بوسطن، باريس، لندن - "الحياة"، ا ف ب، رويترز - أعلن الإدعاء العالم الأميركي ان الرجل الذي اعتُقل خلال محاولته إشعال فتيل لمتفجرة في طائرة مدنية أميركية في رحلة بين باريسوميامي السبت، كان يُخفي قنبلتين بدائيتي الصنع جاهزتين للاستخدام. وتقول الولاياتالمتحدة ان الرجل الذي كان يستخدم جوازاً بريطانياً ويُزعم انه قال للمحققين انه سريلانكي مسلم، كان يعتزم على ما يبدو تنفيذ عملية انتحارية في لاطائرة، وهي من طراز "بوينغ - 767". وأثارت محاولة تفجير الطائرة المخاوف من جولة جديدة من الهجمات على أهداف مدنية اثناء احتفالات عيد الميلاد وعطلة رأس السنة. واعلنت المطارات في مختلف انحاء العالم حال التأهب القصوى. وليست هناك صلة مباشرة بين هذه المحاولة والهجمات التي تعرضت لها نيويورك وواشنطن في 11 ايلول سبتمبر والتي يلقى باللوم فيها على تنظيم "القاعدة" الذي يقودها أسامة بن لادن. لكن السناتور ريتشارد شلبي العضو الجمهوري البارز في لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ تساءل في شبكة "سي.بي.اس." التلفزيونية الاميركية: "هل هو الحادث جزء من خطة واسعة النطاق ام ان هذا الرجل كان يعمل بمفرده؟ لا نعرف بعد. هذا الرجل كان يحاول تفجير نفسه ونسف الطائرة. وقد حالفنا الحظ ان ذلك لم يحدث". واعلن ممثلو الادعاء الفيديرالي الليلة قبل الماضية ان اسم الرجل الذي حاول نسف الطائرة فوق المحيط الاطلسي هو ريتشارد سي. ريد. واتهم الادعاء ريد بالتدخل في عمل افراد طاقم الطائرة بالتعدي عليهم وتخويفهم بعدما لاحظت مضيفة انه حاول اشعال النار في حذائه وتفجير الشحنتين الناسفتين اثناء جلوسه بين الركاب. ومثل المتهم أمس امام القاضية جوديت داين التي ابلغته بتعيين محام عنه على ان يمثل الجمعة مجددا امام المحكمة لتوجيه الاتهامات اليه. واذا دين هذا الرجل فانه سيواجه حكماً بالسجن 20 عاماً وغرامة تبلغ 250 الف دولار. وقال المدعي العام الفيديرالي مايكل سوليفان ان اتهامات اخرى قد توجه اليه مع تقدم التحقيق. وافاد مختبر مكتب التحقيقات ان تحليلاً مبدئياً لحذائه اظهر وجود شحنتين ناسفتين بدائيتي الصنع. وحُوّل مسار طائرة "اميركان ايرلاينز" الى بوسطن من مسارها الاصلي بين باريسوميامي بعدما تغلب بعض من الركاب عددهم 183 والطاقم 12 على ريد الذي وصف بان طوله 193 سنتيمترا ووزنه 90 كيلوغراماً. ولم يحدد المسؤولون الاميركيون فوراً جنسيه ريد، لكنهم قالوا انه كان يحمل جواز سفر بريطانياً أصدرته السفارة البريطانية في بروكسل في 7 كانون الاول ديسمبر الجاري. وقالت الشرطة البريطانية انها تعتقد بان المشتبه به بريطاني. لكن السلطات الفرنسية تقول ان اسمه طارق راجا من سريلانكا. وفي باريس، عززت السلطات إجراءات الأمن المعتمدة في المطارات بعد محاولة تفجير الطائرة الأميركية التي أقلعت من مطار "رواسي شارل ديغول" في رحلة الى ميامي. وعُلم في هذا الإطار ان السلطات رفعت عدد رجال الأمن المكلّفين السهر على أمن المطارات، كما زادت عدد الكلاب المدرّبة على كشف المتفجرات. واجرت شرطة مكافحة الارهاب الفرنسية وهيئة مكافحة التجسس تحقيقاً أمنيا منفصلاً امس للتحقيق مع الرجل واحتمال وجود صلة له بمنظمات سرية في فرنسا واوروبا. وانتقدت صحف فرنسية أمس عيوب الاجراءات الامنية المتبعة في مطاري رواسي واورلي. وقالت صحيفة "ليبراسيون" اليومية: "أعيد التفكير في قضية الامن الجوي الا انه من الواضح انها لم تحل". ونقلت صحيفة "لو فيغارو" عن المفوض الأول في شرطة الحدود باتريك روبي ان "البوابات الأمنية" التي يجتازها المسافرون قبل صعودهم الى الطائرات لا تكشف سوى وجود الأدوات المعدنية، أما المتفجرات والمخدرات فلا يمكن كشفها سوى بواسطة الكلاب المدرّبة. وكان عدد الكلاب المدربة على ذلك في رواسي يقتصر على إثنين ينحصر دورهما في كشف محتويات حقائب الركاب. وتقرر رفع العدد الى خمسة. لكن عاملين في المطارات، وتحديداً في رواسي وأورلي، يشككون في جدوى الإجراءات المعززة في ضمان سلامة الرحلات الجوية كافة، نظراً الى عدد الركاب الذين يقلعون يومياً نحو مئة الف. وفتحت شعبة مكافحة الإرهاب لدى محكمة باريس تحقيقاً في الحادث بالتعاون مع دائرة مراقبة الأراضي الفرنسية د. أس. ت. بهدف كشف الثغرات التي سمحت لمنفّذ محاولة التفجير في الصعود الى الطائرة. وأقر مسؤولون عن الأمن في رواسي بأن بعض المسؤولية يقع على عاتقهم. لكنهم رأوا ان العاملين في شركة الطيران الأميركية أميركان إيرلاينز كان ينبغي عليهم أيضاً ان ينتبهوا الى راكب صعد الى إحدى طائراتهم في رحلة طويلة من دون ان تكون معه حقائب. الى ذلك، أفادت مصادر الشرطة الفرنسية ان منفّذ محاولة التفجير أمضى ليلة الجمعة - السبت في فندق "كوبتورن" القريب من مطار رواسي، وانه سدد نقداً ثمن إقامته في الفندق لمدة ليلة واحدة 1250 فرنكاً فرنسياً. وقالت ان هذا الشخص كان اشترى بطاقة سفره من إحدى شركات الطيران في الدائرة ال18 من باريس، وحاول الصعود الى الطائرة المتجهة الى ميامي يوم الجمعة لكن موظفي "أميركان إيرلاينز" منعوه من ذلك لارتيابهم بسلوكه. وقالت "ليبراسيون" ان الشرطة الفرنسية حققت مع ريد بناء على طلب شركة الطيران، عندما حاول السفر للمرة الاولى يوم الجمعة، لمعرفة اسباب سفره من دون حقائب. واضافت انه رد على المحققين انه مسافر للقاء اهله في انتيكوا وانه لا يحتاج الى حقائب، وان الشرطة اقتنعت بروايته. وذكرت ان اجراءات التحقيق كانت وراء عدم تمكنه من اللحاق بالرحلة، فعاود الكرة في اليوم التالي بلا مشاكل. في غضون ذلك، ذكرت مصادر قريبة من التحقيق ان المادة المتفجرة التي عُثر عليها داخل حذائه من نوع "باندريت"، وهو من المواد المتفجرة الشديدة المفعول. لكنها قالت ان الكمية التي كانت في حوزته تُقدّر بنحو 200 غرام ومزودة فتيلاً يدوي الصنع ولم تكن قادرة على تفجير الطائرة وإنما إحداث أضرار في داخلها وترويع الركاب. وفي روما، نقلت صحيفة "كورييريه ديلا سيرا" أمس عن مسؤول في شرطة مطار فيوميتشينو في روما قوله ان هيئة الطيران المدني وجهت الاسبوع الماضي الى العالم بأسره تحذيراً من مخاطر تعرض طائرات للخطف. وقال فيليتشي فيرتزيلي ان السلطات الايطالية تلقت تحذيرين احدهما من هيئة الطيران المدني والآخر من اجهزة استخبارات دولة غربية. واشارت المذكرة التي عممت على الشركات الاميركية ووجهت الى اجهزة الامن في العالم الى "احتمال خطف ارهابيين طائرة قادمة من الولاياتالمتحدة او اوروبا". وقالت ان "الارهابيين قد يحاولون الصعود الى طائرة مع اسلحة مفككة تخبىء قطعها داخل احذية". وفي اشارة على تزايد القلق من احتمال وقوع هجوم جديد، قالت استراليا أمس انها اعطت اوامرها بتشديد الاجراءات الامنية اثناء عيد الميلاد. وقال المدعي العام داريل وليامز في بيان: "تلقت الحكومة الفيديرالية معلومات تشير الى احتمال وجود تهديد ارهابي في استراليا ضد المصالح الاميركية والبريطانية". وفي زوريخ، افاد مسؤولون في المطار انهم سيطبقون الاجراءات الامنية لوكالة الطيران الاتحادية الاميركية اعتبارا من اليوم، بما يعني ان المسافرين على الشركات الاميركية سيكون عليهم وضع احذيتهم في اجهزة الفحص الامنية مثلما هو الحال مع حقائب اليد . وفي المطارات الاميركية والالمانية والبريطانية ما زالت اجهزة الامن في حال التأهب منذ الهجمات في 11 ايلول سبتمبر. اذ يجب على الركاب الوصول الى مطار هيثرو في لندن قبل ثلاث ساعات من اقلاع الرحلات عبر الاطلسي. وهم ايضا عرضة لعمليات تفتيش عشوائية لحقائب اليد قبل ركوب الطائرات.