لم تنجح التحركات الدولية في احتواء التوتر المتصاعد بين الهندوباكستان، وبدا ان البلدين يقتربان من حافة الحرب على رغم حرص كل منهما على تأكيد انه لن يكون البادئ فيها. وكشفت مصادر باكستانية ل"الحياة" امس ان اسلام اباد طلبت من الولاياتالمتحدة اخلاء قاعدة يعقوب آباد التي تستخدمها في عملياتها في افغانستان بسبب التوتر مع الهند. ودخلت ايران على الخط، وعرض الرئيس محمد خاتمي وساطته لتسوية الأزمة داعياً الى "تحكيم العقل". راجع ص7 وجاءت هذه التطورات بعد رفض نيودلهي عرض اسلام اباد عقد لقاء قمة بين الرئيس الباكستاني برويز مشرف ورئيس الوزراء الهندي أتال بيهاري فاجبايي على هامش قمة رابطة دول جنوب آسيا في نيبال الاسبوع المقبل، مما عزز فرص نشوب حرب بين البلدين خصوصاً بعد فشل التحركات الأميركية والدولية الرامية إلى نزع فتيل التوتر بين البلدين. وتوعد رئيس الوزراء الهندي أثناء اجتماع لحزبه القومي الهندوسي أمس باستئصال شأفة "الارهاب الذي ترعاه باكستان عبر الحدود"، لكنه أكد ان نيودلهي ستبذل قصارى جهدها لتجنب اندلاع حرب مع جارتها اللدود. وطلب فاجبايي من المواطنين الهنود ان يكونوا مستعدين لمواجهة "اي احتمال". ومن جهته، شدد وزير الخارجية الباكستاني عبدالستار عزيز الذي استبعد استخدام السلاح النووي في المنطقة على أن بلاده لا تلتمس عقد القمة وإن كانت ستستجيب للرغبة الهندية لعقدها اذا وجدت. واعتبر الوزير الباكستاني ان "تكثيف الهند قواتها قرب الحدود مع باكستان وعلى خط المراقبة في كشمير يشكل تهديداً للسلام في المنطقة". ولم يستبعد امكان اتخاذ باكستان "اذا اقتضى الامر قراراً بنقل قواتها في الوجهة المناسبة للدفاع عن الدولة" الامر الذي قد يسبب احراجاً لواشنطن، اذ يشارك الاف الجنود الباكستانيين حالياً في مطاردة عناصر شبكة "القاعدة" بزعامة اسامة بن لادن في المناطق القبلية على الحدود مع افغانستان. وتردد أمس أن باكستان طلبت من أميركا إخلاء كل قواعدها العسكرية التي تستخدمها القوات الأميركية داخل باكستان. لكن وزير الخارجية الباكستاني تحاشى الرد على سؤال في هذا الشأن. وواصل البلدان امس حشد قواتهما على طول الحدود، وكثفت السلطات العسكرية الباكستانية إجراءاتها الدفاعية في مدينة كراتشي وتحديداً حول الميناء والمطار، ولجأت إلى إخلاء بعض القرى الحدودية في منطقتي راوالاكوت وباغ الجنوبيتين. وقال أحد المسؤولين المحليين ان سكان قريتي بولوس وثروتي في راوالاكوت نقلوا بالفعل إلى أماكن خلفية اكثر أمناً. وقتل أول من أمس 19 جندياً هندياً بطريق الخطأ فيما كانوا يزرعون ألغاماً قرب الحدود مع باكستان قرب مركز حدودي على مسافة 70 كلم من مدينة جايسالمر في ولاية راجستان غرب الهند. وقال مسؤول في المدينة ان "الألغام انفجرت عرضاً واسفرت عن سقوط قتلى". وفي مؤشر على تصاعد التوتر بين البلدين أقدمت الحكومة الباكستانية على حظر استقبال القنوات الفضائية الهندية فضلاً عن قنوات "ستار" بسبب "الدعاية السامة التي تبثها ضد باكستان" بحسب مسؤول الاتصالات الحكومية الباكستانية الجنرال شاه زاد عالم. وأضاف أن نحو 800 شركة خاصة تعمل في مجال اشتراكات القنوات الفضائية في باكستان من الممكن أن تتعرض لعقوبات، فضلاً عن إلغاء تراخيصها في حال مخالفة هذا الحظر. وجاء القرار بعدما حظرت نيودلهي بث التلفزيون الباكستاني على أراضيها. وفي موسكو ابلغ الرئيس فلاديمير بوتين الرئيس جاك شيراك بمضمون محادثاته الاخيرة مع رئيس الوزراء الهندي. ونقلت وكالة "انترفاكس" عن المركز الاعلامي للكرملين ان بوتين قال في محادثاته الهاتفية مع الرئيس الفرنسي انه "في ظل اجماع المجتمع الدولي على إدانة العمل الارهابي الذي تعرض له البرلمان الهندي في 13 كانون الاول ديسمبر من الضروري اتخاذ اجراءات حازمة لشل نشاط المجموعات الارهابية المتمركزة في باكستان". واضافت ان بوتين وشيراك أعربا عن أملهما في ان تتوصل الهندوباكستان الى تسوية مشكلاتهما الراهنة عبر "جهود مشتركة" ضد الارهاب.