تنوي ليبيا اطلاق مشروع جوي عملاق يهدف، للمرة الأولى، إلى تزويد القارة الافريقية بشركة مدنية للنقل الجوي قادرة على ربط بين أكثر من ألف مطار افريقي تنتشر فوق أكثر من خمسين دولة، إضافة إلى السعي إلى تحقيق ربط بين افريقيا وأوروبا وآسيا في المدى القصير، مع التوسع باتجاه الأميركيتين في الفترة اللاحقة. تنطلق في الأول من كانون الأول ديسمبر شركة طيران جديدة ينتظر أن تؤدي إلى تغيير قواعد الطيران التجاري في القارة الافريقية. وقال رئيس مجلس الادارة الكابتن صبري سعد عبدالله ل"الحياة" إن الشركة الجديدة ستحمل اسم "الخطوط الجوية الافريقية" وسيرمز اليها بالعربية والانكليزية بكلمة ال"افريقية"، على أن تشارك فيها رساميل عربية ودولية، وعلى أن تنفذ خطة توسع تقوم على اقامة تحالفات وشراء شركات طيران في عدد كبير من الدول الافريقية. وتم اختيار شعار الشركة الجديد الأسبوع الماضي، وهو سيشبه أرقام 9999 بالكتابة العربية. ويتوافق هذا الاختيار مع موعد اعلان قيام "الولاياتالمتحدة الافريقية" في التاسع من أيلول سبتمبر 1999، وهو اتحاد يضم كل الدول الافريقية الأربع والخمسين. ومن المتوقع أن تبرم الناقلة الجديدة خلال الشهور المقبلة صفقات عدة لشراء طائرات حديثة، بينها صفقة قد تقترب قيمتها من 500 مليون دولار تبرم مطلع السنة المقبلة، على أن يتواصل توسيع الأسطول وشراء طائرات جديدة خلال الأعوام المقبلة، مع تملك حقوق نقل أوسع داخل افريقيا وخارجها. وقال الكابتن صبري، وهو الرئيس الاسبق ل"الخطوط الليبية" إن الاعداد للمشروع الذي يحظى بدعم قوي في ليبيا "استغرق أكثر من عشرة شهور". وأضاف: "طُلب مني التفرغ لانجاز دراسة الجدوى والدراسة التشغيلية. ومنذ مطلع السنة تفرغت مع فريق عمل متخصص للقيام بهذه المهمة وإجراء الاتصالات التي يتطلبها تشكيل هذه الشركة وإقامة التحالفات الممكنة في سوق عملاقة مثل السوق الافريقية". وأشار إلى أن الرأسمال الأولي الذي قدمته السلطات الليبية يبلغ 100 مليون دولار "مع احتمال زيادته، وفق ما ينص عليه النظام الأساسي"، منوهاً إلى أن "الشيء الجديد في الشركة الجديدة هو فتحها أمام الاستثمارات الخارجية، وليس فقط الليبية". وزاد: "نحن في طور التفاوض حالياً مع مستثمرين آخرين يرغبون في شراء حصص، ومنهم بعض الشركات الأوروبية. ونجري أيضاً محادثات أبدينا فيها استعدادنا لبيع حصص لمستثمرين من القطاعين العام والخاص في كل الدول الافريقية". وكشف أن "ثمة محادثات جدية بلغت مرحلة متقدمة مع مستثمرين من أربع دول افريقية بينهم جنوب افريقيا". وأن "هناك شريكاً مصرياً محتملاً ومستثمرون آخرون أصغر حجماً نتفاوض معهم". وعلمت "الحياة" أن الشركة الجديدة ستحظى بدعم إحدى الشركات الأوروبية الكبيرة التي أبدت اهتمامها بالمشروع وبجدواه الاقتصادية. وستنطلق رحلات الشركات، التي سيعمل فيها عدد يراوح بين 100 و200 موظف في المرحلة الأولى، من مطاري طرابلس وبنغازي. وقال صبري: "سنستأجر ثلاث طائرات من طراز بوينغ 400-737 سعة الواحدة منها، بتوزيع الدرجتين السياحية والأعمال، 150 راكباً. وفي المرحلة الثانية التي ستبدأ في أيار مايو سنشتري ست إلى ثماني طائرات جديدة". وتصل قيمةالصفقة إلى نحو 500 مليون دولار وستبرم خلال الشهور المقبلة. وستذهب إما إلى "بوينغ" لشراء طراز "800-737" الحديث، أو إلى "ايرباص" لشراء طراز "320" المنافس، وهما طرازان عريضان، على أن تكون صيغة الصفقة شراء تأجيرياً يستمر لمدة عشر سنوات. وقال صبري: "نفكر في التوسع في استخدام طرازي بوينغ 800-737 وايرباص 320، خلال المرحلتين الثانية والثالثة، للتوافق مع حاجات السوق الافريقية الكبيرة"، مشيراً إلى أن "مفاوضات الشراء ستبدأ من الآن". ووقعت "الافريقية" كل الاتفاقات مع منظمة اياتا، ولديها حقوق نقل الى 54 دولة افريقية. وقال صبري: "هذا لايعني أننا سنشغل رحلاتنا في المرحلة الأولى إلى كل هذه الوجهات"، مشيراً إلى أن "المرحلة الأولى ستشمل تسيير رحلات إلى تسع وجهات، والمرحلة الثانية بعد ذلك بستة شهور ستشمل مضاعفة عدد الوجهات مرتين إلى 18 وجهة". وكشف أن خطة العمل الموضوعة "تتناول وصل بعض الوجهات داخل افريقيا، وبين افريقيا وأوروبا". وأضاف: "سنحاول الطيران، على سبيل المثال، إلى فرانكفورت وباريس وبروكسيل. وسنعمل مع الخطوط الليبية التي تملك حقوق نقل الى لندن، لنستطيع تأمين رحلات ربط لمسافرينا بين بريطانيا ودول الكومنولث الافريقية". ونبه إلى أن انهيار شركة "ايرافريك" تزامن مع انهيار "الأوغندية" و"النيجيرية" و"الرواندية"، في حين ليست هناك خطوط جوية وطنية في بلدان كثيرة في القارة السمراء، منها مالي وتشاد ونيجر والكونغو وزامبيا. وأضاف: "في وسط هذه الأزمات نطلق شركة طيران لديها امكانات نمو هائلة، وتتميز بوضع خاص. ولأن هناك انهياراً في شركات الطيران في السوق الافريقية فإن لدينا فرصة كبيرة للنجاح". وقال: "سياستنا أن نشتري حصصاً في شركات طيران في بعض الدول التي ترأس شركات طيران أو تلك التي لديها شركة طيران مسجلة ولكن لا تعمل، وسنعمد بالتالي الى اطلاقها مجدداً". وكشف أن "الافريقية" تدرس "مع شريك مغاربي تملك 80 في المئة من حصص الخطوط الجوية لدولة مالي واطلاقها لخدمة سوق وسط افريقيا وغربها". وتابع: "هناك شركة في نيجر اسمها ايرانترافريك بدأت في شباط فبراير الماضي. وقطعنا حتى الآن مرحلة متقدمة في مفاوضاتنا لشراء حصة فيها".