقيض للحرية، وتجاوز الشعب وارادته التي وضع من خلالها دستور البلاد". وأشار الى ان "الشعب اصبح في ظل الثورة مقياس كل شيء، وهو الذي يقرر عبر الانتخابات مصير الإدارة السياسية". وزاد ان "النقد للحكام في ايران كان يعتبر جريمة يعرض صاحبه للاضطهاد، اما اليوم فالانتقاد صار فضيلة"، داعياً الى ضمان "أجواء هادئة وآمنة للشعب كي يتمكن من التعبير عن رأيه". وحض الجميع على "الرضوخ الى ما يقرره الشعب". الى ذلك، اكد خاتمي استمرار "مساندة ايران الشعب الفلسطيني بسبب الظلم الذي يلحق به من الاحتلال الاسرائيلي". واضاف ان بلاده "ستبقى تدافع عن كل الشعوب المظلومة وتساندها". وهتف المشاركون في المسيرات بشعارات تندد بالولاياتالمتحدة واسرائيل، عندما انتقد خاتمي واشنطن لدورها في الانقلاب على حكومة مصدق. وأصدر المتظاهرون بياناً شدد على ان "الشعب الايراني سيتصدى لمؤامرات الحكومة الاميركية، ولتدخلها في شؤون ايران". وعكرت أجواء الاحتفالات بذكرى الثورة هذه السنة احتجاجات لمعارضي النظام الاسلامي من قوميين وليبراليين ودعاة عودة الملكية، ونقلت وكالة "رويترز" عن شهود ان قوات مكافحة الشغب تصدت أمس لتجمع طالبي وسط طهران، يدعو الى مزيد من الحرية. وتحدث الشهود عن اعتقال اكثر من خمسين شخصاً وتعرض بعض الطلاب للضرب بهراوات الشرطة وقوات الميليشيا البسيج. ونظم احتجاج مماثل لمعارضي النظام في طهران أول من امس، واكدت الشرطة انها اعتقلت "خمسين شخصاً خلال تظاهرة مناهضة للحكومة شاركت فيها مئات". ونفى مسؤول بارز في شرطة العاصمة لم يذكر اسمه سقوط جرحى بين المتظاهرين، موضحاً ان المعتقلين "في حال جيدة، وبذلنا جهداً للحؤول دون حدوث اشتباكات بين المتظاهرين والناس".