وجهت قيادات تنتمي الى الجنوب السوداني في حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم انتقادات حادة الى قيادة الحزب وطالبت الرئيس عمر البشير بالتدخل لوقف تهميش الجنوبيين في الحزب وعدم التنصل عن حق تقرير المصير للجنوب الذي اقرته اتفاقات وقعتها الحكومة مع قادة فصائل جنوبية. في غضون ذلك، كشفت انتخابات عضوية المكتب القيادي للحزب الحاكم التي اعلنت نتائجها امس خروج عدد من العناصر القيادية التي توصف بأنها "مشاغبة". وجه 23 قيادياً جنوبياً في الحزب الحاكم ابرزهم وزير النقل الدكتور لام اكول ونائب الرئيس السابق جورج كونقور مذكرة احتجاج الى الرئيس عمر البشير الذي يرأس في الوقت ذاته حزب المؤتمر الوطني الحاكم ينتقدون فيها "تهميشهم وعدم استشارتهم في شؤون الجنوب في ما يتصل بتعيين رئيس مجلس تنسيق الولايات الجنوبية ووزراء المجلس وحكام الولايات وتشكيل الحكومات الولائية". وذكر هؤلاء البشير بأنهم أيدوه في صراعه مع الامين العام السابق للحزب الحاكم الدكتور حسن الترابي، لكنهم لاحظوا في المذكرة التي حصلت "الحياة" على نسخة منها: "بعد الانشقاق الذي حصل داخل الحزب وبخروج الامين العام الترابي ومن معه وتكوينهم المؤتمر الشعبي، تغير الوضع تماماً، اذ بدأنا نلاحظ الاستهداف الواضح لعناصر منبر الجنوب التي وقفت معكم بصلابة من اليوم الاول للصراع" واعتبرت ان اول الادلة على ذلك "اعفاء نائب الرئيس السابق جورج كونقور من منصبه". واوضحت المذكرة ان تصريحات البشير ونائبه الاول علي عثمان محمد طه الاخيرة "يفهم منها التراجع عن اتفاقي الخرطوم وفشودة" اللذين وقعتهما الحكومة مع فصائل جنوبية في العام 1997، والتنصل عن حق تقرير المصير للجنوب الذي نصت عليه الاتفاقات الامر الذي "يهز الثقة في صدقية الحكومة والتزامها بالمواثيق والعهود". واتهمت المذكرة الحزب الحاكم بأنه "تحول الى كيان ضيق، وبدأ يتباعد عن المبادئ والاساسيات التي قام عليها، وبرز اتجاه لتجاوز الآخرين ومحاولة تيار معين" لم تسمه لتضييق الحزب. ورأت ان "هذه التدابير تتم من دون ان تكون هناك شفافية في اداء اجهزة المؤتمر" ودعت الرئيس الى التدخل لاعادة الامور الى نصابها. الى ذلك، اظهرت نتائج انتخابات اختيار 20 من اعضاء المكتب القيادي للحزب الحاكم خروج العناصر التي كانت توصف بأنها "مشاغبة" من التشكيل الجديد للمكتب وابرزهم وزير النقل الدكتور لام اكول، ومستشار الرئيس لشؤون السلام السابق مكي علي بلايل، ووزير الدولة للعدل السابق امين بناني، ومستشارة الرئيس لشؤون المرأة والطفل السابقة الدكتورة سعاد الفاتح. لكن وزير الزراعة عضو المكتب القيادي الدكتور مجذوب الخليفة نفى ان تكون انتخابات المكتب القيادي هدفت الى اقصاء احد من رموز الحزب وقياداته. وقال ل"الحياة" ان الانتخابات "جرت بشفافية وحياد ولم تشهد تكتلات جهوية او قبلية". وعزا عدم انتخاب قيادات معينة الى قلة الفرص مقارنة بالاعداد المرشحة. واعرب عن امله في ان "تراعى مرحلة الاستكمال اشراك القياديين الذين لم يحالفهم الحظ في الانتخابات". غير انه ذكر ان "التوازن لن يكون على حساب الفاعلية في المرحلة المقبلة". وضمت اللائحة التي فازت بعضوية المكتب القيادي 15 وزيراً ومسؤولاً من اصل 20 فازوا في الانتخابات، الامر الذي حمل على الاعتقاد بأن قيادات تعتبر مشاكسة جرى تغييبها عن عمد.