} بيروت، القاهرة - "الحياة" - باتت جوائز سلطان العويس أشبه بالموعد الذي ينتظره الكتّاب والأدباء العرب كل عامين. وفي الدورة السابعة بلغ مجموع المترشحين الى الجوائز 603 بحسب البيان الذي وزّعته مؤسسة العويس. ولعل هذا الرقم يدل على مدى اقبال الكتّاب العرب على الترشح الى هذه الجائزة ومن بينهم أسماء كبيرة. ولعلّ ما يغريهم أيضاً "حيادية" الجائزة وعدم فرضها أي شروط سوى شرط الترشح اليها وعدم تسييسها أو خضوعها لمعايير ضيّقة. وبدا واضحاً انفتاحها على الفكر المختلف والطليعي اليساري. ويكفي ان نتدكر أن كتّاباً ومفكرين يساريين فازوا بها سابقاً ومنهم: سعدالله ونوس، سعدي يوسف، يمنى العيد، ناصيف نصّار. الدورة السابعة التي أعلنت نتائجها أول من أمس حملت بعض المفاجآت. بينما كان من المنتظر أن يفوز الشاعر السوري محمد الماغوط بجائزة الشعر فاز بها الشاعر البحريني قاسم حداد. ولعلّ قاسم يستحقها مثلما يستحقها الماغوط، فهذا الشاعر البحريني استطاع خلال تجربته الطويلة أن يؤسس عالماً شعرياً فريداً ولغة شعرية تجمع بين الغنائية والمأساة. وغداة فوزه بالجائزة اتصلت الحياة بالشاعر حداد سائلة اياه عن انطباعه فقال: "تعني هذه الجائزة ان ثمة مستقبلاً لا يمكن تفاديه تقترحه التجربة الشعرية الجديدة، أعني الجديدة دائماً. وهذا بالضبط ما يمكن ان تمثله الرسالة التي يشير اليها منح جائزة رصينة ومستقلة لتجربة شعرية هي جزء من جدل دائم في الواقع الثقافي العربي، ومن المؤكد ان الأهمية تكمن دائماً ليس في الجوائز، ولكن في التجارب الابداعية التي ترشح لها أو تحصل عليها. برجاء أن يكون حصول التجارب الابداعية الجديدة على التفاتات نادرة من هذا النوع، ضرباً من تأجيج الأسئلة الجديدة التي تطرحها هذه التجارب، وأن لا نتوهم بتكريس مفترض لأية تجربة بحصولها على مثل هذا التقدير والجوائز. المسألة يجب ان تكون على العكس، حيث تتاح الفرصة أكثر للحوار الابداعي بين التجارب المختلفة والمتنوعة من جهة، وبينها وبين مكونات الواقع وتجلياته من جهة أخرى. ان المبدع بحاجة أكيدة لتقدير مباشر، مادي ومعنوي، على هذه الدرجة من الجدية، خصوصاً في سياق واقع عربي مؤسساتي رسمي يمعن في التنكيل بمبدعيه بشتى اجتهاداتهم الفكرية والفنية، لنتأكد من النظرة الدونية التي تنظر بها المنظومات الرسمية لطاقاتها العربية في كل حقول الفكر والمعرفة والفنون. وهي منظومات ومؤسسات تتعامل مع المواطن بوصفه عبداً، وللمواطن المبدع بوصفه تابعاً يزخرف صورة الواقع ويبجلها، وأن يتقدم للحصول على حقوق التقدير بشرط التخلي عن أسئلته أمام الواقع، بافتراض ان جواب السلطة هو نهاية القول. في مناخ مثل هذا سوف يزهد المبدعون في أي تقدير رسمي أو مشروط مهما تماهى مع الحضارة ومشاريع التقدم الشائعة. لذلك أرى الى بعض الجوائز بوصفها فضيحة دائمة لمؤسسات السلطة العربية التي لم تزل غائبة عن الوعي ازاء ما يحدث في العالم من حولها. أقدر كثيراً اللجنة التي منحتني هذه الثقة، وأشكر مؤسسة جائزة سلطان العويس لمشروع نبيل سوف يستحقه الكثيرون من المبدعين العرب. أحب أن أهدي هذه الجائزة الى زوجتي التي عرفت معي التجارب القاسية وتحملت معي صعوبة ان يكون المرء حراً". أما عبدالوهاب المسيري الفائز بجائزة الدراسات الإنسانية والمستقبلية فقال ل"الحياة" عبر اتصال معه: "أنا سعيد جداً بحصولي على هذه الجائزة لأنها تنطوي على تقدير لمجمل أعمالي وليس فقط موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية" فأنا مهتم بأن يلتفت الناس الى أعمالي الاخرى. وانا سعيد ايضاً لأنني أعد حالياً موسوعة جديدة عن إسرائيل وستساعدني قيمة الجائزة على انجازها. أتمنى أن تزداد مؤسسات المجتمع المدني في عالمنا العربي وان تحتذي بمؤسسة سلطان العويس لتتسع رقعة الحرية، وتكثر الجوائز التي يمولها اثرياء العرب من أجل بناء ثقافة الأمة. وفي المناسبة اود أن أشكر الجهات التي رشحتني للحصول على جائزة السلطان العويس في الدراسات الانسانية والمستقبلية وفي مقدمها كلية البنات في جامعة عين شمس التي اعمل فيها وكذلك كلية الآداب في جامعة الملك سعود ورابطة الحقوقيين في الامارات". وقال محمد البساطي الذي تقاسم مع القاص السوري زكريا تامر جائزة القصة والرواية: "حصولي على جائزة سلطان العويس أسعدني في حد ذاته لأنها جائزة محترمة ونزيهة واختباراتها لا تشوبها شائبة فكل من فازوا بها من قبل نعتز جداً بهم، وأسعدني أيضاً أن يقاسمني الجائزة القاص زكريا تامر فهو من الكتاب الكبار، وستكون حفلة توزيع الجوائز فرصة لأن التقيه شخصياً، فأنا أقرأ له منذ وقت بعيد ونتبادل التحايا عبر أصدقاء مشتركين. أتمنى أن تظل جائزة سلطان العويس على صدقيتها المشهود بها في كل أنحاء العالم العربي. فهي الجائزة الوحيدة التي تقدمت للحصول عليها لنزاهتها، ولكن لم يحالفني الحظ في دورات عدة ماضية. الآن استعد لإصدار مجموعة قصصية جديدة بعنوان "احتجاج"، وأكمل رواية الجد الكبير". وكان بعض النقاد المصريين اعترض على مقاسمة الجائزة هذه بين كاتبين يستحقانها منفردين. بل إن البعض قال إن البساطي يستحقها قبل زكريا تامر. مثلما قال ناقد سوري أصر على عدم نشر اسمه ان محمد الماغوط يستحق الجائزة قبل قاسم حداد الذي يصغر سناً ويستطيع تالياً أن ينتظر الأعوام المقبلة. أما الناقد والأكاديمي العراقي محسن جاسم الموسوي الذي فاز بجائزة الدراسات الأدبية والنقد فاعتبر ان البادرة طيبة جداً وأن الفوز بالجائزة تقدير كبير لعمله النقدي. وإن لم يعلن اسم الفائز بجائزة الإنجاز الثقافي والعلمي فإن الأسماء التي تتردد في "كواليس" الجائزة كثيرة ومنها ادونيس ومحمود درويش. ولعل غياب المغرب بدا واضحاً في هذه الدورة ايضاً. وبرر القاص عبدالحميد احمد، عضو مجلس امناء قائلاً: "إن الأمر يتعلق في البداية بجانبين الأول عدم مبادرة الأخوة في المغرب الغربي، والثاني ضعف الإعلان عن الجائزة في هذه البلدان. إلا ان المؤسسة قامت في السنوات الأخيرة بتكثيف جهودها في بلدان المغرب العربي، كان من نتيجتها ترشيح عدد كبير من الأدباء المغاربة يمثلون أقطاراً عدة. وهذا سيفرز في المستقبل من سيفوز بهذه الجائزة التي هي للعرب كلهم من دون تمييز، والمؤسسة لا تملك حق تقويم أي كان، وهذه مهمة لجان التحكيم التي هي أدرى بمن يستحق الفوز".