انتابت الصوماليين مجدداً حال من التوتر والذعر، ولكن هذه المرة ليس خشية تجدد القتال بين الميليشيات القبلية المتنازعة، بل نتيجة شيوع أنباء عن غزو اميركي وشيك لبلدهم لا يعرفون موعده او اهدافه الحقيقية او المواقع المرشحة للقصف. لكنهم يعرفون ان اسم الصومال تردد اخيراً في تصريحات اكثر من مسؤول غربي هدفاً محتملاً في الحملة الدولية على الارهاب. وزاد من هذه الاجواء الحربية وصول مساعد وزير الخارجية لشؤون افريقيا وولتر كانستاينر امس الى اثيوبيا المجاورة للصومال، وتأكيد ديبلوماسيين ان هدف الزيارة التنسيق مع حكومة اديس ابابا في "محاربة الارهاب في القرن الافريقي". كما سيلتقي المسؤول الاميركي زعيم "التحالف الوطني الصومالي" حسين محمد فارح عيديد الموجود حالياً في العاصمة الاثيوبية. وفي مقديشو بدأ التجار بسحب بضائعهم من مخازنهم في سوق بكارة المشهور، وذلك "خشية تعرضها للقصف الاميركي"، وساد هذا الاعتقاد أوساط التجار اثر تردد انباء في العاصمة عن ان "الهدف من الغزو الاميركي هو تدمير الاقتصاد الصومالي الحر"، وان أهم دليل على ذلك تجميد أموال شركة "البركات" الصومالية للتحويلات المالية والاتصالات في العالم وادراجها في قائمة الشركات التي يشتبه بتعاملها مع منظمات ارهابية. وادى ذلك الى تدهور الاحوال المعيشية وتفاقم ازمة البطالة وازدياد عدد المتسولين في شوارع العاصمة. وينقسم الرأي العام في الصومال في اتجاهين إزاء "الغزو الاميركي المتوقع"، إذ يرى الاتجاه الاول ان "الغزو" سيؤدي لاحقاً الى تشكيل حكومة وحدة وطنية وإعادة الامن والاستقرار إلى البلاد، وستتوافر فرص اكثر للعمل. ويقولون :"لا يمكن ان نتخيل أننا سنتعرض لوضع أسوأ مما نعيشه اليوم". أما الاتجاه الآخر فيرى ان "الغزو بلاء واحتلال واستعمار جديد". وفي اديس ابابا، اكدت مصادر ديبلوماسية غربية ل"الحياة" ان الوفد الاميركي برئاسة كانستاينر سيلتقي رئيس الوزراء ملس زيناوي ووزير خارجيته سيوم مسفن ووزراء آخرين في الدولة لاطلاعهم على وجهة نظر واشنطن في حربها على الارهاب الدولي في المنطقة. ويعتقد مراقبون وديبلوماسيون في اديس ابابا بأن الحكومة الاميركية تسعى الى التنسيق مع الحكومة الاثيوبية في احتمال توجيه ضربة عسكرية إلى حركة "الاتحاد الاسلامي" في الصومال التي ادرجت واشنطن اسمها في لائحة اصدرتها عن المنظمات الارهابية، وتؤكد حكومة زيناوي انها تعمل في اطار شبكة "القاعدة" التي يتزعمها اسامة بن لادن. وفي موازة ذلك، علمت "الحياة" ان كانستاينر سيجتمع مع عيديد اليوم في مقر السفارة الاميركية في اديس ابابا للتشاور في شأن حركة "الاتحاد الاسلامي"، والدور الذي يمكن ان يلعبه الزعيم الصومالي، خصوصاً انه كان عرض على واشنطن التعاون في مكافحة الارهاب وملاحقة "الاتحاد الصومالي".