عقب ذيوع الخبر أخيراً عن اتحاد شركتي "كومباك" و"اتش بي" لتكوين شركة عملاقة، وعدت مديرة "اتش بي" كارولين فيورنا بأن هذا الاندماج من شأنه خلق "ماكينة اختراع حقيقية". وهذا كلام يستدرج نقاشاً. ففي العادة، يوصف ب"الاختراع" ما يأتي بجديد في العلم والتكنولوجيا، لا يكون موجوداً قبلاً. ويمكن للاختراع ان يكون قفزة نوعية لما هو موجود ومتاح تأخذ به الى نواح أبعد، ما يغيّر جذرياً في أوجه استعماله المختلفة. فمثلاً، وفي حوالى 1900 قبل الميلاد اخترع البابليون النظام السداسي في الحساب الذي نعرفه اليوم، والذي أعطى الأرقام قيمتها بحسب موقعها في تسلل الأعداد، وأحدث ذلك الاختراع قفزة نوعية في الحساب البابلي، ما مكّن من ضبط عمليات الحساب وحصرها في ثلاثة أنواع مختلفة. وإذا نظرنا الى تاريخ الكومبيوتر، نجد ان الأجهزة كانت ماكينات ضخمة ومرتفعة الثمن، واقتصر استعمالها على المؤسسات الضخمة قبل فترة السبعينات. وفي العام 1970 طوّر تيدهوف العامل في شركة انتل، أول مشغل microprocessor أطلق عليه آنذاك اسم 4004، وهو مهد لظهور الأجهزة الشخصية والمكتبية. ولولا هذا التطوير لبقي الكومبيوتر طَيّ المختبرات الكبرى والمؤسسات العملاقة. وفي العام 1981 أطلقت شركة "آي بي أم" أول كومبيوتر للاستعمال الشخصي مستهلة ثورة المعلوماتية للأفراد في العالم. فماذا عن الاختراع الذي وعدت به فيورنا؟ ما بات معروفاً عن هذا الاندماج، هو انه سيساعد على التخلص من آلاف الوظائف، ما سيعني زيادة في البطالة، اضافة الى قدرته على صنع مركز قوي للاستئثار بالأسواق، وينحو بالشركة المنتظرة نحو وضع يضعها على حافة الاحتكار.