مدفع رمضان، الذي ظلت الملايين تنتظر سماع صوته على مدى مئات السنينش، أصبح حالياً من دون قيمة بسبب انتشار التلفزيون والاذاعة. وكانت بداية ظهور مدفع رمضان العام 859 هجرية حين أهدى الوالي خوشقدم مدفعاً طلب تجربته وتصادف ذلك مع غروب الشمس في شهر رمضان، واعتقد الجميع أن الوالي يريد ابلاغهم موعد الافطار، فتناولوا الطعام، وفي اليوم التالي فوجئ الوالي خوشقدم الذي كان يقيم في منطقة تسمى حالياً "حوش آدم" في الغورية في القاهرة، بمشايخ الحارات يذهبون إليه ويشكرونه على فكرة اطلاق المدفع وقت الافطار وأمر الوالي عندها بإطلاق المدفع طوال شهر رمضان. وفي عهد محمد علي استخدم مدفع من طراز "كروب 9" وأطلق عليه البعض لقب "الحاجة فاطمة" إذ شاهد أحد رجال الاطفاء في المنام سيدة عجوزاً ترتدي الملابس البيض وفي يدها "قلة" ماء، وتسقي الناس، وعندما سألها عن السبب أخبرته أنها تفعل ذلك حباً في الله لأنها الحاجة فاطمة. والمدفع لا يزال موجوداً في منطقة القلعة في القاهرة منذ عصر محمد علي، وشارك في ثلاث حروب ضد روسيا وفرنسا وغزو الحبشة، وهو الوحيد الذي خرج سليماً من تلك الحروب الثلاث. ويستهلك المدفع في الطلقة الواحدة كيلوغرامين من البارود ويتم اطلاقه عند الافطار والامساك. وفي كل محافظات مصر مدافع من هذا الطراز لإعلام المواطنين بوقت الافطار والامساك. وظل المدفع الوسيلة الوحيدة لإبلاغ الصائمين مواعيد الافطار والامساك، لا سيما في الأماكن البعيدة من العمران حيث لا يصل صوت المؤذنين في المساجد. وفي الوقت الحالي، وبعد انتشار أجهزة الاذاعة والتلفزيون في كل بيت وحرصها على الإعلان عن انطلاق مدفعي الافطار والامساك، فإن الناس لم يعودوا يعتمدون على سماع صوت المدفع. وإذا كان من الصعب سماع صوت المدفع في العاصمة بسبب الزحام الشديد، حيث لا يسمع الصوت سوى سكان منطقتي القلعة والدراسة والمناطق القريبة منهما، الا أن المدفع لا يزال من المظاهر الرمضانية في مصر على رغم مرور مئات السنين على استخدامه. وعلى رغم أن كثيراً من الناس لا يعرفون مدفع رمضان ولا سبب استخدامه وتاريخه، الا انهم يشعرون بأن مدفع رمضان اصبح من تلك الشعائر الدينية التي يحرص الجميع على الاستمتاع بها في شهر الصوم، حتى لو كان سماعه من خلال الاذاعة أو التلفزيون.