اشتبكت الوحدات الخاصة الباكستانية في محيط قاعدة جاكوب آباد الجوية في اقليم السند أمس مع آلاف المتظاهرين الأصوليين الذين حاولوا اقتحام القاعدة المستخدمة في الضربات على أفغانستان. كذلك سارت تظاهرة ضخمة في شوارع إسلام آباد وكراتشيوبيشاور ردد المشاركون فيها هتافات ضد التعاون بين حكومة بلادهم والولايات المتحدة . وسقط نتيجة المواجهات بين الجانبين في ضواحي جاكوب آباد ستة قتلى، بينهم رجل أمن وأصيب 12 آخرين بجروح. ونجح المتظاهرون في اقتحام حواجز أمنية أقيمت على بعد 25 كيلومترا من القاعدة ووصلوا إلى بعد أمتار منها . وحتى ساعة متقدمة مساء لم تتضح صورة الموقف، فيما أعلن أن رجال الأمن اعتقلوا ألفين من المتظاهرين الذين رددوا هتافات معادية للولايات المتحدة. وأفيد أن من بين القتلى نجل أحد زعماء التنظيمات الأصولية التي دعت إلى التظاهرة . وتغيب عن التظاهرات الزعيمان الأصوليان البارزان فضل الرحمن و سميع الحق الموضوعان قيد الإقامة الجبرية، فيما شجعت الجماعة الإسلامية بزعامة قاضي حسين أحمد أنصارها على المشاركة فيها بكثافة تلبية لدعوة وجهها نائب زعيم "جمعية علماء الإسلام" عبد الغفور حيدري إلى محاصرة القاعدة . و أبلغ مفوض الشرطة في جاكوب آباد أختر علي شاه الصحافيين أنه تلقى تعليمات صارمة من الحكومة بالتعامل بحزم شديد مع المتظاهرين، خصوصاً أن تحركهم يأتي عشية وصول وزير الخارجية الأميركي كولن باول إلى إسلام آباد لإجراء محادثات تتعلق بالتعاون بين الجانبين . ونقلت وكالات الأنباء عن رياض دوراني وهو أحد قادة الجمعية قوله "ان الأميركيين سيعودون إلى بلادهم جثثاً هامدة في أكياس"، وذلك في أعقاب تأكيد حيدري أن الأصوليين الباكستانيين يعارضون الوجود الأميركي في بلادهم . وكانت أثارت الاستياء شهادات سكان محليين لاحظوا الطائرات العسكرية الأميركية تقلع من القاعدة القريبة من الحدود بين ولايتي السند و بلوشستان و تهبط فيها، خلال الضربات على أفغانستان . ومنذ الصباح تجمع نحو 2500 متظاهر قدموا في حافلات وسيراً على الأقدام أمام حواجز عند مداخل المدينة أقامتها القوات الخاصة التي استنفرت ثلاثة آلاف من عناصرها . وبعد اشتباكات بين الجانبين تفرق المتظاهرون مجموعات صغيرة تمكنت من الدخول إلى وسط المدينة مخترقة الحواجز الأمنية تباعاً حتى وصلت إلى بعد مئات الأمتار من القاعدة . ولم تتوافر معلومات عن مصير القوات الأميركية في القاعدة حيث ترابض طائرات مقاتلة، علماً أن الحكومة الباكستانية أثارت لغطاً بنفيها وجود هذه القوات على أراضيها وعودتها إلى تأكيد ذلك مع الحرص على الإشارة أن مهمة هذه القوات ليست قتالية بل لوجستية. كراتشي و إسلام آباد وفي الوقت نفسه سارت تظاهرات صاخبة في كل من كراتشي و بيشاور و إسلام آباد حيث يعتقد بان قوات أميركية انتشرت في أربع قواعد جوية في تلك المدن ، وكانت هذه التظاهرات أقل عنفاً، فيما يتوقع أن تشهد أنحاء باكستان احتجاجات مماثلة في ظل إضراب عام دعت إليه التنظيمات الأصولية اليوم . و أثارت التظاهرة في إسلام آباد جواً من القلق بين المسؤولين خصوصاً و أنها أقيمت على بعد أمتار من فندق "ماريوت" حيث مقر إقامة الصحافيين الأجانب ومبان باكستانية رسمية . ولوحظ أن إجراءات أمنية مشددة اتخذت في محيط مقر إقامة الرئيس برويز مشرف تحسباً لاضطرابات محتملة عشية وصول وزير الخارجية الأميركي. وشملت هذه الإجراءات نشر آلاف من عناصر الجيش على الطريق الممتد من المطار إلى راولبندي، مما دفع المراقبين إلى الاعتقاد بان ثمة حال قلق داخل القيادة العسكرية من انعكاسات المواجهات مع الشارع . وفي الوقت نفسه سادت مخاوف من انتقال التوتر إلى كشمير حيث تحدى زعيم حركة "جيش محمد" مسعود أظهر السلطة، معربأً عن رفضه التزام ما وصفه بالتعليمات الأميركية. ولا يستبعد أن تقدم الجماعات الكشميرية على تنظيم تظاهرات أو شن هجمات ضد أهداف هندية داخل الشطر الكشميري الخاضع لسيطرة نيودلهي مما يعزز المخاوف من ارتفاع حدة التوتر بين الجارتين النوويتين . و سيكون الوضع المتوتر في كشمير في صدارة المحادثات التي يجريها باول مع مشرف ووزير الخارجية الباكستاني عبد الستار اليوم كما تشمل المحادثات سبل تعاون إسلام آباد مع الحملة الأميركية ومستقبل الحكم في أفغانستان.