الناصرة - "الحياة" -أعرب الرئيس ياسر عرفات عن تصميمه على المشاركة اليوم في قداس الميلاد في مدينة بيت لحم، في تحد للقرار الذي اتخذته الحكومة الاسرائيلية المصغرة بمنعه من التوجه الى المدينة بحجة عدم محاربته "المنظمات الارهابية". في غضون ذلك، تواصلت الوساطات الأميركية والأوروبية من أجل إقناع الحكومة الإسرائيلية بالتراجع عن قرارها الذي انقسم الوسط السياسي الاسرائيلي ازاءه. وقالت مصادر فلسطينية انه في حال لم تنجح الوساطات، فالمطروح ان يتوجه عرفات الى بيت لحم عبر طريق التفافي، فيما اشارت مصادر اخرى الى ان الرئيس الفلسطيني مستعد للتوجه الى حاجز قلنديا الواصل بين رام الله والقدس للاحتجاج على القرار الاسرائيلي. وصرح عرفات المحاصر في رام الله: "لا يستطيع احد ان يمنعني من الذهاب الى بيت لحم"، في حين ناشدت السلطة بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني التدخل لوقف اعتداء اسرائيل على الحريات الدينية. واشار نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني الى تحركات ديبلوماسية دولية لمواجهة الخطوات الاسرائيلية، فيما اعتبر وزيرالثقافة ياسر عبدربه ان "من المخجل ان تتخذ اسرائيل قراراً بمنع الرئيس الفلسطيني من المشاركة في مناسبة دينية عزيزة على المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين جميعاً وعلى العالم بأسره. القرار استفزازي ويراد منه تحويل المناسبة الدينية الى سياسية". وكانت الاذاعة الاسرائيلية بثت مساء اول من امس ان عرفات طلب من اسرائيل السماح لمروحيتين اردنيتين بنقله مساء الاحد او الاثنين مع معاونيه الى بيت لحم. لكن مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون اعلن في بيان بعد منتصف ليل السبت - الاحد منع عرفات من التوجه الى بيت لحم لأنه "لم يفعل شيئاً من اجل تفكيك المنظمات الارهابية والتصدي للاعتداءات الارهابية كما لم يوقف ويعاقب الارهابيين بمن فيهم قتلة وزير السياحة رحبعام زئيفي". وأيد القرار سبعة من الوزراء وعارضه ستة في تصويت تم عبر الهاتف اجراه الامين العام للحكومة جدعون ساعر ليل السبت - الاحد. ولم يصوّت على القرار وزير العدل مئير شتريت الذي يعتبر اكثر وزراء ليكود اعتدالاً. ومن شأن تصويته ضد القرار ان يلغيه، الا انه اعلن انه ما زال يدرس الموضوع. وأثار قرار المنع ردود فعل متباينة داخل اسرائيل، اذ قال وزير الخارجية شمعون بيريز لاذاعة الجيش: "لا اريد ان يكون منعنا لعرفات من زيارة بيت لحم حديث عيد الميلاد في العالم المسيحي... دعوه يذهب". واوضحت الاذاعة ان وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر اعرب عن اعتراضه على قرار المنع، كما اعتبر نائب وزير الخارجية ميخائيل ملكيور القرار "اهانة ما بعدها اهانة للرئيس الفلسطيني وعرض عضلات يضر بنا سياسياً واعلامياً". اما زعيم المعارضة يوسي ساريد فقال ان القرار "يمهد الطريق للعملية الانتحارية المقبلة، وبدلاً من تشجيع عرفات على ما قام به اخيراً، فان شارون يقوم بكل ما في وسعه لاضعافه وتحقيره". ووسط هذه المواقف، قال احد اعضاء مكتب شارون: "نحن لا نقيد الحقوق الدينية لعرفات. هو ليس مسيحياً. يجب ان يخصص وقته فقط لاشياء اكثر اهمية مثل البدء بالاعتقالات التي تعهد القيام بها". كذلك بثت الاذاعة العبرية ان "قوات الاحتلال مستعدة لمواجهة احتمال ان يتحايل عرفات على قرار المجلس الوزاري ويغادر رام الله عبر طريق جانبية". وفي السياق نفسه، دعا وزير الخارجية البلجيكي لوي ميشال الذي يتولى رئاسة مجلس وزراء الاتحاد الاوروبي اسرائيل الى "عدم عرقلة" زيارة عرفات لبيت لحم. وقال الناطق باسمه انه "يستغرب" القرار الاسرائيلي، مضيفاً: "في نهاية هذه السنة يدعو الوزير ميشال السلطات الاسرائيلية الى عدم عرقلة اي بادرة ولو كانت رمزية يمكن ان تساهم في استئناف الحوار السياسي في الشرق الاوسط والذي لا غنى عنه". يذكر ان عرفات ومنذ انسحاب اسرائيل من بيت لحم عام 1995، يشارك كل سنة في قداس منتصف ليل الميلاد في كنيسة القديسة كاترين المحاذية لكنيسة المهد. في غضون ذلك، نفى مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون ما ورد في صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية عن وجود مسودة اتفاق لحل النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي وضعها وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد قريع أبو العلاء في ختام لقاءات عدة تمت بينهما في الأشهر الأخيرة. وكتبت الصحيفة ان "وثيقة بيريز - ابو العلاء" تتضمن اربعة بنود وتقضي اولا بتطبيق بنود "خطة ميتشل" الداعية الى وقف النار ورفع الحصار ووقف الاستيطان وجمع الاسلحة من المنظمات الفلسطينية على مدى ستة اسابيع، يعقبها اعلان دولة فلسطينية على 42 في المئة من اراضي الضفة الغربية ومعظم اراضي قطاع غزة في الاسبوع الثامن، في حين يجري التفاوض بين الدولتين على القضايا الشائكة مثل اللاجئين والقدس وترسيم الحدود والمياه والامن والمستوطنات والتعاون الاقتصادي والاقليمي. واعتبر وزير الثقافة ياسر عبدربه ان "من سابع المستحيلات ان يناقش اي قائد فلسطيني أموراً على هذا المستوى من الجدية والخطورة من دون عرضها على القيادة الفلسطينية"، في حين اعتبر شارون ان الوثيقة مجرد "خطة خيالية لا أساس لها ومجرد طرحها يلحق الضرر بإسرائيل".