بلغت حدة الصراع السياسي في ايران بين البرلمان الاصلاحي والقضاء المحافظ ما يشبه عملية "كسر عظم"، بعدما اعتقل القضاء النائب الاصلاحي حسين لقمانيان، على خلفية انتقادات حادة وجهها الى النظام قبل أشهر. وتم تثبيت حكم بسجن النائبة حقيقت جو، ورد البرلمان مصعداً، فقدم ثلاثة نواب استقالاتهم تضامناً مع زميلهم نائب محافظة همدان. واعتبرت كتلة النواب الاصلاحيين سجن لقمانيان "كارثة سياسية"، وأكدت انه "إذا كان انتقاد أساليب القضاء يعد جريمة، فكلنا مجرم". وشددت على ان "الأحكام القضائية الأخرى بسجن النائبين محمد دادفر وفاطمة حقيقت جو هي أحكام ضد النواب الأحرار المؤمنين بهذا النظام". لكن القضاء لم يكترث للانتقادات، اذ ثبت حكماً بسجن فاطمة حقيقت جو سنة وخمسة أشهر. وأيدت محكمة الاستئناف الحكم مما يمهد الطريق أمام تنفيذ العقوبة بحق النائبة بناء على اتهامات موجهة اليها، منها الدعاية ضد النظام واهانة مسؤوليه. وكانت النائبة الاصلاحية انتقدت رئيس محكمة الثورة والمجلس الدستوري الخاضع لسيطرة المحافظين، كما جاء معظم الأحكام الأخرى بحق النواب الاصلاحيين بسبب انتقادهم الاجراءات المحافظة لتطويق الاصلاحات. ويرى الاصلاحيون ان النائب يتمتع بحصانة تمكنه من أداء مهماته واطلاق مواقفه الانتقادية بحرية، فيما ينكر المحافظون ذلك على الاصلاحيين، بذريعة ان النواب متساوون أمام القانون مع بقية أفراد الشعب. وزادت حدة الصراع بين الجانبين على غير صعيد، خصوصاً بين البرلمان وكل من القضاء والمجلس الدستوري المعني بالمصادقة على القوانين البرلمانية. ورد المجلس الدستوري مشروع قانون للبرلمان يتعلق باصلاح الجهاز القضائي، كما رد مشاريع أخرى صادق عليها النواب يتعلق بعضها بقانون الانتخابات. تزامن ذلك مع استمرار محاكمة بعض الصحف الاصلاحية كصحيفة "نوروز" ممثلة بشخص مديرها محسن ميردامادي الذي يشغل منصب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، وعضو الشورى المركزي في حزب "جبهة المشاركة". وتتعلق الاتهامات ب"تشويه الحقائق أو نشر أكاذيب". وكان الرئيس محمد خاتمي حمل بشدة على خصومه المحافظين، مؤكداً ان الاصلاحات لن تصل الى طريق مسدود، ومحذراً من خطورة عرقلة عملية الاصلاح. لكن شقيقه محمد رضا خاتمي كان أكثر وضوحاً في انتقاد القضاء. ويتهم الاصلاحيون جناحا "متطرفاً" في أوساط المحافظين بالوقوف وراء الملاحقات القضائية، لمحاصرة الاصلاحات. ويبدو ان حدة الصراع مرشحة لتصعيد، ما دفع بعض النواب الاصلاحيين الى طلب تدخل المرشد آية الله علي خامنئي. الى ذلك أ ف ب دعا مجلس الوزراء الايراني الى "التهدئة" بين الغالبية الاصلاحية في البرلمان والجهاز القضائي، وبثت اذاعة طهران أمس ان مجلس الوزراء الذي انعقد مساء الأربعاء برئاسة خاتمي طلب من "القوى السياسية في النظام تهدئة التوتر وتفادي أي تصعيد". ونقلت عن الناطق باسم الحكومة عبدالله رمضان زاده قوله ان نائب الرئيس المكلف العلاقات مع البرلمان حجة الاسلام محمد علي ابطحي "ابلغ مجلس الوزراء احتجاجات النواب" على أحكام القضاء. وذكر الناطق ان "الحكومة تطالب بتدخل رئيس القضاء آية الله محمود شهرودي لتسوية هذه المشكلة"، مؤكداً "تعيين ممثلين لدى القضاء من أجل اطلاق النائب" لقمانيان.