صنعاء - أ ف ب - تكتظ المساجد في اليمن في اوقات الصلوات الخمس بالمسلمين الصائمين الذين يعيشون روحانيات شهر رمضان من دون ان يتخلوا عن مضغ القات، احدى عاداتهم التي يمارسونها في جلسات تمتد من بعد الافطار وحتى موعد السحور. ويصيب الجهاز الإداري والمؤسسات والدوائر الحكومية شبه شلل مع تغير وتيرة الحياة. فالى جانب خفض الحكومة اليمنية ساعات العمل من 35 إلى 25 ساعة اسبوعياً وبمعدل خمس ساعات يومية، يسود الملل والوجوم دوائر الدولة خصوصاً لدى المدخنين والمواظبين على تعاطي القات كل مساء. ومع ادراكها ان مستوى الاداء والانجاز يتدنى خلال رمضان، بدأت بعض المؤسسات والهيئات الحكومية منح إجازات إجبارية لبعض موظفيها بينما يعتبر مجلسا النواب والشورى في اجازة رسمية وتغلق السلطة القضائية المحاكم والنيابات. وعلى رغم تشديد بعض المؤسسات على الموظفين الالتزام بساعات الدوام وإرسالها فرقاً تقوم بزيارات مفاجئة للتأكد من ذلك، قدر مدير عام احدى الهيئات الحكومية محمد عبدالله ساعات العمل الفعلية للموظفين خلال رمضان بساعتين إلى ثلاث ساعات على الاكثر. اما في الجامعات، فقد اغلق عدد من الكليات بسبب تغيب الطلاب عن الدروس. وفي المقابل ومع ازدياد استهلاك المواد الغذائية في الاسابيع الاولى من رمضان، تعمل الاسواق اليمنية بمعدل 14 ساعة يومياً تبدأ عند الثانية بعد الظهر وتنتهي في الرابعة من صباح اليوم التالي. ويستقبل الريف اليمني المتمسك حتى الآن ببعض التقاليد الرمضانية القديمة رمضان بالاهازيج الدينية ويودعه بالايقاعات البدوية، بينما يستقبله الناس في المدن بالتزاحم عند محلات بيع المواد الغذائية ويودعونه بالتدفق على محلات بيع الالبسة. اما موائد الافطار فمتفاوتة. فهي تقتصر في الارياف وعند الاسر ذات الدخل المحدود على طبقي "الحامضة" و"الشفوت" وهي فطائر خفيفة من الذرة البيضاء تُغمر باللبن ومسحوق الفلفل الأخضر مع الطماطم الذي يطلق عليه اسم "السحاوق". لكن الموائد الغنية تضم ايضاً كميات من البقوليات والسلطات، وخصوصاً حساء "البر" ألمصنوع من القمح والحليب، الى جانب "اكلة السلتة" التقليدية التي تجد اصولها في صنعاء وتتألف من الرز واللحم المفروم والبطاط المسلوقة والبامية. وُيعد هذا الطبق في وعاء من الفخار. ويفضل الذواقون تلك التي تعد في أوان حجرية تحافظ على سخونة الوجبة التي تتناول بالخبز. وفي نهاية وجبة الافطار، تأتي اطباق الحلوى التي لا تتناولها سوى الأسر الميسورة في ظل ظروف اقتصادية قاسية بينما يعيش نحو 38 في المئة من مجموع السكان اليمنيين تحت خط الفقر. ومن ابرز انواع الحلوى اليمنية "الرواني" و"الشعوبية" و"بنت الصحن" التقليدية. وينظر كثير من اليمنيين بأسف الى غياب الكثير من العادات الرمضانية. وقد عبّر الكاتب الصحافي جمال انعم عن هذا الشعور قائلاً: "كلما جاءنا رمضان نفرّ إلى ذاكرة الأمس هرباً من حاضر أفقد الأيام بهجتها وما عاد يحمل لنا البشرى حاضر تساوى فيه شعبان برمضان". وفي اوقات الصلوات الخمس، تكتظ المساجد بالمصلّين وسط اجواء روحانية. وتمثل صلاة الفجر التي تقام في الخامسة صباحاً الحد الفاصل بين يومين. فبعدها يخلد اليمنيون الى النوم وتقفر شوارع المدن وتغلق المحلات حتى منتصف النهار. ولكن قبل ان يختتموا يومهم بصلاة الفجر، يمضي اليمنيون امسياتهم بعد الافطار في جلسات مضغ القات، العادة الملازمة لمعظم سكان هذا البلد الذين تجاوزت اعمارهم 18 عاماً. وتنتهي هذه الجلسات قبيل السحور. ورأى يمنيون ان "اهم ظاهرة ايجابية" في صنعاء هذا العام هي انتشار رجال المرور بأعداد كبيرة في الشوارع وتنظيم حركة المرور لتقليل نسبة الحوادث والاختناقات.