لم يكن وباء الجمرة الخبيثة "أنثراكس" ليلفت الانتباه لولا استخدامه في تركيب الاسلحة الجرثومية. ويعتبر "الجمرة الخبيثة"، الذي تسببه جرثومة "باسيلوس أنثراكس" BACILLUS ANTHRAXIS عضوية الشكل، من أمراض الماشية أساساً، خصوصاً ذات الحوافر مثل الاحصنة والخراف والجمال والابقار وما اليها. وينتقل من الماشية المصابة الى البشر، اذا خالطوها على نحو مستمر، كما هو حال الرعيان مثلاً، أو في حال التعامل المستمر مع بقايا الماشية وروثها وأحشائها. وتستطيع الجرثومة العيش في التراب سنوات طويلة، وهذا من مصادر الخوف من هذا الوباء. ومن النادر تماماً ان ينتقل الانثراكس من انسان مصاب الى آخر، حتى لو قام برعايته أو سكن معه في المنزل نفسه. ولذا يعتبر الخوف من انتقال العدوى بين البشر غير مبرر، على رغم عدم وجود لقاح ضد المرض. تمر الجرثومة بعد دخولها الى الانسان، في فترة حضانة تستمر أسبوعاً، ثم تعطي واحداً من ثلاثة أشكال من المرض: جلدي وتنفسي ومعوي. وفي حال انتقال الجرثومة من طريق الملامسة، يظهرانتفاخ جلدي أحمر مؤلم بعد يومين من الاصابة، سرعان ما يتحول الى قرح مفتوح يحتوي على دائرة سوداء اللون فيها جلد ميت. ثم تظهر على المريض أعراض حمى وتنتفخ العقد اللمفاوية المجاورة لمكان الاصابة. وفي أزمنة ما قبل اكتشاف المضادات الحيوية، أصاب الموت 20 في المئة من الحالات، وهو أمر بات نادراً في الوقت الراهن. ويؤدي تنشق جرثومة أنثراكس الى أعراض تنفسية تشبه الانفلونزا الحادة، يليها ضيق متواصل في التنفس مع ارتفاع درجة حرارة الجسم تدريجاً وصولاً الى حال من الصدمة التي تسبق الموت. وفي حال تلوث الاطعمة، خصوصاً اللحوم، بالجمرة الخبيثة، تظهر أعراض مثل الأوجاع الحادة في البطن والقيء والاسهال الذي يخالطه دم، اضافة الى الوهن العام وارتفاع الحرارة والاعراض عن الطعام. وتصل نسبة الوفيات في هذه الحالات الى ستين في المئة، ما لم يعطَ العلاج المناسب، خصوصاً المضادات الحيوية.