تعود جذور العنف المسلح في الجزائر والذي ترصده "الحياة" في حلقات بدءاً من اليوم، الى نهاية السبعينات عندما انطلقت رحلة من أصبحوا يعرفون ب"الأفغان" ل"الجهاد" ضد الروس في أفغانستان. وإذا كانت الجماعات المسلحة انحصرت في فترة الثمانينات في تنظيم مصطفى بويعلي الذي أعلن خروجه عن الحكم، فإن البدايات الحقيقية للعمل المسلح كانت مع بدء "الأفغان" في العودة الى بلادهم ومحاولتهم تطبيق تجربتهم في أفغانستان على الوضع في الجزائر. كانت البداية بتأسيس "الجماعة الإسلامية المسلحة" في مدينة بيشاور، وتزامن مع نشوة الانتصار الذي حققته الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة في الانتخابات المحلّية سنة 1990. وعلى أنقاض "جماعة بويعلي" وتنظيمات "التفكير والهجرة"، بدأ "الأفغان الجزائريون" رحلة الجهاد ضد نظام الحكم. وجاء قرار إلغاء نتائج الانتخابات الاشتراعية التي فازت بها "الإنقاذ" في 1992، ليعزز اقتناع التيار المتشدد بضرورة تبني الخيار المسلح ضد "الطغمة". وهكذا بدأت رحلة العنف. وفي ظرف فترة وجيزة، استطاعت "الجماعة" فرض سيطرتها على مناطق نفوذ "الإنقاذ" بعدما خلا لها الجو باعتقال قادة هذه الجبهة ومناصريها إثر الغاء الانتخابات. لكن التنافس كان يعصف ب"الجماعة" منذ اليوم الأول لتأسيسها. ودخل زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن على هذا الخط، من خلال دعمه تيار "الأفغان" للتحكم بقيادتها، وهو أمر قاد الى وشايات أطاحت ببعض رموزها وعلى رأسهم "الأمير" عبدالحق لعيادة الذي اعتُقل في المغرب سنة 1993 وسُلّم الى الجزائر. وفي موازاة الاغتيالات التي استهدفت قوات الأمن والصحافيين، كانت شبكات الجماعة في الخارج تتشكل. ظهرت "ولاية المغرب" لتهريب السلاح. وتأسست "ولاية فرنسا" التي كانت قاعدة للإمداد بالمعدات الحربية وأجهزة الاتصال. وأمام حال الذهول التي انتابت أجهزة الأمن في مواجهة "الغول الأفغاني"، بدأت أجهزة الأمن عمليات تجسس ورصد لتحركات الناشطين في الخارج، واكتشفت ان "الجماعة" تستفيد من مراكز دعم وايواء في عدد من الدول العربية مثل السودان واليمن.