بحث الاتحاد الأوروبي والسلطة الوطنية الفلسطينية امكانات قطع خطوات "صغيرة" في اتجاه تهدئة الأوضاع في الأيام المقبلة بما قد يساعد الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي على العودة الى طاولة الاجتماعات. وجدد الرئيس ياسر عرفات التزام الشعب الفلسطيني بالسلام كخيار استراتيجي وطمأن الجانب الأوروبي الى بذله أقصى ما أوتي من جهد من أجل "تنفيذ المقترحات التي قدمتها بلجيكا بصفتها الرئيسة الحالية للاتحاد". وشدد الرئيس الفلسطيني، في مؤتمر صحافي عقده مع رئيس الوزراء البلجيكي رئيس القمة الأوروبية غي فورهوفشتات، على ان السلطة الوطنية تعمل على مكافحة "كل عمل ارهابي مهما كان مصدره" لأن السلام الذي يتطلع اليه الفلسطينيون "هو في صالح الشعب الفلسطيني وجيرانه في المنطقة والعالم بأكمله". وكان الرئيس عرفات التقى ممثلي الاتحاد الأوروبي وهم رئيس الوزراء البلجيكي رئيس القمة فورهوفشتات ووزير الخارجية البلجيكي لويس ميشيل ومنسق السياسة الخارجية خافيير سولانا. كما أجرى محادثات مع رئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي. وتمت اللقاءات في بروكسيل قبل افتتاح اجتماعات الدورة الخامسة لوزراء خارجية بلدان الشراكة الأوروبية - المتوسطية. وقال الرئيس عرفات ان الشعب الفلسطيني "يحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى الى دعم أوروبي من أجل تعزيز الجهود الرباعية التي بذلها أخيراً ممثلو الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة وروسيا الاتحادية والامم المتحدة لانقاذ عملية السلام". ودعا عرفات الى مواجهة الارهاب على الصعيد الدولي و"كل من يحاولون اثارة العنف في العالم بخاصة بعد الاحداث المؤسفة التي شهدتها نيويورك وواشنطن في 11 ايلول سبتمبر الماضي". وترددت صباح أمس انباء عن محاولات بذلتها الديبلوماسية الأوروبية لجمع الرئيس عرفات مع وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز، وقال عرفات في رد على سؤال صحافي انه لم يزر بروكسيل من أجل لقاء بيريز، واضاف: "انني جاهز للقائه متى تهيأ لذلك". وابرز رئيس الوزراء البلجيكي فورهوفشتات "الحاجة الى مبادرة جديدة مشتركة بين الولاياتالمتحدة والامم المتحدة والفيديرالية الروسية وطرفي النزاع، بمساعدة البلدان العربية المعتدلة، من أجل استئناف الحوار السياسي". وينتقل وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث غداً الاربعاء الى الولاياتالمتحدة لاجراء محادثات مع المسؤولين في الادارة الاميركية. وتهدف الاتصالات الجارية الى تأمين لقاء بين الرئيس عرفات والرئيس الاميركي جورج بوش. وقال رئيس المفوضية الأوروبية ان المجموعة الدولية تتحمل "مسؤوليات اخلاقية للتدخل ووضع حد لإراقة الدماء في المنطقة". وبحث الجانبان الفلسطيني والأوروبي امكانات "تحقيق أدنى الاجراءات الأمنية في الأيام المقبلة كخطوة تساعد على وقف العنف". وتحدث رئيس الوزراء البلجيكي عن صعوبة تحقيق الامن بشكل تام في ظرف قصير. وعقد رئيس الوزراء رئيس القمة الأوروبية اجتماعاً ثنائياً آخر مع وزير الخارجية الاسرائيلي بيريز ظهر امس، قبل افتتاح اجتماعات الدورة الوزارية الخامسة لمسيرة برشلونة، التي حضرتها البلدان العربية المتوسطية كافة بما في ذلك سورية، ولكن باستثناء ليبيا التي لا تنتمي الى عضوية خطة الشراكة الأوروبية - المتوسطية. ورأى وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث ان تردد الحديث عن "الدولة الفلسطينية القابلة للحياة" يعكس بروز "مواقف ونيات سياسية" مفيدة في الظرف الراهن "لأنها تقول ان العالم يعترف بأن هدف الفلسطينيين يتمثل في تطلعهم الى اقامة دولتهم المستقلة وبالتالي فهم يخوضون حرب التحرير من اجل الاستقلال، بينما يمارس الاسرائيليون الارهاب". ويأتي هذا الحديث في الظرف الذي اصبحت مكافحة الارهاب القضية الأولى للمجموعة الدولية. وشدد الدكتور شعث في لقاء خاص مع "الحياة" على ضرورة "ان يكسب العرب هذه المعركة. فهي معركة تصنيف وتوصيف نضالنا بأنه نضال عادل من اجل الاستقلال". وقال ان ترجمة الحديث عن الدولة الفلسطينية القابلة للحياة "تتطلب العودة الى طاولة المفاوضات" وهو ما ترفضه اسرائيل. واعترف الوزير الفلسطيني بأن تصنيف بعض فصائل المقاومة الفلسطينية من قبل بريطانياوالولاياتالمتحدة ضمن المنظمات الارهابية يضاعف الضغط على السلطة الوطنية و"هو امر خطير بحثته بلدان لجنة المتابعة قبل يومين في دمشق". ومن المقرر ان تقدم البلدان العربية في اجتماعات خطة الشراكة الأوروبية - المتوسطية هذين اليومين في بروكسيل مفهومها للمقاومة المشروعة والخطوط التي تفصلها عن الارهاب. موسى من جهته انتقد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ضعف دور الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط، وقال في لقاء مع "الحياة" ان تأثير المواقف الأوروبية على اسرائيل ضعيف للغاية و"لا وجود لسياسة أوروبية مشتركة في الشرق الأوسط". وابدى موسى شكوكه في التوصل الى اية صيغة سلام مع حكومة ارييل شارون. وشدد في محاضرة نظمها "المعهد الأوروبي للدراسات المتوسطية والتعاون العربي" في بروكسيل على وجوب العودة الى طاولة المفاوضات "وليس الى حلقة مفرغة تلي الحلقات المفرغة السابقة". وزاد ان جامعة الدول العربية تدعو الى استئناف المفاوضات "لتحقيق هدف اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية وحل مشكلة اللاجئين وانسحاب اسرائيل من هضبة الجولان السورية ومزارع شبعا في جنوبلبنان". على صعيد آخر، أجرى موسى محادثات مكثفة في بروكسيل حذر فيها من "الهجمة المدبرة ضد الهوية والثقافة العربية"، ودعا الى "احياء الحوار العربي - الأوروبي بعدما عجزت مسيرة الشراكة عن تحقيق أهدافها السياسية والأمنية الاقتصادية والثقافية".