جنيف - أ ف ب - يلتقي وزراء تجارة دول العالم بين 9 و13 الشهر المقبل في الدوحة وسط اجراءات امنية مشددة في اطار المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة الدولية المخصص لاطلاق جولة جديدة من المفاوضات التجارية الدولية في الوقت الذي يشهد العالم تباطؤاً اقتصادياً شاملاً احدث موجة من القلق الدولي واسع النطاق. وسيشارك في مؤتمر الدوحة نحو 4500 شخصية بينها اكثر من الفي ممثل للحكومات و700 صحافي ونحو 600 مندوب لمنظمات غير حكومية. وسعياً منها لطمأنة الوفود التي اعربت عن رغبتها في نقل المؤتمر الى سنغافورة خشية وقوع احداث ارهابية، اكدت دولة قطر انها تعد من بين "الدول الاكثر اماناً في العالم". وتتفق الدول ال142 الاعضاء في المنظمة على الرغبة في عدم تكرار التجربة السابقة السيئة التي شهدها مؤتمر منظمة التجارة الاخير في سياتل في الولاياتالمتحدة عام 1999 والذي مني بالفشل على رغم أن الاوضاع الاقتصادية العالمية كانت افضل مما هي عليه الآن. وعزي السبب الرئيسي لعدم نجاح ذلك المؤتمر الى شعور الدول النامية بعدم استفادتها من الدورة الاقتصادية العالمية السابقة التي عرفت باسم "دورة اوروغواي" والتي امتدت بين عامي 1987 و1994. ولا يزال العالم حتى الآن يتذكر صور التظاهرات الغاضبة التي نظمها آلاف المناهضين لعولمة الاقتصاد في شوارع مدينة سياتل التي تحتضن عدداً من الشركات العملاقة مثل "بوينغ" و"مايكروسوفت". ومنذ سبعة اعوام، حلت منظمة التجارة الدولية محل "غات" الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفات الجمركية لتصبح اداة لا يمكن تجاهلها في العلاقات الاقتصادية الدولية. لكنها اصبحت في الوقت نفسه هدفاً للجماعات المناهضة للعولمة والتي تتهمها بفرض قواعد موحدة على الجميع قررتها الدول الكبرى. وترد منظمة التجارة على هذه الاتهامات بالتأكيد على ان ثلاثة ارباع اعضائها هم من دول العالم الثالث وان نحو ثلاثين دولة فقيرة تطرق ابوابها بقوة. كما انها تضم دولاً ذات اقتصادات ناشئة مثل الهند والبرازيل وان الصين ستنضم اليهما قريباً. وينتظر ان تكون ابرز وقائع مؤتمر الدوحة قبول الصين، تاسع اكبر قوة اقتصادية عالمية، الى جانب تايوان، كعضوين جديدين في المنظمة. ويمكن بعد التصديق على هذا الانضمام ان تصبح الصين مع نهاية العام الجاري عضوا فاعلا في المنظمة. على صعيد آخر، أبدت الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي اللذان ثارت بينهما خلافات تجارية عدة، رغبة مشتركة في العمل على اطلاق جولة تجارية جديدة من المفاوضات التجارية الدولية من الدوحة. ويشير المحللون الى ان اعادة بناء الثقة التي تبددت في مؤتمر سياتل تتطلب عملاً طويل الأمد، وهو ما يعتبره المدير العام للمنظمة النيوزيلندي مايك مور على رأس أولوياته. وحذر مور من ان فشل مؤتمر الدوحة في اطلاق مفاوضات تجارية موسعة سيفقد منظمة التجارة مصداقيتها. وأوضح ان مثل هذا الفشل سيضر بالدول الفقيرة التي تحتاج الى فتح الاسواق العالمية امامها. كما انه سيؤدي الى اكتفاء الدول بالتركيز على الاتفاقات التجارية الاقليمية وعلى اجراءات الحماية التجارية. ومن جهته، حذر رئيس البنك الدولي جيمس وولفنسون من ان الصراع الحالي في الشرق الاوسط سيكون له تأثيرات سلبية اخطر على الدول الفقيرة من الدول الغنية. ومع ذلك، فيمكن لكل هذه الاوضاع ان تشجع الدول الاعضاء في المنظمة والمنقسمة على نفسها حول العديد من القضايا التجارية، على تقديم تنازلات من اجل اطلاق دورة جديدة. لكن المراقبين لفتوا الى ان السؤال الذي لا يزال يطرح نفسه هو ما اذا كانت المفاوضات التي ستشهدها الدوحة ستنحصر فقط في اطار الملفات التجارية التقليدية مثل خفض التعريفات الصناعية او انها ستشمل اطلاق دورة جديدة طموحة تتضمن ملفات لم يتطرق اليها من قبل. وتبدي الدول النامية مخاوفها من الدخول في مفاوضات في شأن مسائل البيئة حيث تعتبرها بمثابة حماية تجارية "ذات صبغة خضراء" تريد الدول الغنية ان تفرضها عليها. وستختبر المنظمات غير الحكومية من جهتها مدى مرونة اتفاقيات منظمة التجارة في شأن السياسات الصحية وامكان الحصول على الادوية الضرورية لعلاج اوبئة مثل الايدز.