أكدت مصادر ديبلوماسية غربية في عمّان، أمس، أن مسألة إطاحة أو عدم إطاحة النظام العراقي سيقررها حسم الخلاف بين اجنحة السلطة في واشنطن في ضوء حسابات المصالح الاميركية في المنطقة، وليس الحرص على مستقبل العراق او حسابات الدول المجاورة له. وأوضحت المصادر ل"الحياة" ان واشنطن "ستأخذ في الاعتبار مواقف ومصالح الدول الصديقة في المنطقة"، لكنها "لن تدع تلك المواقف والمصالح تقف في وجه المصالح الاميركية التي ستعطى الأولوية القصوى ضمن حسابات الأمن القومي الاميركي". وأشارت الى ان الرئيس الاميركي "سيضطر قريباً إلى حسم الخلاف داخل إدارته بشكل أو بآخر، على رغم حرصه على بقاء الحكومة الاميركية موحدة في مواجهة الارهاب الدولي". وكانت مصادر أردنية رفيعة المستوى كشفت ان الولاياتالمتحدة ستعيد فتح ملف اسلحة الدمار الشامل في العراق في كانون الاول ديسمبر المقبل لمحاولة إقرار مشروع "العقوبات الذكية" الذي كانت اضطرت الى التخلي عنه بسبب تهديد روسيا باستخدام حق النقض ضده في مجلس الأمن. وذكرت ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول اطلع الاردن على أن الادارة الاميركية "ستعيد فتح ملف العقوبات ومسألة عودة المفتشين الدوليين لاستئناف عملهم" الذي توقف منذ ثلاث سنوات بعد عملية "ثعلب الصحراء". ولفتت المصادر الى ان العراق "قد يواجه عمليات عسكرية اميركية قد تقود الى إطاحة نظامه في حال رفضه تطبيق العقوبات الجديدة والسماح بعودة المفتشين الى العراق لضمان تدمير برنامج اسلحة الدمار الشامل لديه". وأوضحت ان توقيت اعادة فتح ملف العراق "له علاقة بإنهاء العمليات العسكرية الاميركية في افغانستان، وانقضاء شهر رمضان لتفادي ضرب العراق خلال الشهر المقدس لدى المسلمين". وأعلن الاردن في مناسبات عدة رفضه اطاحة النظام العراقي او استخدام القوة في التعامل مع مسألة أسلحة الدمار الشامل في العراق. وطالب رئيس الوزراء علي ابو الراغب بفتح حوار مع العراق من خلال الاممالمتحدة لضمان حل سلمي للأزمة او التحاور مباشرة بين بغدادوواشنطن. إلا ان المسؤولين الاميركيين جددوا رفضهم فكرة التفاوض مع العراق، كما تركوا الباب مفتوحا على كل الاحتمالات إزاء كيفية التعامل مع العراق في مرحلة لاحقة. وتشعر الحكومة الأردنية بالقلق ازاء احتمال لجوء الادارة الاميركية الى تصعيد عسكري مع العراق قد يؤدي الى نزوح مئات الآلاف من العراقيين الى الاردن، فضلاً عن احتمال وقف امدادات النفط العراقي الى المملكة بأسعار تفضيلية. وكانت واشنطن طمأنت الاردن إبان بحث مشروع العقوبات الذكية الى أنها ستقدم "تعويضات" للدول المتضررة من تطبيقها وبخاصة الأردن في حال قطعت بغداد امداداتها النفطية الى المملكة. وكان العراق هدد بقطع النفط ووقف التجارة مع اية دولة تطبق العقوبات الأميركية - البريطانية المقترحة. كما أعربت مصادر حكومية أردنية عن قلقها ازاء رد الفعل الشعبي في حال ضرب العراق، خصوصاً في ضوء وجود لجان شعبية مؤيدة للعراق في كل محافظات المملكة، وجماعات ضغط مؤثرة ترتبط بالمصالح الاقتصادية بين البلدين. وتمكن العراق، بإبرامه صفقات تجارية مع روسيا من اقناعها برفض المشروع الجديد، ما دفع واشنطن ولندن الى ارجائه ستة أشهر. غير ان الوضع تغير بعد احداث 11 ايلول سبتمبر، واعاد صوغ العلاقات الاميركية - الروسية بشكل يضمن دعم موسكو للعقوبات التي يتوقع ان يعاد فتح ملفها في كانون الاول المقبل.