أول الكلام: من قصيدته الشهيرة "حوار ثوري مع طه حسين"، للشاعر/ العصر - نزار قباني: - عُدْ إلينا، فإنّ ما يُكتب اليوم صغير الرؤى .. صغير المعاني ذُبح الشعر، والقصيدة صارت قينة .. تُشترى ككل القيان جرّدوها من كل شيء، وأدموا قدميها باللفّ والدوران!! هذا هو "المساء" الثالث والأخير في رحلة خاطفة، حرصت فيها ان ارتدي "خفقي" لباساً يدفئني في صقيع الصمت ووحدة النفس ... أركض في دروب الهمسات، لعلني أضع بعض النقاط من الهمس على كلمات تفر من صخب الناس وزحامهم الى اشواقهم وعطش ارواحهم! نعم ... كنت في المساء الأول الذي كان يمثل لي: رجعة حلم، أفتح فيه باباً وراء باب، ويحملني الضوء الناعس من الظلال الى التفتح، ومن التأمل الى "شيطنة" الخفقة حتى تذوب في "النور" ... هذا المنبعث من أفق يتمخض ابداً: شهقة و... عناقاً! نعم ... كنت أبوح لكم باشتياقي للسفر .. باشتياقي للشوق! و... فجأة: صادر انتباهتي في المساء الثالث/ الأخير: صوت الكلثومية الجديدة القادمة من عصر السنباطي ورامي ... الصوت الذي لا يستقر في تموّج نسمة منتصف الليل، ولكنه يحلّق كطيف ... كهمسة عاشق محرور .. صوت/ آمال ماهر، وقد تصاعد في اسماعنا الى عمق الجوانح: يُشجي خفقاتنا بعد امتلاك أبعاد الخفق ... منساباً يردد: "جددت حبك ليه" ... على عود الموسيقار المعلّم/ عمار الشريعي! ياه ... قلت أهمس لرفيق حميم بجانبي، ونظراتي تسبح على امتداد النيل: - وهل بقي "حب" في هذا الزمان، و... يتجدد ايضاً؟! أم ... هل يسمح لإنسان ما ان يُجدّد حباً قديماً ... ومن يتذكّر؟!! في أبعاد صوت "آمال ماهر": سافرت يملؤني القرب/ أكسر يقظة العمر كما صورت الشاعرة اللبنانية/ هناء خاتون ... خفقي يعزف مع أوتار/ عمار الشريعي، وشجوني تنطق بنبرة صوت/ آمال ماهر .. والليل يتكسر سواده حتى تتحول اللحظات فيه الى: شرفات أطل منها على وجه "نجمة العمر"! - ردّدت في أعطاف صوت "آمال": جدّدت حبك ليه، بعد الفؤاد ما ارتاح! ولم يكن هناك "حب" يتجدّد، بل: يتمدد ... ينبعث من لغة الشوق .. ينسكب كسواق متدفقة! وسكبت نظرة الى "النهر الخالد" أمامي ... وكأنه - مثلي - عاشق للبوح، للشوق، للنبض ... وكأنّ هذا النيل العظيم يشاركني اختلاس نظرة برعمية الى وجه أنثى: يومض ويتلاشى في ظلال الوجوه الأخرى ... فما الذي يمكنني أن أستلفه هذه اللحظات لأشواقي في تجدد الحب؟!! ها هو صوت "آمال ماهر": يَشي بخفقي ... بشجوني وآهتي ... هو الصوت/ البوح، كأنه درب يمضي بخطواتنا الى أقحوان!!