عنفت حدة المناقشات السياسية بين الاحزاب الدنماركية عشية الانتخابات البرلمانية المبكرة التي اتخذ قرارها رئيس الوزراء الاشتراكي بول نيروب راسموسن بذريعة ان هناك قلقاً شعبياً دنماركياً من الارهاب بعد احداث نيويورك. ولكن راسموسن الذي حدد الثلثاء المقبل اول يوم انتخابات، اتهم بأنه يحاول ان يركب موجة العداء للاسلام التي تجتاح الدنمارك حالياً وارتفاع اصوات عدائية من معظم الاحزاب الدنماركية ومن كاردينال الدنمارك جان ليندهارت، من اجل التجديد له رئيساً للوزراء. وتعرضت الدنمارك اخيراً الى انتقادات محلية وعالمية حادة بسبب تفشي حال العداء للاسلام فيها وتسامحها مع الاحزاب المعادية للاجانب كحزب "اليسار" اليميني المتطرف الذي لا علاقة له بأيديولوجية اليسار، ولكن اسمه "فنستري" يعني "يسار". وتجرأ هذا الحزب على طبع منشوارت وصور معادية للاجانب. وتظهر في احدى مطبوعات الحزب صورة شاب اجنبي صغير متهم بالاعتداء الجنسي كتبت تحتها عبارة: "آن وقت التغيير" يتبعها امضاء رئيس الحزب اندرش فوغه. وأثار الاعلان الانتخابي ضجة سياسية في السويد اكثر من الدنمارك، اذ قال الناطق الاعلامي في الحزب الاشتراكي الديموقراطي السويدي توني اريكسون ان "الاعلان يذكرنا بالحملات النازية المعادية للاجانب وبطرق يورغ هايدر في النمسا من اجل كسب اصوات انتخابية". ولكن حزب "اليسار" ليس وحيداً في التسابق على كسب اصوات انتخابية من خلال حملات معادية للاجانب. فالاحزاب الدنماركية كلها تعزف حالياً على هذا الوتر من اجل الوصول الى البرلمان. واتهمت كتلة اليمين التي طالبت طويلاً بالحد من استقبال لاجئين في الدنمارك الا لأسباب مقنعة للغاية، الحزب الاشتراكي الحاكم بأنه يستخدم شعاراتها من اجل كسب المعركة الانتخابية. فالحزب الاشتراكي اعلن اخيراً انه مع تغيير قوانين الهجرة واللجوء من اجل ان تصبح اكثر صرامة. اما حزب الشعب الدنماركي فاختار خطاً اكثر تطرفاً من غيره تجاه الاجانب، اذ كتب على منشوراته الانتخابية ان "أي صوت يعطى للراديكاليين هو صوت يكسبه المسلمون والشيوعيون والنازيون". وفي الوقت الذي لا يتجرأ الساسة الدنماركيون على مهاجمة بعضهم بسبب سياسات معادية للاجانب، ارتفعت اصوات سويدية متهمة الدنمارك بالعنصرية، اذ كتبت صحيفة "افتونبلادت" السويدية في افتتاحيتها امس: "كنا نعتقد ان الدنماركيين شعب منفتح ومضياف، ولكن الحملة الانتخابية الحالية اثبتت ان هناك وجهاً دنماركياً آخر خلف القناع يحمل مواقف عنصرية". ووجهت منظمة العفو الدولية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين المنبثقة عن الاممالمتحدة، نقداً حاداً الى الاحزاب الدنماركية واتهمتها باستغلال مسألة اللاجئين للوصول الى السلطة. وقال السكرتير العام لمنظمة العفو الدولية ايرونه كاهن ان "جعل اشخاص بحاجة إلى المساعدة في اهم مسألة انتخابية شيء مغضب للغاية. يجب على السياسيين الا يضخموا مسألة الخوف من الاجانب، ومن المفترض ان ينظروا بواقعية الى خلف هذه الامور. فهؤلاء الناس بحاجة الى المساعدة وليس الى العداء". واتهم الناقد الاعلامي الدنماركي الشهير كارستن جنسن تلك الاحزاب باستغلال احداث نيويورك وواشنطن من اجل كسب اصوات دنماركية معادية للاسلام. وقال ان المسألة لم تقتصر على الاحزاب السياسية "فالكنيسة الدنماركية التي لم تعد تحظى الا بنسبة 7 في المئة من تعاطف الشارع الشعبي اختارت ان تستغل الاحداث الاخيرة لمصلحتها، وذلك بعد ان اعلن الكاردينال الدنماركي جان ليندهاردت ان الحرب في القائمة ليست حرباً ضد الارهاب بل هي حرب دينية بين المسيحية والاسلام". وشرح جنسن انه "بعد مرور تسعة اسابيع على احداث نيويورك انكشف ان هناك الكثير من الناس في الدنمارك تنفسوا الصعداء ولم يروا في الهجمات أي شيء محزن بل على العكس وجدوها مناسبة ممتازة للتعبير عن مواقفهم. لا اقصد السياسيين بل اعني عامة الشعب من كل الطبقات. هناك جهة تنتمي الى التيار اليساري او يشتكون من النظام العالمي الجديد، وجدت تلك الجهة في عمليات نيويورك رد فعل محقاً من العالم الفقير ضد الثري. ولكن هناك جهة اخرى تنمو بسرعة قوية وهي تلك التي تدعي ان ما توقعته كان صحيحاً حول ان المسلمين يريدون اشعال حرب دينية. ولكن عندما يطرح عليهم سؤال من هم هؤلاء المسلمون الذين يريدون الحرب فلا تجد عندهم جواباً مقنعاً". وتابع جنسن تحليله: "يوماً بعد يوم وأسبوعاً بعد اسبوع، تتحول الدنمارك الى مكان غير مريح للسكن. نحن بدأنا حربنا الخاصة. ونحن نشعلها من دون أي دعم من المسلمين".