يشير التاريخ إلى أن المسلمين – في شهر رمضان - كانوا أيام الرسول يأكلون ويشربون من الغروب حتى وقت النوم ، وعندما بدأ استخدام الآذان اشتهر بلال وابن أم مكتوم بأدائه . وقد حاول المسلمون على مدى التاريخ – ومع زيادة الرقعة المكانية وانتشار الإسلام – أن يبتكروا الوسائل المختلفة إلى جانب الآذان للإشارة إلى موعد الإفطار ، إلى أن ظهر مدفع الإفطار إلى الوجود [/color][/align] مدفع الحاجة فاطمة ظهور المدفع جاء عن طريق الصدفة ، فلم تكن هناك نية مبيتة لاستخدامه لهذا الغرض على الإطلاق ، حيث كان بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل يقومون بتنظيف أحد المدافع فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء المحروسة ، وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان فظن الناس أن الحكومة اتبعت تقليداً جديداً للإعلان عن موعد الإفطار ، وساروا يتحدثون بذلك ، وقد علمت الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بما حدث ، فأعجبتها الفكرة ، وأصدرت فرماناً يفيد باستخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفى الأعياد الرسمية ، وبالفعل بدأت الحكومة في تنفيذ هذا الأمر وصار تقليداً متبعاً حتى الآن . ومنذ ذلك الحين ارتبط المدفع باسم الحاجة فاطمة . وتفيد المادة الميدانية بأن سكان حي الخليفة والقلعة والحسين يؤكدون انتساب المدفع إلى الحاجة فاطمة غير أن معظمهم لا يعرف شخصيتها الحقيقية وعلاقتها بالمدفع ، حيث نُسى أصل الحكاية وبقى الاسم فقط مرتبطاً بالوجدان الشعبي المصري على مدى أكثر من قرن من الزمان شكل المدفع يتميز المدفع بلونه الأسود الذي يتم تجديد طلائه بين الحين والآخر ، ويشير أرشيف متحف الشرطة إلى أن هذا المدفع الموجود الآن بقلعة صلاح الدين صُنع في انجلترا عام 1871 ، وهو من نوع "الكروب" وهذا الاسم يعود إلى المصنع الذي أنتجه ، والذي يرتبط بعدة مصانع شهيرة بانجلترا يُطلق عليها "مصانع كروب الإنجليزية" . والمدفع عبارة عن ماسورة من الصلب ترتكز على قاعدة حديدية يتوسطها عجلة لتحريك ماسورة المدفع ، وترتكز من ناحية على الأرض ومن ناحية أخرى على محور حديدي يتوسط عجلتين كبيرتين من الخشب تساعدان على تحرك المدفع من مكان لآخر إذا لزم الأمر تشغيل المدفع المدفع في مكانه هذا يرتفع عن سطح الأرض 170 متراً ، وينطلق صوته متردداً في الأفق إلى حوالي 10 كيلومترات بحيث يسمعه أكبر قدر من سكان القاهرة . وعلى الرغم من تصنيف المدفع ضمن المدافع الحربية المعروفة في القرن التاسع عشر ، فإن الطلقات الصادرة منه ليست كتلك التي تُستخدم في الحروب ، إذ يوضع به كتلة من البارود لتعطى صوتاً مرتفعاً فقط ، ومن ثم فالمدفع لا يحدث أضراراً ناتجة عن إطلاقه . وتتم عملية الإطلاق بشد الحبل على كتل البارود لينطلق الصوت ، ويوضع – قبل شد الحبل – بعض الحجارة أمام وخلف عجلات المدفع لتثبيته حتى لا ينزلق لحظة الانطلاق . وإلى جوار مدفع الحاجة فاطمة كان يوجد مدفع آخر لتبادل إطلاق القذائف ، ولتفادى أي عطل قد يحدث لأحدهما ، ومنذ عدة سنوات قررت الحكومة نقل أحد المدفعين إلى هضبة المقطم ليقوم بالدور نفسه في الإعلان عن الإفطار فأصبح لدينا أكثر من مدفع للتنبيه والشخص المكلف بإطلاق مدفع الإفطار يُختار من قبل وزارة الداخلية برتبة "صول" ، وتقوم الإذاعة المصرية طوال شهر رمضان بإذاعة صوت المدفع يسبقه الصوت الشهير " مدفع الإفطار .. اضرب" وهذا الصول ينتقل بجميع لوازمه واحتياجاته للمبيت بجوار المدفع وتجهيزه عند الإفطار والإمساك ، وعادة ما يصاحبه زميل له للمساعدة وتبادل المهمة . ويُشترط في الشخص القائم بإطلاق المدفع أن يكون متديناً ورعاً فضلاً عن انضباطه العسكري . وإطلاق المدفع يكون عادة متزامناً مع موعد أذان المغرب ، وأحياناً ما ينطلق قبله بلحظات ، ويُشير بعض كبار السن بالقاهرة الفاطمية أن المدفع كان بالنسبة لهم هو المؤشر الوحيد بالتصريح بالإفطار ، قبل أن تظهر الإذاعة ومكبرات الصوت التي تخبرنا بموعد الآذان ، وباستثناء أولئك الذين يسكنون على مقربة من المسجد ، فإن معظم السكان كانوا يتوسلون بالمدفع ليفطروا ، ومن لم يصل إليه صوت المدفع كان يستخدم الساعة كمؤشر لذلك ، ومع دخول الإذاعة والتليفزيون وأجهزة الاتصال الحديثة ، لم يفقد مدفع الإفطار رونقه وجلاله بل ظل صوته باعثاً على الثقة والطمأنينة بأن موعد الإفطار قد حان . ويُشير البعض إلى أن نظام الإعلان بالمدفع قد عمم في معظم المحافظات ، حيث يوضع المدفع عند المحافظة ، ورغم ذلك فإن مدفع الحاجة فاطمة لا يزال هو الأب الروحي لجميع المدافع . وعند موعد الأذان فإن الأطفال في كل مكان يحاولون محاكاة مدفع الإفطار ، بإعداد بعض المفرقعات البسيطة – البمب – لإطلاقها لحظة سماع صوت المدفع في الإذاعة ، ومن ثم فإن كل بيت مصري قد تأثر بهذه الظاهرة التي أصبحت واحدة من الملامح الرمضانية [/font][/size]