بسم الله الرحمن الرحيم في ما يخص الأحداث الأخيرة التي استجدت بعد حادث الحادي عشر من أيلول 2001 على رغم ما تقدم به أعضاء جماعة علماء المسلمين في أوروبا من اعلان مواقفهم الصريحة ضد عمليات الإرهاب على اختلاف أنواعها، غير ان بعض المستجدات الأخيرة على الساحة العالمية استدعى ان تقوم جماعة علماء المسلمين انطلاقاً من واجبها الشرعي الذي أكده الرسول الكريم في ما صح عنه من قوله صلى الله عليه وآله وسلم، "إذا ظهرت البدع فعلى العالم ان يظهر علمه"، بتجلية الموقف الإسلامي إزاء الأحداث الأخيرة، في شكل واضح والإعلان الصريح عن رأي الشريعة الإسلامية فيها، ومن هنا فإن جماعة علماء المسلمين في أوروبا تعلن ما يأتي: 1 - ان الإسلام دين الرحمة والخير والسلام والحب والحرية والعدالة للبشرية كلها. وانما بُعث نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم داعياً الى السلام والرحمة والحب للناس أجمعين. ومن أهم ما أكدته الشريعة الإسلامية واعتبرته واجباً مؤكداً على كل مسلم توفير الأمن والراحة والاستقرار لجميع الناس وإن لم يكونوا مسلمين. ومن أعظم الكبائر المحرمة التي شددت الشريعة على حرمتها وأكدت ضرورة الاجتناب عنها سلب الأمن أو الراحة عن الناس وارعابهم واخافتهم سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين. وعلى هذا جرت سنّة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه المؤمنين والتابعين لهم بإحسان الى يومنا هذا. وقد وصف الله سبحانه في كتابه نبينا محمداً بكونه رحمة للعالمين فقال: "وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين". فهو رحمة للناس أجمعين بل ولجميع العالمين. وقال سبحانه وتعالى: "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً". 2 - ان علمية الحادي عشر من أيلول سبتمبر الماضي جريمة منكرة يشجبها الإسلام شجباً قاطعاً، وترفضها تعاليم الدين الإسلامي رفضاً باتاً، فإن من أعظم الكبائر عند الله اراقة الدماء بغير حق، وارعاب الناس الآمنين من غير جريمة ارتكبوها. ومن المؤسف جداً أن تُستغل هذه الجريمة من قبل أعداء الإسلام وبمساعدة بعض وسائل الإعلام الغربية لتشويه سمعة الإسلام والإساءة الى المسلمين الذين هم أشد حرصاً من غيرهم على سلامة الناس وأمنهم، وعلى راحة الناس وسعادتهم. 3 - ان من أهم الأسباب التي تقف وراء هذا النوع من العمليات الارهابية هي الشرعية التي يضفيها على هذا النوع من الإرهاب موقف القوى الكبرى وعلى رأسهم الولاياتالمتحدة الأميركية. اننا نعتقد ان الولاياتالمتحدة الأميركية لها الدور الأكبر في خلق الأجواء المناسبة لظهور هذا النوع من الارهاب، بل وفي اضفاء الشرعية عليه، وذلك: أولاً - بدعمها الصريح والمتواصل للحكومة الاسرائيلية التي لا يوجد في العالم إرهاب أشد ولا أطول زمناً من ارهابها، فهل هناك من يجهل ما قامت به الحكومة الاسرائيلية من عمليات الابادة الجماعية للناس الأبرياء في دير ياسين وصبرا وشاتيلا وقانا وغيرها، وما تقوم به الآن في كل يوم من قتل الأطفال والشيوخ والناس الأبرياء، وهدم منازلهم، بل وقطع الأشجار وازالة مطلق آثار الحياة في الأراضي الفلسطينية؟ ان حكومة شارون تعلن على رؤوس الأشهاد انها تتبع سياسة الارهاب وتقوم بتنفيذها عملياً. وعلى رغم ذلك كله نجد أن أميركا تساندها في كل شيء، بالمال وبالسلاح وبالمواقف السياسية، بل وتقف الى جانبها في الأممالمتحدة ومجلس الأمن لتحول دون صدور أي قرار ضدها! ان هذا الدعم الصريح لإرهاب الدولة الاسرائيلية من دولة عظمى كأميركا يعتبر أقوى شيء في اضفاء الشرعية على العمل الارهابي. وهل هناك من عمل يضفي الشرعية على الارهاب أشد من الدعم الكامل الصريح وعلى مختلف الصعد والمستويات من دولة عظمى كأميركا لإرهاب معلن كإرهاب الدولة الاسرائيلية وحكومة شارون؟ ثانياً - بخلطها بين ما تقوم به قوى شعبية من الدفاع المشروع عن أرضها وعن حقها في الحياة كالذي يقوم به الشعب الفلسطيني المظلوم في الدفاع عن أرضه المحتلة وعن نفوس أطفاله ونسائه وشيوخه، وعن حقّه في السيادة والحياة، وما يقوم به الشعب اللبناني من الدفاع عن بلاده وسيادته على أرضه من جهة، وبين العمليات الارهابية والجماعات التي ترتكبها، من جهة أخرى. ان ما تقوم به أميركا من درج القوى الشعبية المدافعة عن أرضها وعن حقها في السيادة والحياة ضمن قائمة الارهاب والى وصف الجماعات الارهابية يشكّل دعماً معنوياً قوياً للارهابيين وتشجيعاً لهم في سلوكهم الارهابي، واضفاء للمشروعية على جرائمهم الارهابية. فأي تشجيع لقوى الارهاب أشد من جعلها في صف القوى المناضلة التي تناضل من أجل حق مشروع، وتكافح كفاحاً حقاً لا يشك في شرعيته أيّ انسان، ولا يرتاب في حقانيته أي ضمير انساني حر؟ اننا ومن موقع حرصنا على جدية الكفاح ضد الارهاب نؤكد أن من أولى شرائط جدية الكفاح ضد الارهاب، الكف عن دعم ارهاب الحكومة الاسرائيلية وعدم الخلط بين القوى الشعبية المكافحة ضد الظلم والاحتلال، وبين جماعات الارهاب. 4 - ان التنظيم الذي يدعى القاعدة وعلى أساس من التصريحات التي أدلى بها الناطقون عنه في وسائل الإعلام، تنظيم مرفوض اسلامياً، لا صلة له بالإسلام، ولا ينبغي ان تُُحسب مواقفه على حساب الإسلام والمسلمين. ان المواقف التي يدلي بها الناطقون باسم هذا التنظيم لا تنسجم مع تعاليم الإسلام ولا توافق الشريعة الإسلامية ولا صلة لها بكتاب الله وسنة رسوله، وليس في القائمين على هذا التنظيم من يحمل المواصفات التي تؤهله للافتاء طبقاً لكتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا عبرة بما يعلنه الناطقون باسم هذا التنظيم من الناحية الشرعية. 5 - في الوقت الذي نعلن بصراحة عدم شرعية حكومة طالبان لعدم شرعية الطريقة التي وصلت بها الى السلطة ولعدم انطباق سياساتها وتصرفاتها مع تعاليم الإسلام ومبادئه لكننا في الوقت نفسه نستنكر بشدة الهجوم على الشعب الأفغاني المسلم المظلوم، ونرى ان الأسلوب الذي اتخذته الولاياتالمتحدة في تعاملها مع الشعب الأفغاني المظلوب أسلوب لا ينسجم مع الأعراف الدولية ولا المعايير القانونية، ولا يرتضيه الوجدان البشري. نسأل الله سبحانه وتعالى ان يفرّج عن المظلومين في كل مكان وأن يمن برحمته على عباده المؤمنين. والحمد لله رب العالمين. جماعة علماء المسلمين في أوروبا 28 رجب 1422ه - 16/10/2001