قطع بلحسن الفقيه رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم اجازة عيد الفطر وتوجه الى إيطاليا ليبحث في الأوضاع الصعبة للاعبين التوانسة في نادي جنوى درجة ثانية وهم الحارس شكري الواعر والمدافع خالد بدرة وحسان القابسي ورؤوف بوزيان والمهاجم عماد المهذبي. وكان عبدالرحيم الزواري وزير الرياضة شدد في اجتماعه الأول مع اللجنة الجديدة لاتحاد كرة القدم على أولوية حماية اللاعبين المحترفين في ايطاليا وأهمية مشاركتهم في نهائيات كأس الأمم الافريقية. وجاءت هذه التحركات العالية المستوى في ضوء احاديث عن عودة جماعية محتملة ل"الخماسي" التونسي الى قرطاج قبل نهاية العام الحالي والاستغناء عن خدماتهم، وفي أدنى الاحتمالات منعهم من قبل فرانسيسكو سكوليو، مدرب تونس السابق، من المشاركة في النهائيات الافريقية. وكان "المحترفون" انتقلوا الى جنوى في مقابل مبلغ متواضع لم يتجاوز ثلاثة ملايين دولار، ويبدو ان سكوليو كان يهدف من خلال هذه الصفقة عودة محتملة الى تسلم مهام المنتخب التونسي، غير ان التعاقد مع الفرنسي هنري ميشال وحتى عام 2004، أسقط حسابات "البروفسور" فعمد الى مراجعة رهاناته عبر المقايضة والابتزاز تارة، وتوتير العلاقات تارة اخرى. والحقيقة ان الوضع المحرج "الخماسي" التونسي جاء بعدما عمد جنوى الى التعاقد معهم سعياً الى العودة الى دوري الأضواء، في ظل المرحلة الانتقالية التي تعيشها ادارته، اذ اشترته مجموعة مستثمرين من بينهم سكوليو. وترافق انتقال الخماسي الى تونس مع ما خلفته احداث 11 ايلول سبتمبر، فتعرض اللاعبون الى ضغوط تتعلق بأدائهم لواجباتهم الدينية، وراحت وسائل الإعلام التونسية تسلّط الضوء على تحركاتهم وتقاليدهم بشكل يتعدّى الخصوصية الشخصية، وبلغ الغضب بسكوليو الى حد طلب منهم العودة الى تونس في منتصف شهر رمضان، لأنهم أصرّوا على الصيام. أضف الى ذلك الأداء غير المستقر لجنوى بعد 15 مرحلة من البطولة وفشله في بلوغ المربع المؤهل الى الدرجة الممتازة، لذا يمكن القول ان بقاءهم في ايطاليا اصبح على كف عفريت. ويبدو أن "الخماسي" أدرك بعض مؤشرات هذا الترحيل الجماعي، فعمدوا الى آلية محلية لحماية انفسهم، ونظراً لوجودهم في ايطاليا كمحترفين، فقد صعب عليهم الاضراب عن اللعب جرياً على عادتهم في تونس، واختاروا حلاً وسطاً فأشاعوا عدم حصولهم على رواتبهم ومخصصاتهم منذ اكثر من ثلاثة اشهر، ليحركوا السلطات والرأي العام في تونس ويلفتوا الأنظار الى أوضاعهم الصعبة. وبرروا هذه الخطوة بالوضع المالي المتردي لناديهم الإيطالي. لكن الوجه الآخر للحقيقة يفيد بأن جنوى تعاقد في نهاية الأسبوع الماضي مع لاعبين من رومانيا، من بينهم مهاجم دينامو بوخارست ميهاليتش في مقابل 5،1 مليون دولار، وأكد سكوليو ان الرواتب دفعت كلها، ولم يتبق سوى القسم الثاني من المبلغ المالي المتعلق بعقد شكري الواعر البالغ 800 ألف دولار. دقت ساعة الحقيقة للمحترفين التوانسة بعد سقوط حسابات سكوليو والذريعة التي استندوا إليها، وأصبحوا مطالبين بتحقيق النتائج من خلال وضع احترافي لا يرحم ابداً. وكان لافتاً بُعد خالد بدره ورؤوف بوزيان عن هذه الزوبعة، خصوصاً أنهم خبرا عالم الاحتراف في بطولتي تركيا وفرنسا، في حين إخفاق الباقين في التأقلم والحنين الى الأجواء المحلية حيث يحظون بمكانة محترمة ورواتب مضمونة. ولم تشفع صداقات الواعر لسكوليو عند جمهور جنوى إذ طالبه بمضاعفة الجهد لضمان مكان ثابت في التشكيلة الأساسية للنادي "وهذا ما يظهر هشاشة الوضع الاحترافي لهؤلاء اللاعبين القائمة اساساً على مبدأ الصداقة للمدربين الأجانب، والتي تعتبر بمثابة جسر عبور الى الضفة الشمالية من المتوسط. وبعدما انفرط عقد اللاعبين التوانسة في فرايبورغ الألماني اثر عودة المهدي بن سليمان الى أرض الوطن بخفي حنين، وبقاء عادل السليمي يجاهد بمفرده هناك، يشكو زبيربية الابن المدلل للنجم الساحلي وفرايبورغ على مدى أربع سنوات، من الهجوم الشرس الذي يتعرّض له من الصحافة التركية منذ انتقاله الى بيسكطاش، إذ تحوّلت الهالة الإعلامية التي رافقت انضمامه الى النادي التركي الى غضب شديد، واعتبر صفقة خاسرة، خصوصاً أنه لم يسجل اي هدف في 11 جولة من البطولة حتى الآن. ولا أحد يشكك في الطاقات الإبداعية للاعبين التوانسة خصوصاً في الدوري المحلي، لكن خطأهم الكبير اعتمادهم اكثر من اللزوم على مدربين اجانب يظهرون لهم جانب الصادقة والغيرة على مصالحهم، ويجنون أموالاً طائلة من صفقات انتقالهم. لكن تبقى بارقة امل بمستقبل احتراف التوانسة الموهوبين في الخارج، امثال حاتم الطرابلسي الذي أثبت جدارته في اياكس امستردام، وقد انتقل إليه في مقابل ثلاثة ملايين دولار.