} بيروت - "الحياة" - قوم رئيسا الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري في اجتماعهما امس، التحرك الذي أطلقاه ويتجاوز تأكيد رفض اللائحة الأميركية وما تضمنته من مطالبة بتجميد أرصدة "حزب الله"، إلى استقراء الموقف العام في المنطقة في ضوء التحول الحاصل في الحرب على افغانستان والتحرك الذي تعد له فرنسا لإيجاد مخرج للأزمة الفلسطينية - الإسرائيلية، من خلال مبادرة يستعد الرئيس جاك شيراك لإطلاقها يمكن ان تمهد الطريق لإحياء عملية السلام. وأبدى الحريري ارتياحه الى الأجواء التي سادت اجتماعه مع لحود مشيراً ايضاً الى الارتياح اللبناني الى نتائج المحادثات التي أجراها في الخارج، وكان آخرها زيارته الخاطفة لبرلين ولقاء المستشار الألماني غيرهارد شرودر اول من امس. وفي هذا السياق علمت "الحياة" ان لحود والحريري كانا على علم مسبق بالمبادرة التي سيطلقها شيراك الذي سيوفد بعد غد مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في الخارجية ايف اوبان دو لا ميسوزيير، حاملاً معه "المخرج اللائق" لإرضاء الفلسطينيين والإسرائيليين ليعرضه على الرئيسين السوري بشار الأسد واللبناني اميل لحود والملك عبدالله الثاني. وأكدت مصادر رسمية لبنانية الارتياح الى التحرك الفرنسي عقب الجولة التي قام بها شيراك اخيراً على المملكة العربية السعودية ومصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتزامنت مع اتصال مطول بين الرئيسين الفرنسي والسوري الذي كان استقبل موفداً فرنسياً، بعيداً من الأضواء، قبل الجولة. وأشارت ايضاً الى أن المبادرة الفرنسية المرتقبة تحظى بدعم المجموعة الأوروبية وروسيا، اضافة الى الولاياتالمتحدة، وتتميز عن الموقف الأميركي من "حزب الله" من دون الدخول في مشكلة مع واشنطن. وكشفت المصادر اهمية النصيحة التي أسدتها باريس الى دمشقوبيروت وطهران بتجنب الوصول الى أزمة بين هذه العواصم من جهة وواشنطن من جهة ثانية حول طلب الإدارة الأميركية تجميد ارصدة "حزب الله"، مؤكدة ان باريس لا ترى مصلحة في الدخول في مشكلة مع الأميركيين يمكن إسرائيل الإفادة منها، للتحريض على لبنان وسورية، خصوصاً أنها تراهن على تأزم العلاقة بينهما وبين واشنطن، ما يمكن ان ينعكس سلباً على الدعوة الأوروبية - العربية لواشنطن لتحريك العملية السلمية والامتناع عن اي خطوة تهدد الإجماع العربي والدولي على الحرب. وذكرت مصادر واسعة الاطلاع ان هذه النصيحة من العوامل التي دفعت الحريري الى الإدلاء اخيراً بتصريح اكد فيه ان لبنان "ليس في مواجهة مع الولاياتالمتحدة ونحن نتبادل معها المعلومات والآراء وعلاقتنا الثنائية جيدة"، متمنياً "ألا يعطى إدراج حزب الله وبعض المنظمات على اللوائح الأميركية اكثر من حجمه لأنه موجود منذ سنوات". وأوضحت المصادر ان دعوة الحريري الى عدم الدخول في مواجهة مع واشنطن لا تعني وجود اي استعداد لدى لبنان للتراجع عن موقفه الرافض للمطالب الأميركية ضد الحزب، بمقدار ما انه يستطيع توظيف تعاطف بعض الدول المؤثرة معه، في حواره مع واشنطن عن هذه القضية، وأضافت: "ان عدم التركيز على وجود معركة مفتوحة بين بيروتوواشنطن يقطع الطريق على إسرائيل التي تحاول التسلل من هذه النقطة لتوسيع شق الخلاف بين الطرفين، في محاولة للهروب إلى أمام حيال الضغوط التي تتعرض لها لوقف الحرب الدائرة ضد الفلسطينيين". وعليه يمكن القول ان لبنان نجح من خلال حملته الديبلوماسية في كسب تأييد عربي وأوروبي لوجهة نظره، على رغم التباين الذي بدا واضحاً بين الحريري وشرودر في الموقف من "حزب الله" والذي لم يبدل من حجم الاهتمام الأوروبي بدعم الوضع الداخلي اللبناني في تصديه للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية، وهذا ما عبر عنه ايضاً المستشار الألماني بتأكيده انه يدعم انضمام لبنان الى الشراكة الأوروبية الذي سيوقع اتفاقه بالأحرف الأولى في الأسبوع المقبل، اضافة الى استعداد بوش للمشاركة في مؤتمر باريس -2 الذي تجرى الاستعدادات لعقده في مطلع السنة المقبلة، ريثما يكون الوضع الدولي على خلفية التطورات الجارية في افغانستان قد انقشع على نحو يسمح بعقد المؤتمر.