تراجعت زوبعة الخلاف الحاد الذي حصل بين رئيسي المجلس النيابي اللبناني نبيه بري والحكومة رفيق الحريري، منذ الخميس الماضي وهدأت الحملات الاعلامية. وساهم في هذا التراجع انصراف اركان الحكم الى عطلة العيد فغادر بري الى القاهرة لقضاء العطلة فيها، كذلك الاتصالات التي أجريت معهما من غير فريق. واكتفى المكتب الاعلامي لبري امس بنفي انباء صحافية عن انه طالب بتعيين 3 سفراء مقربين منه، مؤكداً دعوته الى التقيد بآلية التعيينات الادارية، التي كانت السبب الرئيس للخلاف. وأكدت مصادر مطلعة ان لا وساطة حتى الآن بين الجانبين وإن كانت هناك اتصالات يجريها بعض الوزراء، لتكريس التهدئة وكسر حدة هجوم بري على الحريري، الذي طلب الى المقربين منه الامتناع عن أي سجال. وفي هذا المجال نفى وزير الاعلام غازي العريضي ان يكون قام بدور الوسيط بين رئيسي البرلمان والحكومة قبل وبعد زيارته لبري مساء أول من أمس واتصاله مع الحريري. وقال: "أنا أعرف حجمي والأمور تحل بين الرؤساء مباشرة. لكننا تداولنا في ما حصل". واعتبر العريضي ان "ليس هناك من شيء اسمه لا عودة عن الخلاف في السياسة اللبنانية، فالحوار والتواصل يؤديان الى معالجة المشكلات". ورداً على سؤال عما اذا كان الاتفاق على اسم المرشح للمديرية العامة للضمان الاجتماعي الذي فجر الموقف يؤدي الى معالجة الخلاف قال العريضي: "هناك عدد من المناصب المتبقية سيتم الاتفاق عليها كلها والمعالجة لن تقتصر على قضية الضمان". وأوضحت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان الاتصالات، معطوفة على ابلاغ المسؤولين السوريين الى بعض الافرقاء، عدم ارتياحهم من تصاعد الخلاف، "تجعل الباب مفتوحاً أمام المعالجة بعد الأعياد". وذكرت المصادر ان بري حصر اعتراضاته خلال الاتصالات معه، بمجموعة نقاط تضمنها تصريح الحريري الخميس الماضي الذي أثار حفيظته، منها قوله ان الحكومة باقية حتى 2002 و2003، معتبراً ان هذا موقف لا يراعي المجلس النيابي صاحب الصلاحية في الثقة بالحكومة. كما ان بري رأى في رد الحريري على اقتراح تأخير القمة العربية استخفافاً برأيه في شأن المخاوف على المقاومة اذا عقدت القمة. لكن بري كرر مأخذه على الشراكة بين الحريري ورئيس الجمهورية إميل لحود في التعيينات، التي أدت الى تجاهل مطالبه. وفي المقابل استمع الى ملاحظات بعض من اتصلوا به وأخذوا عليه استعماله تعابير حادة في تصريحه الذي هاجم فيه الحريري، باعتبارها "خرجت عن المألوف". وخلصت الى القول ان هناك توجهاً لتكريس التهدئة، والسعي الى اتفاق على التعيينات الادارية المتبقية، 7 مناصب تشمل الضمان في سلة واحدة، وعلى التحضير لاجتماع بين بري والحريري يحسم الخلاف القائم. من جهة ثانية، اعتبر رئيس الحكومة السابق سليم الحص ان "أهل الحكم اختتموا السنة بخلاف بينهم على توزيع الحصص في التعيينات الادارية، تخلله سجال بينهم استخدمت فيه لغة ليست لغة رجال الدولة". وقال: "لما كنا نعلم انهم سيعودون قريباً الى الاتفاق، خصوصاً على ما تبقى من الحصص، فنستغرب ونستهجن اصرارهم على ان يشغلوا الناس بخلافاتهم السخيفة". ورأى ان "العام ينتهي والوضع الاقتصادي في أسوأ حال، على رغم عبارات ايجابية يسعون الى تخدير الناس بها"، مجدداً انتقاده الحكومة "غير الجديرة بالثقة" لعدم اعتمادها خطة اقتصادية. وقال: "انها اعتمدت الاجراءات التي كان المسؤولون عندما كانوا في المعارضة يؤاخذون عليها حكومتنا، بما في ذلك التقشف وضريبة القيمة المضافة والخصخصة". وتمنى وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية فؤاد السعد "لو خرجت التعيينات الأخيرة عن مبدأ المحاصصة المناطقية والطائفية وتأخذ بمبدأ المداورة وتحل الرجل المناسب في المكان المناسب". وقال ان "همنا ان نعيد الى الادارة من خلال قيادييها عصرها الذهبي"، مبدياً خشيته من "ان تكون هذه التعيينات لم تلتزم دقة المعايير التي تسهم في بناء ادارة ذات اداء سليم وكفاية عالية وشفافية".