راجت في الآونة الأخيرة مجموعة من المعلومات المحرّفة عن دور منظمة الأممالمتحدة المتعلق بالعالمين العربي والإسلامي. وقد وصلتنا في مركز الأممالمتحدة للإعلام في بيروت استفسارات عدة من بعض الأشخاص المهتمين يسألون عن هذه التقارير المضللة. وفي هذا الخصوص، نود أن نضع الأمور في نصابها. إن منظمة الأممالمتحدة هي أكبر منظمة عالمية، تتكوّن من دول من كل أقاليم العالم _ الغنية والفقيرة، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً. ولكل دولة في منظمة الأممالمتحدة صوت وصلاحية للعمل سوياً مع الدول والثقافات والأديان والشعوب الأخرى تحقيقاً للأهداف المشتركة القائمة على القيم المشتركة: المساواة والتسامح والاحترام المتبادل والكرامة البشرية. وتضم منظمة الأممالمتحدة حالياً 189 دولة عضواً. وأكثر من ربع هذه الدول هي أعضاء أيضاً في منظمة المؤتمر الإسلامي. وفي بيان صدر بعد هجوم 11 ايلول سبتمبر على الولاياتالمتحدة، قال الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، إن العالم الإسلامي يستنكر ويدين مرتكبي الهجوم. وأضاف السيد عبد الواحد بلقزيز "إن ديانتنا الإسلامية المتسامحة تقدر تقديراً عالياً حرمة الحياة البشرية، وتعتبر القتل المتعمد لروح واحدة، مساوٍ لقتل البشرية جمعاءً". وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، تمت إدانة الهجوم الإرهابي من قبل كافة الدول الأعضاء. كما أن هنالك ثلاث دول أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، بنغلادش ومالي وتونس هي حالياً أعضاء في مجلس الأمن وهو هيئة الأممالمتحدة المخولة لتعزيز السلم والأمن العالميين - واشترك ممثلوها مع أعضاء المجلس الآخرين في إدانة الأعمال الإرهابية، بحثاً عن سبل لاجتثاثها، ولجلب مرتكبيها للعدالة. ولكن، كما أشار السيد كوفي عنان، الأمين العام للأمم المتحدة فإنه "من الضروري أن ندرك أن من ارتكبوا هذه الجرائم مجرمون يجب التعامل معهم، لا الخلط بينهم وبين الإسلام أو أية ديانة معينة". إن عمل منظمة الأممالمتحدة مع أفغانستان قائم منذ فترة طويلة. منذ أكثر من عشرين عاماً مضت، في كانون الثاني يناير 1980 عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسة خاصة طارئة حول أفغانستان وتبنت أول سلسلة من القرارات الداعية إلى انسحاب القوات الأجنبية كافة، ودعت جميع الدول إلى المساهمة في المساعدات الإنسانية. وبُعيد ذلك أنشأ الأمين العام للأمم المتحدة "بعثة للمساعي الحميدة" لمساعدة الأفغان في الوصول إلى السلام. وفي عام 1992 وصف قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة قيام الدولة الإسلامية في أفغانستان فرصة جديدة لإعادة بناء البلد، وسعى للبحث عن مساعدة لصندوق الائتمان للطوارئ لدعم إعادة تأهيل البلاد. وتعمل الأممالمتحدة منذ عام 1980 لإيجاد إجماع من أجل السلام في أفغانستان وفي نفس الوقت لتقديم معونات إنسانية للشعب الأفغاني وموارد لإعادة تأهيل بلدهم. إن هذه الرسالة من الأممالمتحدة حول أفغانستان، هي ذات شقين: - الشعب الأفغاني يعاني من محنة إنسانية، والإنهاء المبكر للعمليات الجوية سوف يمكن منظومة الأممالمتحدة من تكثيف جهودها الإنسانية" - الشعب الأفغاني يجب أن يكون في المقدمة لتحديد مستقبله. وفي ما يتعلق بالشرق الأوسط، فإن الأساس الوحيد المقبول لحل عادل ودائم للنزاع العربي - الإسرائيلي، يبقى في إطار قرارات مجلس الأمن 242 لسنة 1967 و338 لسنة 1973 . لقد عملت الأممالمتحدة من دون كلل لإيجاد سبل لتطبيق هذين القرارين، وكذلك الفلسطينيين أنفسهم من مسلمين ومسيحيين. إضافة لذلك ولأكثر من خمسين عاماً قدمت وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى الأنروا، خدمات التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية ل 3.8 مليون لاجئ فلسطيني في الأردن ولبنان والجمهورية العربية السورية والضفة الغربية وقطاع غزة. ولا توجد منظمة من منظمات الأممالمتحدة توظف أشخاصاً أكثر مما تفعل الأنروا _ والغالبية العظمى لهؤلاء الموظفين هم فلسطينيون. كما كانت الأممالمتحدة البطل لأناس آخرين يسعون لتحقيق تقرير المصير. وبالتأكيد فإن الحق في تقرير المصير أصبح جزءاً من القانون الدولي عبر معاهدتين أساسيتين للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وهذا الحق معرّف بصورة نمطية في المادة الأولى لكل من العهد الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وحصلت العديد من الدول الإسلامية الحديثة على استقلالها عبر عمليات الأممالمتحدة لإزالة الاستعمار. وفي تيمور الشرقية، مارس التيموريون الشرقيون حقهم في تقرير المصير بمساعدة الأممالمتحدة، بعد دعوة للقيام بذلك من حكومة إندونيسيا. وقد اختاروا الاستقلال بغالبية باستشارة من مراقبين دوليين، من ضمنهم العديد من العالم الإسلامي، أكدت على حقيقة تعبيرهم عن رغبتهم. نحن نعيش في عالم غير مثالي - عالم يكافح فيه عشرات الملايين من المستضعفين في كل قارة لتحقيق "مستويات أفضل للعيش بحرية أكبر" كما عبر عن ذلك ميثاق الأممالمتحدة. إن الفقر والاضطهاد لا يعرفان حدوداً، جغرافيةً كانت أم دينية. وتدرك شعوب العالم أن الحل لمشاكلها يكمن في البحث عن إجماع متفق عليه، بدلاً عن معالجة تحدياتها بالإشارة إلى الأديان الأخرى كعدو لها. لذلك السبب اشتركت 189 دولة ذات سيادة، تمثل مئة في المئة من شعوب العالم تقريباً/ مع منظمة الأممالمتحدة لاتباع أهداف مشتركة لتحقيق الصداقة. إن ما يميز المنظمة الدولية هو رسالتها ذات الصبغة العالمية والتسامح والإجماع. وبالتأكيد فان العام الحالي _ 2001 _ أعلن "عاماً للحوار بين الحضارات". هذا الحوار مبادرة قدمتها جمهورية إيران الإسلامية، واحتضنتها كافة الدول الأعضاء في الأممالمتحدة. إن المنظمة الأكثر عالمية - الأممالمتحدة - هي في الحقيقة حوار يومي لمختلف الحضارات والشعوب كافة. * مدير مركز الأممالمتحدة للإعلام، بيروت.