تشكل ظاهرة الهجرة غير الشرعية الى إسبانيا مشكلة ذات وجهين. فهي من جهة تقلق السلطات الإسبانية التي تجد صعوبة في التعامل مع المهاجرين غير المنضبطين والساعين الى رزقهم بوسائل بعضها مخالف للقانون وممنوع، مع ما يستتبعه من إشكالات تصل الى حد ارتكاب الجرائم، ومن جهة ثانية، يعاني المهاجرون من سوء الأوضاع المعيشية والاعتداءات وحتى من محاولات القتل. وتثير قضية الهجرة الى إسبانيا نقاشاً واسعاً في البلاد خصوصاً بعد فشل اجراءات منع المهاجرين من الوصول الى الأراضي الإسبانية. ومعظم الوافدين يأتون بحراً من دول المغرب العربي وخصوصاً من المغرب والجزائر، ويعتبر معظم هؤلاء إسبانيا حلماً لهم يستحق المغامرة والتضحية احياناً. إذ ان البعض قد يقضي غرقاً قبل الوصول الى شاطئ جنته الموعودة. وإذا وصلت الزوارق سالمة الى الشاطئ فإن "ركابها" قد يتعرضون لعمليات ابتزاز، وحتى خطف طلباً لفدية من قبل عصابات محترفة. ويبدأ الحلم بالتبخر عندما يدخل المهاجرون في معمعة الحياة الجديدة. فالإقامة "سرية" في غياب الأوراق الرسمية وأذونات العمل. والعمل إذا وجد، هو عمل شاق ذو أجر ضئيل فضلاً عن انه يعرّض القائم به للتوقيف، وربما الطرد، في حال انكشف امره. والمشكلة ليست مقتصرة على الرجال، فالفتيات المهاجرات يتعرضن لظروف صعبة تدفع بهن الى هاوية الانحراف على ايدي عصابات منظمة تدير تجارة المخدرات والرقيق الأبيض. والواقع ان الشباب المهاجر الى اسبانيا يتعرض الى ظروف حياة صعبة وللإهانة، وذلك عائد لأسباب عدة منها: صعوبة التكيف لاختلاف اللغة وأسلوب الحياة، التمييز العنصري الذي يمارس ضده في احيان كثيرة، الاعتداءات التي تقوم بها جماعات متطرفة ضد ممتلكاتهم والتحركات المعادية للمهاجرين لمنعهم من العمل كالتظاهرة التي نظمت في بلدة لاس بيدروناس احتجاجاً على عملهم في جني محاصيل الثوم. هذا الوضع البائس، على رغم محاولات السلطات الإسبانية اعطاء الفرصة للمهاجرين بتشريع اقاماتهم، دفع بهؤلاء الى القيام بتظاهرات وتحركات وصلت الى حد إعلان الإضراب عن الطعام احتجاجاً على عدم تسوية اوضاعهم. غير ان الحقيقة تقتضي ايضاً الإشارة الى أن من بين المهاجرين مجموعة تسيء الى نفسها وإلى غيرها عبر ممارسات مخجلة كالاعتداء على الناس والتعرض بالبذاءة للسياح، والصياح في الشوارع والمتاجرة بالممنوعات... وهي ممارسات لا يبررها بالطبع الوضع الصعب الذي يعانيه هؤلاء المهاجرون.