خطت السلطات البريطانية أمس خطوة بالغة الدلالة على نيّتها تسريع إجراءات ترحيل المطلوبين المشتبه في ضلوعهم في الإرهاب. إذ أبلغ وزير الداخلية ديفيد بلانكيت السلطات الفرنسية موافقته على تسليمها الجزائري رشد رمدة المتهم بالضلوع في عمليات التفجير التي استهدفت محطات المترو في باريس صيف العام 1995. وأثارت قضية رمدة جدلاً كبيراً بين لندنوباريس على مدى السنوات الماضية. إذ اعتبر الفرنسيون ان جيرانهم الانكليز يتباطأون في تسليمهم الناشط الجزائري الموقوف على ذمة طلب تسلميه الى باريس منذ تشرين الثاني نوفمبر 1995. لكن لندن أوضحت دائماً ان قرار ترحيله ليس بيد الحكومة بل القضاء. وكان طلب تسليم رمدة الى فرنسا محور معركة قضائية دامت ست سنوات، ومرت عبر أكثر من محكمة: من بو ستريت ماجستريت محكمة البداية، الى المحكمة العليا، الى مجلس اللوردات الذي كان آخر هيئة قضائية ترفض طلب استئناف قرار الترحيل قبل سنتين ونصف. لكن لا يزال يحق لمحامي الجزائري تقديم طلب استئناف جديد ضد قرار بلانكسيت خلال سبعة أيام. وقالت غاريث بيرس، محامية رمدة، انها ستستأنف فعلاً قرار الترحيل في المهلة التي يمنحها إياها القانون 7 أيام. وأوضحت ل"الحياة" ان الاستئناف سيُقدّم أمام المحكمة العليا، وانها تأمل بأن يتراجع وزير الداخلية عن قراره. وتابعت ان الحملة الإعلامية التي تعرّض لها موكلها في وسائل الإعلام الفرنسية "لا يمكن ان تسمح له بمحاكمة عادلة في باريس". وأشارت أيضاً الى ان النظام القضائي الفرنسي يُقيّد هامش تحرك محامي الدفاع ويمنح هامشاً واسعاً، في المقابل، للإدعاء العام. وقالت: "لو كان رشيد يعرف انه سيلقى محاكمة عادلة في فرنسا لكان وافق على طلب تسليمه منذ اليوم الأول". ويتهم القضاء الفرنسي رمدة بالتورط في عدد من الاعتداءات شهدتها باريس في 1995. ويريد خصوصاً محاكمته، مع ناشط ناشط اسلامي آخر، بتهمة المشاركة في اعتداءين، الأول استهدفت محطة المترو السريع في "سان ميشال" واوقع 8 قتلى و150 جريحاً والثاني امام محطة المترو "لا مازون بلانش" واوقع 18 جريحاً. وتبنّت "الجماعة الإسلامية المسلحة" الجزائرية هذه الاعتداءات. ويُزعم ان رمدة "أبو فارس" كان مسؤولاً في نشرة "الأنصار" السرية الصادرة في لندن والقريبة من "الجماعة المسلحة". وحاكمت فرنسا عدداً من المتورطين في اعتداءات 1995 وعلى رأسهم "خبير المتفجرات" اسماعيل آيت بلقاسم و"منسّق الشبكة" بوعلام بن سعيد. وهما نالاً حكمين بالسجن عشر سنوات. وفي حال نحاج لندن في ترحيل رمدة، فإن ذلك سينعكس على الأرجح على غيره من الناشطين الذين ينتظرون بت طلبات تسليمهم الى دول أخرى. ويأتي على رأسهم السعودي خالد الفواز والمصريان عادل عبدالمجيد وابراهيم العيدروس تطلبهم الولاياتالمتحدة منذ 1998 في قضية تفجير سفارتيها في شرق افريقيا، والجزائري عمّار مخنوليف "الدكتور" و"أبو ضحى" المطلوب أيضاً في الولاياتالمتحدة في قضية مؤامرة تفجير مطار لوس أنجيليس التي حاول الجزائري الآخر أحمد رسام تنفيذها في نهاية 1999. وقدّمت الولاياتالمتحدة أخيراً طلباً لتسلّم الطيار الجزائري لطفي الريسي المتهم بتدريب الطيارين "الانتحاريين" المسؤولين عن اعتداءات 11 ايلول. وتطلب فرنسا، من جهتها، تسلّم جزائري يدعى مصطفى لبسي بزعم علاقته بمحاولة لتفجير محطة شرطة في ليل سنة 1996. وفي باريس رويترز، أعلنت وزيرة العدل الفرنسية ماري ليز ليبرانشو ان لندن وافقت على تسليم رمدة. وأضافت لراديو "اوروبا 1" ان هذا التعاون هو النموذج الأول على تحسن التعاون بين الدولتين منذ ان اتفقتا على انتهاج سياسات مشتركة في اعقاب الهجمات التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة في 11 ايلول سبتمبر الماضي.