تركت تشكيلة الدكتور محمد مصطفى ميرو الكثير من الارتياح في الوسط السياسي باعتبارها الحكومة الاولى للرئيس بشار الاسد منذ تسلمه الحكم في تموز يوليو الماضي. واحتفظ حزب "البعث" الحاكم بالمناصب الاساسية المتمثلة برئاسة الوزراء وجميع حقائب السيادة، لكن على رغم ان المادة الثامنة من الدستور تنص على ان الحزب هو "القائد للدولة والمجتمع" فإن دوره تراجع في الحقائب ذات العلاقة بالأداء الاقتصادي، إذ تسلمها مستقلون بخلفيات اكاديمية من دول تعتمد اقتصاد السوق. واذا كانت التشكيلة الاولى لميرو في اذار مارس الماضي ضمت 13 وزيراً جديداً بعضهم محسوب على التيار الاصلاحي، فإن 17 وزيراً اصلاحياً دخل الحكومة الجديدة حمل تعيين كل واحد منهم الكثير من المؤشرات السياسية والاقتصادية. وبانخفاض حصة "البعث" من 26 الى 19 وزيراً، خسر الحزب الحاكم حقيبتين اعتاد على شغلهما منذ وصوله الى الحكم سنة 1963، هما السياحة التي تسلمها الدكتور سعد الله آغا القلعة المقرب جداً من الرئيس السوري خلفاً للبعثي قاسم مقداد الذي عمل وزيراً حوالى 20 شهراً، والتموين التي كانت من اعمدة "البعث" في سياساته الاشتراكية، اذ ذهبت الى الشيوعي عدنان خزام، بعدما كان يتسلمها القيادي البعثي اسامة ماء البارد أحد الوجوه الجديدة في حكومة ميرو الاولى التي تشكلت قبل رحيل الرئيس حافظ الاسد. والى هذا المعنى الحزبي- السياسي، فإن المؤشر الاكبر لطبيعة الانفتاح الاقتصادي في المستقبل ظهر في اعطاء حقيبة الاقتصاد الى الدكتور غسان الرفاعي الخبير في "البنك الدولي"، وكان ذلك مفاجئاً وان كان اسمه ورد في الترشيحات التي نشرت في "الحياة" قبل ايام مع الدكتور شفيق الاخرس والدكتور نبيل سكر. والرفاعي من مواليد حمص 1942 يعمل في البنك الدولي منذ 1972 وحاصل على الدكتوراه من جامعة ساسكس البريطانية سنة 1980. ويتوقع ان يعطي تسلمه حقيبة الاقتصاد دفعاً لتطوير سورية علاقاتها مع المؤسسات المالية الدولية والمفاوضات مع الاتحاد الاوروبي. وقال مصدر مطلع ان تعيين الرفاعي دليل على "الرغبة بربط المغتربين السوريين ببلدهم والافادة من خبراتهم ومعرفتهم في الثورة المعلوماتية والاقتصادية التي حصلت في السنوات الاخيرة". وبدا ذلك ايضا في استحداث وزارة جديدة لشؤون المغتربين تسلمها ناصر قدور بعد إلغاء وزارة الشؤون الخارجية. ويتفق الرفاعي مع وزير الصناعة عصام الزعيم 61 سنة والمال محمد الاطرش 67 سنة والسياحة آغا القلعة 51 سنة في كونهم مستقلين حزبيا ويحملون شهادات الدكتوراه من جامعات باريس ولندن، في حين يتفق وزيرا النقل مكرم عبيد 57 سنة والتعليم العالي حسان ريشة 56 سنة في الانتماء الى البعث والدراسة في جامعات اوروبا الشرقية، لكن السنوات الاخيرة اعطتهم الفرصة للاطلاع على التجارب الغربية حيث ان عبيد خضع لعدد من الدورات في بريطانيا والسويد والولايات المتحدة وريشة درس قبل سنوات في جامعة هيوستن الاميركية. لذا تتفاءل أوساط رجال الاعمال بتنفيذ القرارات التي صدرت في الاشهر الاخيرة في مجال الاصلاح الاقتصادي وتعزيز العلاقة مع الغرب. اذ كان لافتاً ان تشكيل الحكومة حصل فور اقرار قانون مجلس النقد والتسليف الذي حال تأخره دون تطبيق قانون المصارف الخاصة.