تعدد الزوجات مباح في الإسلام، ويصل في بعض الحالات إلى حكم الوجوب، فضلاً عن أن هناك من يرى أن الأصل هو التعدد والاستثناء هو الإفراد. لكن هذه الحقائق محرمة في الدراما العربية حتى جاء مسلسل "الحاج متولي"، وغيّر صورة تعدد الزوجات، ولطف الخلافات والمشاكل الناجمة عن التعدد، وكفر عن تشويه فكرة جمع أكثر من زوجة والذي يمارسه في العادة بعض الأعمال الدرامية العربية، وتبنى تسويق تعدد الزوجات، وقدم الحاج متولي في صورة مغرية بين زوجاته الثلاث وهن يتسابقن على خدمته وإغرائه والفوز به. ربما روّج مسلسل "عائلة الحاج متولي" لفكرة تعدد الزوجات في بعض حلقاته، أو كان محايداً في نقلها قياساً إلى مسلسلات أخرى، لكنه استثمرها لهدف أهم وكشف من خلالها تسلط الرجل العربي داخل بيته ومجتمعه الصغير، ونجح في تقديم "الديكتاتور" من خلال شخصية شعبية، يتحكم بحياة زوجاته ومستقبل أولاده وخصوصية العاملين معه، والعلاقات الاجتماعية بين الناس المحيطين به في المتجر والحارة. الحاج متولي نموذج موجود في الحياة العربية في مستويات مختلفة ومواقع كثيرة، والغريب أنه نموذج محبوب شعبياً على رغم أنه متحكم بمصائر الناس، يتدخل في أدق تفاصيل حياتهم. والديكتاتور الشعبي لا يختلف كثيراً عن السياسي حتى في الوسائل وأساليب العمل، لذلك لا تستغرب إذا رأيت انقياد بعض الشعوب العربية وراء زعامات ديكتاتورية، لأن الحس الشعبي في البلاد العربية يغذي هذا الحب للتسلط، ويجد للديكتاتور العذر وينظر إلى أعماله وتصرفاته بعين الرضا، ويتلذذ بسطوته وتحكمه. إن صدام حسين وملا محمد عمر و"الحاج متولي" نماذج للديكتاتورية، وعلى رغم ذلك يعيش العراق منذ عشر سنين في حصار ظالم من أجل صدام، وتدمر أفغانستان من أجل أفكار ملا عمر، ونستمتع نحن كل يوم بمشاهدة مسلسل تحكم الديكتاتور متولي ب"عائلة الحاج متولي".