عندما وجهت طائفة السيخ في كابول الدعوة لوزير الحج والأوقاف في حكومة برهان الدين رباني، التي تسيطر على مقاليد الحكم في معظم أنحاء أفغانستان، الى حضور احتفال ديني يقام في المعبد السيخي الوحيد في العاصمة الأفغانية، لم يصدقوا عندما رأوا الوزير عطاء الرحمن سليم يتصل بأركان الطائفة ليبلغهم استعداده لحضور الاحتفال لمناسبة العيد ال535 ل"غوروناناك" الذي يعتبرونه كطائفة منقذهم. وعلى عكس فترة الأعوام الخمسة الماضية من حكم "طالبان"، التي اتسمت بمعاملة أبناء الطوائف غير الإسلامية معاملة خاصة كاجبارهم على وضع علامة على جباههم وارتداء الملابس الصفراء لتتمكن الشرطة الدينية في حكومة "طالبان" من تمييزهم ومنع نساء السيخ والهندوس من التردد على الأسواق بملابسهم التقليدية واجبارهم على ارتداء "البرقع"، إضافة على اغلاق محلاتهم ومراكز تجارتهم عند أوقات الصلاة وفي المناسبات الدينية المختلفة، حرص الوزير عطاء الرحمن سليم على تأكيد حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية للجميع، موضحاً أن فترة حكم "طالبان" كانت ظالمة للمسلمين قبل غيرهم من أبناء الطوائف الأخرى. ولم تكن الموسيقى والأغاني والتواشيح الدينية، التي استقبلت المشاركين في الاحتفال الذي اقيم وسط كابول قبل أيام، عادية للأفغان من مسلمين وغيرهم ممن شاركوا في الاحتفال الذي اراد السيخ عبره التذكير بوجودهم، إذ لا يتجاوز عددهم في العاصمة الأفغانية كابول الخمسين عائلة. ويقول لاك بيرسنغ، وهو من وجهاء السيخ إن عدد أبناء الطائفة في كابول لا يتجاوز الثلاثمئة شخص، في حين يبلغ مجموعهم في كل أفغانستان نحو ألفي شخص، ويتوزعون على مدن جلال اباد وخوست وقندوز وقندهار وشريكار. ويوضح أن الاحتفال بعيد ميلاد غوروناناك هو واحد من ستة احتفالات سنوية تقام، وتُحيى فيه ذكرى الذين توفوا أو ولدوا حديثاً، ويشير إلى أن عدد أفراد الطائفة الهندوسية في أفغانستان لا يتجاوز ال150 شخصاً. ويقول جاك سنغ إن أبناء طائفته من السيخ كانوا مع الأقليات الأخرى يتمتعون بمواقع مهمة في البلاد في العهود السابقة، إضافة إلى ممارستهم التجارة. ويعتبر أن أبرز الأدوار من جانبهم لعبت أثناء امبراطورية دوراي وكانوا يحتلون موقعاً مهماً في قطاعات مثل التجارة والصيرفة والمهن الحرفية ومحلات بيع الأدوية. كما أنهم في العهود الملكية التي توالت كانوا يشغلون كمحاسبين وكتبة ومستشارين، وكان من النادر جداً ألا تجد في كل مدينة من المدن الأفغانية المهمة واحداً أو اثنين من ابناء هذه الطوائف لا يعلب دوراً بارزاً في الحياة العامة فيها. ويقول أحد المؤرخين إنه في العام 1830 كان في مدينة قندهار وحدها ما بين 50 و100 تاجر هندوسي، وما بين 500 و1000 في مدينة هيرات، لكن إلغاء نظام الصيرفة، حسب الطريقة العلمانية، أعطى هؤلاء التجار الفرصة للعب دور بارز في التحويلات المالية التي كانت تتم مع تجار آسيا الوسطى ومناطق أخرى من العالم وبشكل محدد مع الهند وباكستان ومنطقة الخليج العربي. ويقول أحد التجار السيخ إن الهندوس في مطلع القرن الماضي كانوا من أغنى التجار في أفغانستان، لكن معاناتهم والمعاملة التي تلقوها على يد بعض الحكومات، وبشكل خاص الضرائب المرتفعة والجزية، كانت سبباً في رحيل معظمهم عن أفغانستان. وينفي الوزير عطاء الرحمن أن يكون لغير الهندوس والسيخ من الطوائف غير الإسلامية وجود في أفغانستان، إذ أن اليهود الذين وصلوا إلى أفغانستان في العام 1736 أثناء حكم الملك نادر شاه، غادروها على فترات متقطعة كانت أبرزها اثناء الحكم البريطاني، ومثلهم فعل الأرمن الذين نشطوا في القرنين السابع والثامن عشر قبل أن يتضاءل دورهم ويرحلوا عن البلاد بعدما تحكموا بتجارتها في مدن رئيسية مثل هيرات وكابول وقندهار وجلال آباد. ويؤكد عطاء الرحمن أنه شخصياً سيؤيد فكرة إقامة معابد واحتفالات في أي مكان يراه أبناء هذه الديانات مناسباً، موضحاً أن كل أبناء الشعب الأفغاني لا بد أن يتمتعوا بحقهم في الحياة والحرية والعبادة.