بدأ التراجع الاقتصادي الذي تعيشه السعودية منذ اعوام عدة يؤثر في الحركة الرياضية خصوصاً بعد تراجع عدد كبير من اعضاء الشرف في الاندية المحلية عن تقديم الهبات المالية. وأثر هذا التراجع بداية على الاندية المتوسطة والصغيرة ووصل في الاونة الاخيرة الى الأندية الكبيرة مثل النصر والاهلي، فيما لم تشفع النتائج المميزة التي حققها الشعلة "الصاعد الى الدرجة الممتازة" في حمايته من الازمات المالية، والتي حملت مسؤولي النادي على تقديم استقالتهم. وكان الجميع ينتظرون بفارغ الصبر قرار الحكومة تخصيص الاندية حتى بلغ الامر مجلس الشورى، بيدَ ان الرئيس العام لرعاية الشباب الامير سلطان بن فهد أعلن قبل نحو شهر ان تنفيذ قرار التخصيص لن يتم قبل نحو عشرة أعوام. وبدت الازمات المالية الكبيرة التي تعصف بالاندية السعودية شديدة الوضوح في حال نادي النصر الذي حرمته مشكلات تسديد انتقال النجوم اليه من الاعانة السنوية التي تقدمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب، الامر الذي دعا رئيس النادي الامير عبدالرحمن بن سعود في النهاية للابتعاد لأنه لم يجد مساندة كافية من اعضاء الشرف، تؤمن ضخاً مالياً يسهم في التعاقد مع لاعبين أجانب مميزين. وتتكرر الازمة في اهلي جدة الذي كان الى وقت قريب اكثر الاندية المحلية التزاماً بتسديد رواتب لاعبيه في مواعيدها، لكن فشل الفريق في بطولة الاندية العربية الاخيرة شكلت صدمة للمشرف علىه الأمير محمد العبدالله الفيصل، ولا سيما انه يوفر له المتطلبات المادية والمعنوية كلها، فآثر الابتعاد من النادي وأجوائه في الايام الاخيرة، الامر الذي فسره البعض خطوة على طريق تقديم استقالته، وتخوفوا من ان يؤدي ذلك الى عدم انتظام دفع رواتب اللاعبين الذين اثبتوا مرات عدة عدم مقدرتهم على تحقيق البطولات على رغم غنى التشكيلة بالأسماء الكبيرة. والازمات المالية ليست حديثة العهد في الملاعب السعودية بل تعود الى نحو عقد من الزمن، لكنها تفاقمت في الآونة الاخيرة حيث بدت الاندية عاجزة عن التعاقد مع محترفين اجانب من مستوى مرتفع امثال الذين يلعبون في الامارات وبدرجة اقل في قطر ما اثر على الدوري المحلي وجعل الجماهير تعزف عن ارتياد الملاعب، ففقد الدوري نكهته. واللافت في موضوع الهبات التي يقدمها اعضاء الشرف انها باتت تقتصر في كثير من الاندية على نقل خدمات اللاعبين المحليين الى اندية اخرى ومنها انتقال فهد الغشيان الى النصر، والذوادي حارس هجر الى الاتفاق بمبلغ اقل ما يقال عنه انه خيالي بالنسبة لنادٍ مثل الاتفاق الذي يعاني متاعب مالية كبيرة اجبرته على الاكتفاء بمركز في وسط قائمة ترتيب الدوري بعدما كان ينافس على المقدمة. والامر ذاته ينطبق على الوحدة الذي يصارع سنوياً للهروب من الهبوط الى الدرجة الاولى، والازمات هي التي غيبت الشباب ايضاً واضطرته للاستغناء عن افضل نجومه مثل فهد المهلل وصالح الداود وفؤاد أنور ومرزوق العتيبي قبل ان يعود اليه بطريقة الاعارة. بيد ان هناك مستفيدين من هذه الازمات مثل الهلال والاتحاد، فالسيولة المتوافرة في صندوقي الناديين الكبيرين، جعلتهما "يوكوشان" على الألقاب والبطولة، ويستقدمان لاعبين كباراً من طينة الايطالي دونادوني ومواطنه جيليسي، الذي كان يتقاضى بحسب ما صرّح به لصحيفة "لا غازيتا ديللوسبورت" ما يقارب مليون ريال شهرياً، والبرازيلي سيرجيو ومن الاسماء المحلية، ضمّ الاتحاد حمزة ادريس والحسن اليامي وحسين الصادق ومبروك زايد وصالح الصقري. وما يزيد في المشكلات المالية في الاندية عدم اقتناع غالبيتها بفكرة تفريخ اللاعبين، وتفضيلها شراء "الجاهز"، وكأن لم يسمعوا بعد بأندية عالمية كبيرة انجبت مدارسها الكروية خيرة النجوم مثل ديفيد بيكهام لاعب مانشستر يونايتد ومايكل اوين لاعب ليفربول.