} بيروت - "الحياة" - استأثر انفجار الخلاف بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري في شأن التعيينات الادارية الاخيرة باهتمام الاوساط السياسية اللبنانية امس. ونشطت الاتصالات البعيدة من الأضواء لمعالجة ذيول ما حصل بين الرئيسين فاجتمع وزير الاعلام غازي العريضي الى بري مساء امس، بعد ان كان التقى ليل اول من امس الحريري الذي استغرب هجوم رئيس المجلس عليه. وذكرت مصادر رسمية ل"الحياة" ان هناك توجهاً نحو التهدئة على خلفية نصيحة سورية للمسؤولين اللبنانيين بتغليب التفاهم، على رغم ان كبار المسؤولين السوريين اكدوا لجميع الأفرقاء انهم يؤثرون عدم التدخل حتى لا يعتقد اي من اركان الحكم انهم يقفون مع احدهم على حساب الآخر. لكن بري بقي على موقفه حتى مساء امس، وأكد ان الكرة في ملعب الحريري. وتوقعت اوساط مطلعة ان تلعب عطلة الأعياد دوراً في التهدئة. وأهاب وزير المال فؤاد السنيورة بالمسؤولين اللبنانيين جميعاً ان يراعوا ظروف البلد بحكمة وتروٍ، محذراً من ان هناك كلفة للمشاحنات والمناكفات السياسية، "ونحن لا نريد ان يؤثر ذلك في الاقتصاد". ووصف "التجاذبات الاخيرة بأنها عاصفة في فنجان"، داعياً الى "لملمة الوضع بسرعة". وقال: "لن يحصل اي اهتزاز في السوق المالية جراء ذلك، لأن الاقتصاد مستقر وكذلك الحكومة مستقرة وليست معرضة لأي اهتزاز وباقية بثقة المجلس النيابي والمواطنين". ونفى رداً على اسئلة الصحافيين في اعقاب جولة له في مطار بيروت الدولي ان تكون القضية بين الرئيسين بري والحريري "قلوباً مليانة". وقال: "ان الرئيسين سيسوّيان الأمور في ما بينهما"، معتبراً "ان الكلام الذي قاله الرئيس الحريري عن انتماء الموظف للدولة هو في غاية الأهمية ويجب ان يكون رد الفعل تجاهه ايجابياً، لأن الولاء هو للدولة وليس لأي شخص آخر". وقال: "كنت اتمنى على الرئيس بري ان يدعم هذا الموقف ويسير به، لأن هذا لمصلحة الجميع ومصلحته هو ايضاً". وأكد رداً على سؤال عما يشاع عن خفض لليرة اللبنانية، ان "الأمر غير وارد على الاطلاق وليس هناك اي فائدة من ذلك، وأن الدول التي سارت في هذا الاتجاه دفعت ثمناً غالياً ونحن لا نريد ان ندفّع هذا الثمن لا سيما لأصحاب الدخل المحدود". ورأى وزير الصحة سليمان فرنجية بعد لقائه البطريرك الماروني نصرالله صفير ان "لا لزوم لأن تصل الأمور الى هذا الحد"، معتبراً ان "البلد لا يحتمل المشكلات". وأضاف: "عندما قلنا ان التعيينات محاصصة عاتبونا وتبيّن انها فعلاً محاصصة والخلاف هو على الحصص ولا أحد يستطيع الدفاع عن نفسه في هذا الموضوع سواء كان رئيساً أم وزيراً، ومن يقول انه ضدّ التعيينات فهو الذي لم يحصل على شيء، ومن معها فهو الذي له حصة". وسئل: هل اسباب الخلاف تعود الى قضية مزارع شبعا؟ أجاب "لا خلاف في موضوع السياسة الخارجية، انما في المواضيع الضيقة، فهذا تكتيك يجعلون منه قضية استراتيجية لا تستحق الخلاف عليها". وأعرب عن اعتقاده بأن "التعيينات المتبقية علقت، وهذا يجب ألا يحصل"، وبأن "ما حدث سيعالج محلياً لأننا نعيش في مرحلة أدق وأكبر مما جرى". وعن قول رئيس الجمهورية السابق الياس الهرواي ان لا وجود لزعماء مسيحيين، قال فرنجية: "أتمنى ألا تكون هناك زعامات مسيحية كالتي كانت في السابق، فنحن ضدّ الزعامة المسيحية المتطرفة التي جلبت الى لبنان المآسي. وأنا مع زعامة مسيحية منفحتة وهذا ما نفتقده، وأعتقد ان الرئىس الهراوي كان يقصد الزعامة المسيحية من الطراز السابق، أي المتعصبة". وعن استعراض "حزب الله" في يوم القدس وردّ الفعل الأميركي عليه، قال: "هذا الموضوع غير موجه الى لبنان ومصالحه انما هو ضمن الصراع الأقليمي، والحزب مشروع ضمن الصراع الأقليمي قبل ان يكون ضمن الصراع الداخلي، والعرض العسكري ليس موجهاً الى لبنان وردّ الفعل عليه خطأ لأنه لمصلحة العدو، ومن يقرأه موجهاً ضد لبنان يكون مخطئاً". وأكد ان "من يحرك المقاومة لديه بعد استراتيجي، وانها حتى اليوم لم تخطئ في اللعبة الاقليمية، ولم تقم بأي عمل يشكل ضرراً على لبنان"، سائلاً "لماذا نعتقد انها ستخطئ اليوم؟"، ومعرباً عن اعتقاده "بأنها ستوقف عملياتها حين تكون سبباً لضرر لبنان". وطالب النائب جورج قصارجي "بعقد جلسة نيابية لطرح الثقة بالحكومة غير المأسوف على رحيلها". وأكد النائب نبيل دو فريج ان ما حصل بين الرئيسين بري والحريري "غيمة سوداء عبرت". واعتبر نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالامير قبلان "ان هذه المرحلة المزدحمة بالتطورات والاستحقاقات، لا تواجه باللامبالاة او في استمرار السجالات السياسية والاعلامية وتوظيف الجهود والامكانات من اجل هذا الموقع الاداري وتغييب هذا الشخص او ذاك". ورأى السيد محمد حسين فضل الله ان المشهد الاقتصادي لا يوحي بالتفاؤل، "فعجز الموازنة يتضخم والاحتياطي النقدي من العملة الصعبة يتقلص والحكومة قد تخطط لضرائب جديدة، والفساد الاداري يزداد افساداً للدولة، والهدر يتحرك في اكثر من حماية من هذا الموقع النافذ او ذاك"، واصفاً اللعبة السياسية بأنها "حوار طرشان". وأسف الوكيل الشرعي للإمام الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك حزب الله "لما حصل من محاصصة ومحسوبيات"، متسائلاً: "هل سيبقى لبنان يعيش دولة المزرعة ام سيخرج الى دولة المؤسسات والقانون؟ وهل سيبقى الفساد مستشرياً ويستمر نهب اموال الشعب الذي يجبى بالضرائب؟". ورأى حزب "الوطنيين الأحرار" ان السجال بين بري والحريري "كشف مرة جديدة طبيعة النظام القائم الذي يميزه عدم الاستقرار نتيجة الالتباس المتعمد في النفوس والخنوع المعشش فيها، ما جعل لبنان يغوص يوماً بعد يوم في التبعية الى حد فقدان مقوماته كدولة ووطن". وأعلن في بيان بعد اجتماعه أمس، انه يتعجب "للدرك الذي بلغه أهل السلطة وهو لا يمكن وصفه إلا بالمحافظة على المحسوبية والاستزلام مغلفين بمبادئ عليا لذر الرماد في الأعين". وأبدى الحزب الشيوعي اللبناني استغرابه واستنكاره "للإمعان في سياسة تناتش الادارة وسواها عبر محاصصة طائفية فئوية، نشهد الآن فصولاً من نتائجها في مجال الخلافات والتنازع، بعدما شهدنا سلبياتها في مجال الاتفاق والتفاهم".